الطريق الثالث – بكري المدني

أين طه؟!

ما من شخصية ملأت الدنيا وشغلت الناس لوقت من الأوقات بالسودان في السنوات الأخيرة مثل الفريق طه الحسين مدير مكتب الرئيس السابق عمر البشير أو (مكاتب) كما كان يحلو له الجمع.

شغل طه الناس لأن الرجل صعد بصورة كبيرة من قاعدة متواضعة في العمل الخاص والعام فقبل أن يدخل الفريق طه للقصر الجمهوري كان مجرد موظف عادي وحتى عمله في السياسة كان في الجانب الفني للحركة الإسلامية وفيما عرف وقتها بمكتب المعلومات وهو عمل استخباري لا يتيح لصاحبه شهرة أو علاقات عامة معتبرة.

إدارة مكتب الرئيس السابق نفسها كان من الممكن على أهميتها ألا تكون بذات القدر والروح التي نفخها فيها الفريق طه الحسين والذي استطاع في فترة وجيزة أن يتحكم في مقابلات البشير وقطع حتى حبل التواصل المستمر بينه وبين مدير الجهاز السابق الفريق قوش قبل أن يتسبب في الإطاحة به كما تقول أغلب الروايات.

انطلاق طه السريع في عمله بالقصر الجمهوري وتنفذه بشكل كبير ومؤثر كان ينذر بانفجار الأرض تحت أقدامه خاصة وأن الرجل كان يعمل في نظام يديره تنظيم سياسي معقد ومركب لا يجعل فرده الذي يغرد خارج القنوات يعلم متى وأين وكيف يمكن أن تأتيه (الضربة)!

لم تكتمل سعادة من أسعدهم خبر إقالة الفريق طه الحسين من موقعه بالقصر الجمهوري إذ ظهر الرجل بعد أقل من 48 ساعة مستشارا في الخارجية السعودية بتابعية ملكية كاملة الدسم الشيء الذي لم يتوفر لغيره ممن عملوا في أرفع التخصصات لسنوات في المملكة!

لم يبتعد طه الحسين السعودي بموقعه الجديد عن الأحداث والأشخاص في السودان، ولقد أتاحت له المسؤولية عن الملف الإفريقي في الخارجية السعودية سهولة الحركة والتأثير في الواقع السوداني المرتبط بالمواقف السعودية كلها.
لم يستبعد كثيرٌ من الناس أن يكون للفريق طه الحسين دور في إفساد خطة الفريق أول صلاح قوش مدير جهاز الأمن السابق في الثورة السودانية نظرا للخلافات القديمة والكبيرة بين الرجلين.

توقع الكثير من الناس أن يكون للفريق طه الحسين أيضا دور كبير في الملف السوداني بعد الثورة وخروج الفريق أول صلاح قوش من المشهد ولكن ذلك الدور لم يقم ولم يظهر وكان آخر ظهور لطه في شأن يخص السودان بالجلباب والعقال السعودي كأي موظف عام عادي عند زيارة الفريق أول حميدتي للمملكة.

في الزيارة الأخيرة والكبيرة لأكبر أعضاء في الحكومة السودانية للمملكة العربية السعودية، ممثلين في رئيس المجلس السيادي ورئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء لم يظهر الفريق طه لا بالزي السعودي ولا الزي السوداني ولا حتى الإفرنجي. وكان بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يفحصون بدقة صور اللقاءات ويبحثون فيها عن (طه)!

السؤال المهم اليوم: أين الفريق طه الحسين؟! وهل اختفى من المشهد السوداني فقط أم اختفى من المشهد السعودي أيضا؟ وأهمية السؤال تنبع من أهمية الأدوار التي شغلها الفريق طه الحسين وشغل بها الناس والدنيا في الفترة الأخيرة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.