ما تكبي كرونا
• عودة في زمن (الكرونا) إلى جدل قديم في الفترة الماضية حول الظاهرة الاجتماعية الجلوس عند (ست الشاي) التي رسخت وتمددت وصارت عادة أساسية لكثير من شرائح المجتمع كالعمال والموظفين والشباب أثناء نهار اليوم أو في الأمسيات، وأشهرها علي الإطلاق جلسات شارع النيل الممتد ـ بعد توسعته وإعادة رصفه، وقيام المنشآت السياحية النيلية وكثير من المرافق الحديثة الجاذبة حوله.
• محور الجدل كان يقوم بين أمرين كل واحد منهما يتسم بالحساسية والأحقية ـ الأول كان هو حق (ستات الشاي) كشريحة أساسية فيما يعرف بالقطاع التجاري غير المنظم ـ في أن يجدن رزقهن ومعيشة أطفالهن وأسرهن في ظروف اقتصادية فرضها واقع الفقر في كثير من مناطق البلاد وبأسباب متعددة أيضاً منها ظروف النزوح بسبب آثار الحرب أو هجرة الريف إلى المدن بغرض تحسين الأوضاع ،، بالمقابل احتدم الجدل أيضاً حول فقدان الاشتراطات الصحية والبيئية والنظامية للظاهرة، خاصة وأن كثيرات من البائعات كن لا يخضعن للكشف الصحي الذي بموجبه يصدر لهن الكرت الصحي اللازم لممارسة نشاط بيع الأكل والشرب كما يحدث في المطاعم أو الكافتيريات إن كانت سياحية أو شعبية ،، بالإضافة إلى قضايا كانت تهم السلطات المحلية وعلى رأسها قضية النظافة وجمع النفايات، أو الظواهر السالبة (التي من الطبيعي يمكن أن تحدث في أيٍ من شرائح الأنشطة والمجتمع) .
• من إيجابيات هذا الجدال رغم حدة احتدامه إعلاميًا ومجتمعيًا وقانونيًا، أن تولدت مبادرات رائعة ونموذجية عبر شراكات رسمية مع دوائر المسؤولية المجتمعية في بعض الشركات كنموذج إحدى شركات الشاي الشهيرة – والذكر من باب الاستحسان العام وتشجيع الآخرين ـ وهو توفير مواقع بيع حققت العديد من المطلوبات الصحية والبيئية بإجازة من الجهات الرسمية الإدارية والصحية إضافة إلى المظهر المنظم والمتحضر والسياحي، ولكن للأسف تبقى هذه التجربة محدودة تحتاج للتعميم حتى تضع حلًا لهذا الإشكال.
• من الوقائع الكارثية السابقة واجبة الذكر الآن في إطار حملة مجابهة وباء (الكرونا) وللمقارنة بغرض التحذير ،، هو أنه في إحدى السنوات الماضية قرع مدير مستشفى الأمراض الصدرية بأبوعنجة حينها الدكتور محمد سيد أحمد كنة جرس الإنذار بعد كثرة ظاهرة تسرب مرضى الأمراض الصدرية من المستشفى وتعاطيهم للشاي والمشروبات الأخرى عند ستات الشاي المتواجدات قرب المستشفى وبالقرب من مجمع الجوازات المجاور مما ينبئ بخطر عظيم سيقع، وصحيح أن السلطات المحلية وقتها قامت بإجراءات قاسية كانت مثار نقد إعلامي حاد إلا أن المعادلة كانت صعبة جداً في سبيل منع نقل العدوى لأمراض فتاكة على رأسها (السل الرئوي) .
• الآن البلاد كلها تخضع لحالة الاستثناء والطوارئ الصحية، والعبء الكبير يقع على عاتق السلطات الصحية وأجهزة تنفيذ القانون لمجابهة وباء العصر ـ وتحقيق التوازن بين فرض الاشتراطات الصحية على (ستات الشاي) وحاجتهن لكسب الرزق أكثر صعوبة، مما يدعو لبذل كثير من الجهد الرسمي والمجتمعي التكافلي لتأمين البلاد ولتأمين حاجة هؤلاء النسوة اللائي نهمس في أذنهن : ربنا يعينكن في حلالكن .. (بس محاسن حاسبي ما تكبي كرونا) ،،، والى الملتقى ..