همسة تربوية د.عبدالله إبراهيم علي أحمد

أنت من يزرع السعادة

شارك الخبر

السعادة مفتاح الحياة الجميلة حيث قال فيها (غاندي): تتوقف السعادة على ما تستطيع إعطائه، لا على ما تستطيع الحصول عليه، وأيضاً قال غاندي:رماني الناس بالحجارة فجمعتها وبنيتُ بيتاً، وقال (هادي المدرسي): أنت لا تحتاج إلى البحث عن السعادة، فهي ستأتيك حينما تكون قد هيأت لها موقعاً في قلبك، فالسعادة تُعتبر حاجة أساسية يبحث عنها الجميع، ويتمنى تحقيقها في مختلف المجالات، وكل إنسان له نوع خاص من السعادة وحسب ما يريدها وكما يراها، فالسعادة لا تهبط عليك من السماء، بل أنت من يزرعها في الأرض وأفضل حالات السعادة، هي ما تنسجم مع عقلك وقلبك وجوارحك، وهي المحاولة وليست في محطة الوصول، فلننظر إلى من هو أقل منا في النعم وأكثر منا في البلاء، وبذلك ننعم بالسعادة والهناء. ويختلف منظور ومفهوم السعادة من فرد لآخر، إلا أنها شعور عام متاح للجميع يحس به الناس، فالناس تختلف في طباعها وطريقة تفكيرها، حيث يرى البعض أن السعادة بالمال والبعض الآخر قد يرى السعادة بالإنجاز والنجاح، وفي الوقت الذي يحصل للفرد على ما يلائمه وما يسعى إليه فإنه يعيش بهذا التلاؤم شكل من أشكال السعادة بحصوله على ما كان يسعى إليه بالرغم من الصعوبات المختلفة التي واجهته، وعموماً السعادة هي شعور نسبي يختلف باختلاف قدرات الفرد وإمكاناته ودوافعه.
في المقابل نجد مفهوم السعادة يرتبط بالرضا والراحة، حيث تجد النفس البشرية الهدوء وراحة البال التي يلجأ إليها الناس من مثيرات العالم الخارجي، والسعادة يختلف مفهومها من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، يعتبر أفلاطون أن السعادة عبارة عن فضائل الأخلاق ويعرفها أرسطو على أنها هبة من الله، أما المسلمون رأيهم بأن السعادة هي وصول الفرد إلى حالة من تحقيق التوازن بين ما يتطلبه الجسم والروح، وبين متطلبات الفرد ذاته والمجتمع الذي يعيش به، كما أشار علماء المسلمين إلى أن السعادة الدنيوية هي سعادة ناقصة وأن السعادة الحقيقية هي سعادة الدار الآخرة ودخول الجنة، أما علم النفس، فقد عرّف السعادة من الجانب الانفعالي على أنها الإحساس باعتدال المزاج والحالة النفسية، ومن الجانب التأملي المعرفي فهي الوصول إلى مرحلة الشعور والإحساس بالرضا، وفي ذات السياق نجد السعادة قصيرة المدى والتي تستمر لفترات وجيزة من الزمن، والسعادة طويلة المدى وهي سلسلة من بواعث ومحفزات السعادة قصيرة المدى وهي عادةً في تجدد دائم لتؤدي دورها في التجديد والتحفيز المستمر للسعادة لتستمر بذلك مدى الحياة، فهناك السعادة بحسب اختلاف جوانب الحياة البشرية، وهناك السعادة التي يحصل عليها الفرد بتلبية الحاجات والجوانب المادية، وسعادة تُشبع الحاجات والجوانب المعنوية.
وتحضرني قصة لأحد علماء الأنثروبولوجيا حين قام بعرض لعبة على أطفال إحدى القبائل الإفريقية البدائية، وضع سلة من الفواكه اللذيذة قرب جذع شجرة وقال لهم: إن أول طفل يصل الشجرة سيحصل على السلة بما فيها، وعندما أعطاهم إشارة البدء، تفاجأ بهم يسيرون سوياً ممسكين بأيدي بعضهم حتى وصلوا الشجرة وتقاسموا الفاكهة اللذيذة، عندما سألهم لماذا فعلوا ذلك فيما كل واحد بينهم كان بإمكانه الحصول على السلة له فقط، أجابوه بتعجب، (كيف يستطيع أحدنا أن يكون سعيداً فيما الباقين تُعساء؟).
تلك القبيلة البدائية تعرف سر السعادة الذي ضاع من نفوسٍ ترى نفسها فوق غيرها، لذلك السعادة سر لا تعرفه إلا النفوس المتسامحة المتواضعة التي شعارها (نحن وليس أنا)، فكل شيءٍ ينقص إذا قسمته على اثنين إلا السعاد فإنها تزيد إذا تقاسمتها مع الآخرين، فروعة الإنسان ليس بما يملكه، بل بما يمنحه.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.