حتى لا ننسى منى الفاضل

حبيبي لو هجرني بحبه ما بعادي

شارك الخبر

جميعنا مررنا بمرحلة طفولة تتخللها الكثير من الشخصيات.. فمن رفقائك الذين لن تنساهم طيلة حياتك (بريء، متسلط، مشاكس، كذاب، أناني، مصلحجي، صاحب، وهلمجرا)، وعندما نكبر وننظر لأطفال آخرين في أماكن مختلفة ، ونراقب أسلوب لعبهم وشقاوتهم تتداعى بداخلنا شخصيات الرفقاء القدامى ونجد كل طفل منهم يمثله واحداً من مجموعة الزمن الماضي ويؤكد لنا أن البشر مهما اختلفت سحناتهم وألوانهم فجميعهم يشتركون فى صفات وطبائع واحدة ولا بد أن أي واحد منهم سيكون له شبيه يجد فيه كل مواصفاته التي جُبل عليها .
اجتماع الملايين فى ساحة القيادة أثبت لنا وللجميع أن المكان مهما كان ضيقاً عندما تتفق النفوس سيكون برٍحاً كساحات وفضاءات لا يمكن أن تمتلئ مهما زاد العدد!! لماذا ؟ لأن الجميع يقفون بإحساس واحد وقلب واحد وهدف واحد كل روح الوحدة هذه ومآلاتها تجعلهم يمسكون بإيدي بعضهم البعض بقوة كبيرة بحيث لا مجال لانفصال إلى أن يتم المراد وبنجاح .. فجميعنا فى بوتقة حب الوطن معبقين برائحة ترابه الفريدة .
هل كل هؤلاء الناس لم تكن بينهم اختلافات ومشاكل من قبل !؟ بلى : بينهم ، ولكن على الرغم من ضيق المساحة وسوء الأجواء وصعوبتها ومروراً بشهر رمضان الكريم وتحمل الصيام للكثيرين صمدوا وخلقوا إبداعات جميلة وهذه الروح أخرجت من دواخلهم تاريخ بنى لمٍجدٍ تليد سيظل ُيذكر جيلاً بعد جيل فقط بتحمُلنا لبعضنا ولم تتفاقم أي نوع من الخلافات أو المشاكل الهينة التي كان بإمكانها أن تجعلها ساحة قتال وليس ساحة نضال إلى أن غُدر بنا في هذه الساحة وحدث ما حدث، ولكن العبرة بالخواتيم فقد أثبتنا أننا عند الجد والعمل والهمة أننا الصمود والنضال والتضحية .
ذكريات طفولتنا ووجود أجيال بعدنا يشبهوننا ذلك لم يكن مجرد صدفة ولكنه يقودنا إلى أن البشر بكل اختلافاتهم هذه يمكنهم أن يكونوا واحداً ويداً واحدة ضد أي انهزام أو دمار، فما يحدث هذه الأيام من تعدٍ وإساءات في قروبات التواصل الاجتماعي تجعلنا نتحير !! لماذا هذه القسوة والإساءات ضد بعضنا والتقليل والإهانة الموجعة ونحن من يهمنا الأمر إن صلُح أو طلُح، فى الحالتين جميعاً خسرانين لا أحد يكسب بعد أن تخرب البلد والدنيا التي حلٍمنا بها وتلحفنا السماء وتوسدنا الأرض لأجل أن نكون وقد كنا ووصلنا، أصبح علينا أن نتم ما وضعناه من آمال بعد أن نصل .
الإساءة إن كانت هي حل لما عليه بلادنا من وضع ، فلنجتهد جميعاً فيها ونبدع في ابتكار الألفاظ المؤلمة السيئة التى تترك فى النفس شرخاً غير جميل وخصوصاً إن كانت ضد شخص لا يستحقها غير أنها تبلي وافتراء عليه فهي أسهل من رمشة العين ولا تحتاج مجهوداً وعملاً .
الثورة ليست لقلع نظام والإتيان بغيره ، بل هي ثورة ذواتنا أولا التي رفضت أن تُذل وتُهان من دكتاتوريين ، فكيف ستقبل أن تتألم ممن هم وضعوا أيديهم بأيدينا لنبني وطناً جديداً وحدادي مدادي لتلتئم جراحه ونرتق شقاف أرواحنا مما علق بها من تردي حال وضياع آمال .
سيظل ذلك المثابر الذي وقف بجانبي في همنا وضياعنا وألمنا وساندنا بعضنا البعض وقت الحاجة لذلك، سنظل نحن أولئك الرفقاء الذين لعبٍنا وتشاجرنا منذ نعومة أظافرنا إلى أن أصبح لدينا أطفال وأخذوا صفاتنا تلك في الشقاوة والتمرد والمقالب .
سنكون هادئين ومقدرين لبعضنا دون تلفظ قاسٍ ورداءة أسلوب لن يحل بقدر ما هو يخلق الجفوة ويُعكر صفونا وننشغل في هذا التوتر ونترك الشيء الأساسي الذي من أجله تناقشنا، إن لم نركز في الأمور المهمة والسعي على حسمها وإنجازها.. سنكون مدورين في حلقة مفرغة تأخذ من وقتنا الكثير والزمن يجرفنا إلى أعماق بحار مظلمة ولجة بلا قاع بعد أن وصلنا لشاطئ جزيرة مخضرة حقولها تنتظرنا بلهفة لنقطف ثمار نضالنا الشهي ونتذوقه بلذة .
فكل من أخذ في خاطره من أحد وتعادينا ضد بعض ونحن في مركب واحدة لننبه أنفسنا وننتبه أن المركب إن غرق سيضيع الجميع دون استثناء ، ونُردد على مسمعنا جميعاً إن الخصام ما حبابه، وحبيبي لو هجرني بحبه ما بعادي .

                                                     ودمتم .....
شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.