الرواية الأولى … مجدي عبد العزيز

جاهزية ما بعد عنتبي

• الخطوة الجريئة التي أقدم عليها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بلقاء رئيس وزراء إسرائيل نتياهو في الثالث من الشهر الجاري بعنتبي اليوغندية ما زالت اصداؤها تتواتر، وكلما طغت الأحداث الداخلية وأنباء الأزمات المعيشية على خبر لقاء عنتبي أعادته إلى السطح التصريحات والتصرفات التي تصدر من الجانب الإسرائيلي وآخرها الخبر المبهم الذي اطلقته صحيفة يديعنوت أحرنوت قبل يومين عن عبور طائرة إسرائيلية للأجواء السودانية .
في عالم اليوم الذي أصبحت فيه لغة وسياسة المصالح هي الطاغية أصبح اضطراراً على الدولة السودانية أن تعيد بناء خططها وسياساتها في التعامل الخارجي لمسايرة هذا الواقع المتكرس، وهذا لا يعني بالضرورة ما يصوره البعض بأن المقابل هو التنكر لقضايا حقوق أساسية متعلقة مثلا بملف القضية الفلسطينية – في حالة الولوغ في ملف التفاهمات مع إسرائيل – وبالطبع ذلك لا يتأتى إلا إذا أحكمنا استراتيجيتنا وبينا أهدافها وحذقنا اللعب في الملعب الدولي بأدوات الراهن وباستخدام ما نملك من كروت وأوراق وهي كثيرة وكبيرة .
• هذا المفهوم هو في اعتقادي ما دفع الفريق أول البرهان للاستجابة للطلب الأمريكي الذي قدم له عبر ماك بمبيو وزير الخارجية بإجراء تفاهمات عنتبي مع نتنياهو. وبعيدا عن زوبعات و ردود الأفعال الأولية التي ضربت مكونات الحكم الانتقالي وحاضنته السياسية لأسباب مختلفة – من بينها الغيرة السياسية في اعتقادي – يمكن تلمس مدى الارتياح الشعبي للخطوة بعدة طرق أدناها التقاط ما تتداوله مجالس المدينة إلى قياس الرأي الغالب المساند للخطوة في وسائل التواصل الاجتماعي .
• واحدة من أهم مشاكل منتقدي خطوة الفريق أول البرهان بالتعجل وبغير العمق الكافي هو أنهم لا يوفون الرجل حقه كاملاً، ولا أقصد التقريظ والمدح الشخصي لكن من باب الرمزية وما يتحمل من مسئوليات وما يملك من أجهزة ومعلومات تؤدي واجبات التحليلات وتقدم حق الاستشارة ورسم الخطط، فالرجل بخلاف أنه يمثل رأس الدولة ورئيس لمجلس الأمن والدفاع الوطني فهو القائد العام للجيش هذه المؤسسة التي تهتم كلياتها ومعاهدها بإعداد من يعرفون بالقادة الاستراتيجيين في تخصصات الدفاع والأمن بمفهومه الشامل .
• ما دفعني لإعادة تناول موضوع لقاء عنتبي هو تسارع وتيرة جني المكاسب التي بدأ يمارسها نتنياهو – بالفرقعات والتصريحات الإعلامية والتغريدات الإسفيرية لأي حدث يقع بعد ما تم من تفاهمات، وكما ذكرنا آنفا فإنها لغة وسياسة المصالح – ومن الواضح أن لا موعد محدد لانطلاق صافرة بداية لعب المصالح مع إسرائيل الذي اعتقد أنه بدأ فعلا، فالوقت لا ينتظر، إذاً فعلينا أن نتحسس جاهزيتنا السياسية والإعلامية استنادا على الرؤية الوطنية التي كما أسلفنا يجب أن تكون حاضرة لنزول الملعب الدولي، فالسودان يلعب مع جبهة واحدة في مباراة المصالح تمثلها أمريكا وإسرائيل ..
وسنأتي لاحقا لنتناول جدلية المصالح والمواقف .. وإلى الملتقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.