عوض الحسن النور

إلى سعادة السيد الرئيس البرهان ودوره المرتقب في سيادة حكم القانون بعد عنتيبي

بالنظر إلى مهمة سعادة السيد الرئيس البرهان ودره في صون سيادة حكم القانون وتعليقا على ما جرى بعد عنتيني وبعد أن ثار جدل كثيف على زيارة السيد الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام إلى عنتيبي ومقابلته لرئيس وزراء دولة العدو الصهيوني . ولم اندهش لردة فعل قوى الحرية والتغيير والقانونيين خاصة من أعضائه ولا أدري كيف هبط الأمر عليهم حيث أمضوا ليلتين من الصدمة وتمخض الحال ببيان ثم غضب ثم مساعي أجاويد الفريق أول حميدتي وبعض أعضاء مجلس السيادة في محاولة جمع السيد رئيس الوزراء مع السيد الرئيس ( ولعلهم باركوها ) .
هذه المقدمة وضعت لإثبات بعد الحكومة المدنية ومستشارها القانوني والقانونيين بالحاضنة السياسية تماما عن المبدأ الذي قامت ثورة الشباب من أجله وهي العدالة والتي أساسها مبدأ سيادة حكم القانون يقظة لا أدري أم مناما والسؤال كيف ذلك ؟
الإجابة واضحة في انه بموجب الوثيقة الدستورية والممهورة بتوقيع الطرفين العسكر والمدنيين والشراكة ودساتير العالم المتحضر أن رأس الدولة وبمفرده ( رغم أن الوثيقة الدستورية لم تنص على اختصاصات لرئيس مجلس السيادة منفردا أو رئيس مجلس الوزراء أيضا ) عندما يصدر قرارا تاريخيا ، أن إلغاء ذلك القرار لا يتم عن الطرق والوسائل البدائية التي اتبعت مع التقدير للجهود وضياع الوقت من زمن هذا الشعب المسكين بل بالبحث في الوسائل الدستورية وأول هذه الوسائل القانونية السليمة هو المحكمة الدستورية إن وجدت !!!!!!!
المحكمة الدستورية أين هي وما اختصاصاتها ؟
تنص الوثيقة الدستورية في المادة 31 :1 على المحكمة الدستورية محكمة مستقلة ومنفصلة عن السلطة القضائية وتختص برقابة دستورية القوانين والتدابير …..وتشكل وتحدد اختصاصاتها وفقا للقانون . والمعلوم وبموجب المادة 2 : 1 ألغي العمل بدستور السودان الانتقالي 2005 ودساتير الولايات على أن تظل القوانين الصادرة بموجبه ساريا ما لم تلغ أو تعدل كما انه بموجب المادة 73 من الوثيقة يستمر عمل أجهزة ومؤسسات الدولة القائمة ما لم تحل أو تلغ بموجب أي تدبير .
والغريب أن المادة 75 من الوثيقة الدستورية 2019 تنص على :
( في حالة نشوء نزاع بين السلطة ذات الطبيعة السيادية والتنفيذية تكون المحكمة الدستورية هي المختصة بالبت في ذلك النزاع . )
ولكن للأسف الشديد تركت السلطة التنفيذية اختصاصاتها في تطبيق نصوص الوثيقة ولم تعمل إلا بما يسمى بنصوص التمكين والتفكيك ويبدو لو أنها جلست بهذا الفهم لسنين الانتقال لما أكملت هذا الأمر والذي يجب أن يرتبط بسيادة حكم القانون أيضا . وقد نالت المحكمة الدستورية من أمر التفكيك نصيبها برفض التجديد لستة من قضاتها بعد انتهاء المدة الأولى لهم كما أنه لم يتم تشكيل مجلس القضاء العالي ليتمكن من ترشيح آخرين لعضوية المحكمة الدستورية وما زالت تلك النظرة السالبة لمؤسسة المفوضية القومية للسلطة القضائية القائمة بل ولقضاة المحكمة الدستورية وقضاة المحكمة العليا والقضاة الأدنى هي السائدة باتهامهم أنهم جزء من الدولة العميقة مما أحدث فراغا دستوريا كبيرا وحرمت الدولة السودانية من تطبيق مبدأ سيادة حكم القانون حيث إن الوثيقة قد استثنت فقط لمجلس السيادة تعيين رئيس القضاء في غياب المجلس . ولا أدري كيف ستحل هذه المسألة (!!!! )
