أمن إسرائيل.. وتصريحات السفير

*تهديد إيران لإسرائيل (إن كان هناك تهديد) لا يحتاج إلى تسهيلات من السودان
*سياسة السودان الثابتة هي رفض التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية
 *إذا أقدمت إسرائيل على أي استهداف للسودان فإن ذلك سيكون لصالح مليشيا الدعم السريع
*إن منح التسهيلات والقواعد العسكرية لأي دولة هو حق سيادي وحصري للدولة المضيفة

شارك الخبر

كتب: محمد وداعة

قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة السفير الحارث في خطابه أمس الأول أمام مجلس الأمن (إنّ إيران لا تشارك في حرب السودان، وإن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران لا تؤثر على أمن إسرائيل)، هذه التصريحات حشرت في خطابه وفي غير سياقها وربما أضرت بخطابه الذي كان يبدو متماسكاً، ولا أحد يعلم لماذا جاءت بهذا الشكل، ولماذا أمام مجلس الأمن؟ ولماذا الربط بين مشاركة مزعومة لإيران في حرب السودان، وبين أمن إسرائيل؟ وهل لدى السودان معلوماتٌ عن استهداف إسرائيلي محتمل؟ وهل مثل هذه التصريحات مناسبة لنفي ما متداولٌ من أحاديث خبيثة عن منح السودان تسهيلات لوجستية لروسيا أو لإيران على البحر الأحمر؟ 

العالم كله شاهد مسرحية التهديد الإيراني لإسرائيل في ردها على قصف مبنى قنصليتها بدمشق، وإنها أبلغت أمريكا بأنّ ردها سيكون محدوداً، وإنّها أعلنت عن إطلاق هجومها على إسرائيل قبل 72 ساعة، واستخدمت مُسيّرات وصواريخ تحتاج إلى ساعات لبلوغ إسرائيل، وفضلاً عن هذا، هاجمت إسرائيل بصواريخ خالية من الرؤوس المتفجرة، هذه المقذوفات عبرت أجواء العراق وسوريا وربما الأردن، ولم تكن ََالأجواء أو المياه الإقليمية السودانية منطلقاً لهذا الهجوم، ولذلك فإنّ تهديد إيران لإسرائيل (إن كان هناك تهديد) لا يحتاج إلى تسهيلات من السودان،

وعليه فإنّ الشق الأول من التصريح لا غبار عليه، فهو يتسق مع سياسة السودان في رفض التدخل الأجنبي في الحرب، لا سيما وأنّ السيد السفير ذكّر المجلس بشكوى قدمها ضد دولة الإمارات لتدخلها السافر ودعمها اللا محدود للمليشيا المتمردة بالأسلحة، وتسميتها الراعي الإقليمي للحرب، وتحميلها وزر إطالة أمد الحرب باعتبارها مشاركاً مباشراً فيها، ورفض وجودها كوسيط في جدة لدورها في العدوان، كما أنّ سياسة السودان الثابتة هي رفض التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية.

مع ذلك، فإنّ هذا التصريح غير مناسب ويقدح في تقديرات الدبلوماسية السودانية، لأنّ إسرائيل إن استهدفت السودان، فلن تقوم بذلك لأن عودة العلاقات السودانية – الإيرانية تمثل تهديداً لها، إذا أقدمت إسرائيل على أي استهداف للسودان، فإن ذلك سيكون لصالح مليشيا الدعم السريع وبدفع من الراعي الإقليمي للحرب، وسيكون السودان مضطراً للدفاع عن نفسه، خاصّةً وأنّ حدود السودان تمتد على مسافة تتجاوز 700 كلم على البحر الأحمر، وهو ما سيُشكِّل بؤرة الصراع في المنطقة لفترة غير محددة مستقبلاً، السودان لن يكون ضحية ويدفع ثمن تجويد المسرحية الإيرانية – الإسرائيلية،

بالرغم من أن اتفاق (السلام) مع إسرائيل والذي وقّعه وزير العدل في حكومة حمدوك، نصر الدين عبد الباري كان كارثياً على السودان، وكان مرفوضاً، فمن البديهي أنّ أي عدوان إسرائيلي على السودان سيكون بمثابة إعلان حرب، ومع ترجيح أن هذا العدوان المفترض مستبعد في الوقت الحالي، كان على السيد السفير أن يكمل، ويحذر من مغبة أي استهداف إسرائيلي للسودان وتحت أي ذريعة، إن منح التسهيلات والقواعد العسكرية لأي دولة هو حق سيادي وحصري للدولة المضيفة، ولا يتم الفصل فيه في غياب البرلمان.

وعليه، فإنّ الحديث عنه سابقٌ لأوانه، ومرفوضٌ لأنّه يتعارض مع رغبة الشعب السوداني.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.