الرواية الاولى…مجدي عبدالعزيز

البرهان الي امريكا رحلة الأمل والتحديات

• بات في حكم المؤكد أن تتم الزيارة المرتقبة لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذا الشهر الجاري، بعد أن أكدت مصادر دبلوماسية أن الدعوة الأمريكية الرسمية قد أرسلت إلى سيادته عبر سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم .

• تنفيذ الزيارة المرتقبة على هذا المستوى الرفيع تشير بوضوح إلى انتقال العلاقات السودانية الأمريكية إلى مربع جديد كلياً، كما أنها ستمثل بارقة أمل كبيرة للدفع بمسار حوار المصالح المشتركة بين البلدين الذي تتعدد موضوعاته والذي يسعى السودان عبره للظفر برفع اسمه من ما تعرف بالقائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب كأولوية جوهرية وهدف محوري بعد المعاناة المركبة التي يعيشها شعب السودان منذ إدراجه بهذه القائمة في تسعينيات القرن الماضي، وما ترتب عليها من عقوبات أمريكية خانقة على البلاد على رأسها وقف التعاملات البنكية مع المصارف السودانية وحرمان السودان من الاستفادة من برنامج إزالة الديون على المؤسسات المالية الدولية ـ تحت النفوذ الأمريكي ـ الذي يمكنه من تجديد الاقتراض لتمويل مشاريعه التنموية والخدمية .

• بعد لقاء عنتبي في الثالث من فبراير الماضي الذي جمعه برئيس وزراء إسرائيل ـ والذي سبقته اتصالات من وزير الخارجية الأمريكي ماك بومبيو ـ كشف البرهان عن رؤية جديدة في التعامل مع الملفات الخارجية ذات التأثير على مجمل الداخل الاقتصادي والأمني، تقوم على أساس إدراكه بأن أدوات الصراع في العالم تغيرت دون أن تتغير الأهداف بالضرورة، وأن العالم أصبح لا يعرف غير لغة المصالح الشاملة والمكاسب الاقتصادية، والدول التي تبحث عن مصالحها عليها الدخول إلى الملعب الدولي واستخدام أدواته وفق استراتيجياتها وخطتها وتكتيكاتها بالطبع، وصدح البرهان في تصريحات منشوره عقب عنتبي بأنه لن يتوانى في البحث عن مصالح السودان وأمنه القومي، وطبيعي أن تأتي دعوة البرهان لزيارة أمريكا كخطوة مكتسبة لصالحه بعد تفاهمات عنتبي في إطار سياق رؤيته الجديدة والجريئة .

• دوما ظللنا نقول وكما هو معلوم أن التعامل في التفاصيل مع دولة مؤسسات كأمريكا تتقاطع فيها المصالح السياسية لحزبيها الرئيسيين مع قطاع ( البزنس ) والذي تستخدم فيها مجموعات الضغط وشركات (اللوبي) هو التحدي الأساسي لتنزيل اي اتفاقيات أو تفاهمات سودانية أمريكية تتم على أي المستويات إلى أرض الواقع، وهذا بالتأكيد ما نتوقع أن يكون الفريق أول البرهان يضعه تمامًا في حساباته.

• بلا شك إن ملف التعامل مع السودان داخل الأروقة الأمريكية هو أحد موضوعات الصراع الحامي بين الديمقراطيين والجمهوريين في المؤسسات التشريعية ( من زاوية الرؤية والسياسات)، كما هو موضع قلق لمن كانوا يقتاتون من ورائه ـ نفوذًا أو مالاً ـ خاصة من معاوني المؤسسات الأمريكية من بني جلدتنا السودانية الذين جعلهم القدر يجلسون على طاولات التصحيح أو ما يعرف بكشف الثغرات لواضعي مشاريع التعامل مع السودان، وأود أن أشير هنا صراحة إلى تحدي مشروع قانون (التحول الديمقراطي والمساءلة والشفافية المالية في السودان للعام 2020م) والموضوع حاليًا على منضدة الكونغرس الأمريكي من طرف الحزب الديمقراطي، وأشار عالمون وخبراء في الشأن الأمريكي إلى أن هذا القانون أساسه تقرير منظمة ( سنتري ) الذراع الاقتصادي لمنظمة ( كفاية ) الأمريكية – فيما يعرف بالرقابة على مصادر تمويل الانتهاكات – و نشر التقرير قبل ستة أشهر وحوى مطالب بالتدخل في شؤون الأجهزة العسكرية والأمنية بالسودان، وسنعود إلى تناوله لاحقا ..

• والتحدي المهم أيضا هو مدى استعداد دبلوماسيتنا ومؤسساتنا في التعاطي مع تفاصيل ملف العلاقة مع أمريكا (المتشعب) وفق منظور الكفاءة والإرادة والوفاء الوطني والالتزام بالخطة الواحدة والسياسة المجازة، وهذا لا يتأتى بالطبع الا بتوحيد الرؤية الداخلية تجاه العلاقة مع الولايات المتحدة والعلاقات الخارجية عموماً .

• بالتأكيد إن النظر إلى زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان المرتقبة إلى الولايات المتحدة بأنها مصلحة وطنية عليا وأنها تأتي في ظروف بالغة التعقيد، وأنها فرصة نادرة أتت في أجواء عصية، وأن الأمل فيها كبير أن يستعيد السودان عافيته بالتخلص من قيود العقوبات الأمريكية : هو ما يدفع مكونات المشهد السياسي والمجتمعي والإعلام وصناع الرأي العام أن يسندوا الخطوة إلى غايات نجاحها المأمول .. وإلى الملتقى ،،

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.