وقد بنى السيد الرئيس البرهان تدبيره وفقا لما تسرب من اجتماعه بالصحفيين على أنه اتفاق مبدئي . فوفقا لقانون فينا للاتفاقيات الدولية 1969 والسودان منضم إليها فالاتفاقية بموجب المادة 1 :
قصد بـ “المعاهدة” قصد بالمعاهدة الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي، سواء تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان متصلتان أو أكثر ومهما كانت تسميته الخاصة . تعني أنها ما زالت في طور التفاوض ( رغم ظهور أثر الاتفاق في قرار السماح للطيران المتجه من وإلى إسرائيل بالتحليق في سماء السودان ) وبموجب المادة 6 منها :
كما يعتبر الأشخاص التالون ممثلين لدولهم بحكم وظائفهم، ودون حاجة إلى إبراز وثيقة التفويض الكامل:
(أ) رؤساء الدول، ورؤساء الحكومات، ووزراء الخارجية، من أجل القيام بجميع الأعمال المتعلقة بعقد المعاهدة .
ودون النظر في صلاحيات مجلس الوزراء بموجب المادة 16 في ابتدار المعاهدات الدولية والاتفاقيات الثنائية قد يرى قارئ أن الوثيقة لم تمنع رأس الدولة من توقيع المعاهدات حتى لا يبادر وفي كل الأحوال فهذا التدبير نقضه إما بواسطة المحكمة الدستورية إن وجدت أو بعرضه على المجلس التشريعي ÷ن وجد أيضا طبقا للمادة 25 من الوثيقة الدستورية والتي تنص على تكون للمجلس التشريعي الاختصاصات التالية :
د : المصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية والإقليمية والدولية .
كما أن من المعلوم عرفا دستوريا أن الاتفاقيات الدولية في غياب البرلمان يصادق عليها رأس الدولة .
ماذا بعد عنتيبي سيادة الرئيس :
سرب أيضا من اجتماع السيد الرئيس بالصحفيين إشارات بعدم رضائه عن إجراءات لجان التمكين غير القضائية أو أنه مرغم عليها دون اقتناع بقانونيتها : أولا بترحيبه بالصحافة مشيدا بدورها الوطني معتذرا للصحف المتوقفة بأمر لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو متمنيا أن تكتمل إجراءات مراجعتها قريبا .
وثانيا إحساسه بتدهور معاش الشعب والغلاء والشح في السلع الضرورية والشح في النقد الأجنبي وانعكاس ذلك على الأمن …..بالقول : ( نحن شاعرين أن الاهتمام بالقضايا اليومية ضعيف كما أن الحكومة لا تتجاوب مع ما يمكن أن يقوم به الجيش ……
وفي تقديري أن من مهام رأس الدولة في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد ما يلزم كل في موقعه وخاصة السيد الرئيس بالعمل منفردا ومتضامنا مع مجلسه في تحقيق أهداف الثورة وأهمها تسخير إمكانيات الدولة والجيش والدعم السريع والأمن والشرطة لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين دون انتظار موافقة أي جهة فهل سيدي الرئيس تسخير مطاحن ومخابز الجيش لتوفير الخبز بأنواعه يحتاج لموافقة الحكومة ولماذا أخي الرئيس تحال قضايا التمكين لجهات غير قضائية للفصل فيها وأين القضاة ولم هذا الصمت !!!كما أن هناك تساؤل قانوني أختم به هذا المقال :
هل هذا الصرف من الأجهزة النظامية والتبرعات المدفوعة الأجر منها للعامة والخاصة وكذلك الظروف التي يدفعها التنفيذيون هي من موازنة مصدقة من المالية أم ما الفرق بين ذلك وما كان يقوم به رئيس الجمهورية السابق ومن سبقه أم انه تقليد محمي بالقانون !!!!!!!
والمقال القادم أجو أن هل هناك فساد في القضاء كما تقول به السيدة رئيس القضاء الموقرة ؟ وكيف يبتر إن وجد ؟

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.