إقالات وتعيينات حمدوك.. تباين في المواقف

الخرطوم: إيمان كمال الدين

تسنم رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مهامهُ رسميًا منتصف أغسطس الماضي، تجددت المطالب التي حملها الشارع، منذُ بدأ ثورة ديسمبر. وكانت إقالة رموز النظام السابق أحد أبرز وجوهها. ولعل إقالة المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إسماعيل عيساوي، إحدى أكثر المطالبات التي لم تهدأ وتيرتها حتى أُعفي الرجلُ من منصبه.

الإقالات بطبيعة الحال لم تتوقف عند التلفزيون القومي، بل امتدت لقطاعات عدة في الدولة بعضها وجدت حظها من الإشادة، وأُخرى تباينت الآراء حولها، بين مؤيدٍ ومعارضٍ على الرغم من وصف البعض لمعارضي هذه القرارات بأنهم من منسوبي النظام السابق، فيما تمضي أراءٌ أخرى إلى القول بأن التعيينات والإعفاءات تأتي في إطار تطبيق مطالب ثورة ديسمبر وتفكيك التمكين الذي قام بها النظام السابق في مؤسسات الدولة.
وقد أجرى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مؤخرًا الكثير من الإقالات والتعيينات في مؤسسات الدولة.

التعليم العالي
إحدى القرارات التي وجدت حظها من التناول بالنقد سلبًا وإيجابًا هو ما قامت به سابقًا وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي د.انتصار صغيرون عقب دفع عدد من مديري الجامعات باستقالتهم، وقتها أصدرت الوزيرة قرارًا نص في إحدى سطوره على أن يكون من يتم اختيارهُ لمنصب مدير الجامعة مؤمنًا بميثاق الحُرية والتغيير وألا يكون لهُ نشاط سياسي صارخ.
هنا تباينت الآراء بين مؤيدٍ ومعارض، إذ انبرى البعض بالنقد مشيرين إلى تقدمهم في صفوف الثورة ولكن بلا انتماء أو إيمان بميثاق الحُرية والتغيير، فيما أيّد البعض هذا القرار لجهة أنهُ سيكون خطوةً أولى في تفكيك التمكين وتحقيق مطالب الثورة والبدء بإصلاح الخدمة المدنية.

بقاء الكفاءات
أحد مصادر انتقاد موجة الإعفاءات والتعيينات كانت نابعة من آراء تشير إلى ضرورة وضع معيار الكفاءة والمحاسبة لمن هم في المناصب قبل اتخاذ أيّ إجراء فعلي ضدهم. وإزاء هذه المخاوف، قال وزير المالية إبراهيم البدوي، في حوار سابق لـ(السوداني)، إن هناك عددًا كبيرًا جدًا في وزارة المالية وبوزارات أخرى من غير المؤهلين، وهؤلاء، بغض النظر، عن أنهم محسوبون على النظام السابق أو غير محسوبين عليه، إلا أننا لا نستهدف فئة اجتماعية بعينها؛ وبغض النظر عن أهدافهم السياسية فإن أيّ معالجة بشأنهم لا بد أن تتم بالقانون، وأضاف: وحتى لو صدر قانون سنلجأ إلى وسائل فيها مناقبية مهنية وأن تتم إعادة تقييم المؤهلات.
بالمقابل، قال المستشار السابق بمجلس الوزراء بروفيسور حسين أبو صالح في حديثه لـ(السوداني): إن الوثيقة الدستورية أشارت إلى إزالة التمكين الذي تم في النظام السابق بمؤسسات الدولة، مشيرًا في ذات الوقت إلى أن ما يتم الآن هو عبارة عن إزالة تمكين وتمكين جديد قد يخلق حالة احتقان في الشارع واستقطاب بين اليمين واليسار، وأضاف: ما يتم الآن ليس محل اتفاق.

إصلاح مؤسسات
من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي محمد جامع في حديثه لـ(السوداني)، أن هذا من مطالب الثورة وما نصت عليه مواثيق قوى الحرية والتغيير من إصلاح مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أنهُ لا يُمكن إجراء إصلاح حقيقي في أجهزة الدولة من غير إحلال وإبدال، وأضاف: وزيرة الخارجية أسماء محمد عبد الله قالت مجيبةً على سؤال حول كون وزارة الخارجية يعتبرها البعض دولة عميقة للنظام السابق فهل من اتجاه لثورة داخل الوزارة بغرض إزالة هذا التمكين، وأشارت الوزيرة إلى أنها ستقوم بمراجعة الأداء والمؤهلات وأبرز الإنجازات، وبناءً على ذلك سيتم اتخاذ القرارات.
ويرى جامع أن غالبية الوزارات والجهات الحكومية كانت تعمل عن طريق تمكين الكوادر الحزبية للمؤتمر الوطني أو الأحزاب المتحالفة معهم.

تعيين كفاءات
وحول من يمضي للقول إن التعيينات التي تمت مؤخرًا هي تمكين لتحالف قوى الحُرية والتغيير، يقول جامع: لو كانت كذلك ينبغي أن يكون المحسوبون على قوى الحُرية والتغيير كفاءات لضمان تنفيذ البرنامج ولضمان عدم موالاته لجهة أُخرى، مشيرًا في ذات الوقت إلى أن معظم من تم تعيينهم أسماء غير معروفة عدا بعض التعيينات التي كانت لها علاقة بالتخصصات، لافتًا إلى أن تعيين د.أسامة الخليفة خضر مديرًا عامًا لوزارة الصحة يدل على أن قوى الحُرية والتغيير مهتمة بتعيين كفاءات حتى لو لم يكونوا من الموقعين على إعلان قوى الحُرية والتغيير.

إصلاح الخدمة
في ذات السياق، اعتبر المحلل السياسي الحاج حمد في حديثه لـ(السوداني)، أن ما خلفهُ النظام السابق في الخدمة المدنية كان أحد أسوأ التركات التي خلفها النظام في الدولة إذ درجت على التعيين على أساس الهوية السياسية أو الفصل على ذات الأساس، دون اعتبار للكفاءة السياسية، واتجهت إلى استهداف النقابيين وعدم التعامل بحياد، وأضاف: هذا الاختلال في المفاهيم ابتدرته الإنقاذ.
واعتبر الحاج أن حملة الإعفاءات والتعيينات الحالية اقتضتها ضرورة العمل على مهنية وحيادية المؤسسات التي تحولت في وقت سابق لإقطاعيات، واصفًا حركة التغيير التي تجري بالبطيئة، مطالبًا بضرورة أن لا يقف التغيير على الأشخاص فقط بل السياسات التي تعمل على تجفيف موارد “الطفيليات”، وأضاف: هذه الخطوات على بطئها تمضي في طريق إصلاح الخدمة المدنية التي حدث لها استلاب كامل.
بالمقابل، يرى حسين أبو صالح، أنهُ يجب العمل على عدم تأجيج الصراعات، لافتًا إلى أن هذه الطريقة لا تؤدي لإصلاح الخدمة المدنية، داعيًا إلى تكوين لجنة مختصة لمراجعة الخدمة المدنية وحملة الشهادات في مؤسسات الدولة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.