بحجج لن تصمد كثيراً أمام الكارثة المحتملة .. نقول محتملة لأننا لسنا استثناءً بين شعوب العالم .. ونسأل الله ألا تقع هذه الكارثة .. ولكنا نريد أن نقول إن حجج الحكومة بعدم المضي قدماً في فرض حظر التجوال.. في ساعات الذروة .. والاستعاضة عن ذلك بفرضه في ساعات هي في حكم الميتة عملياً .. فماذا يعني فرض حظر التجوال من الثامنة مساءً إلى الساعة السادسة صباحاً.. في بلد كالسودان .. عرف شعبه أنه الأكثر التزاماً بقاعدة .. جعل الليل لباساً.. وأن تجوال الليل عند السودانيين استثناء .. !
إذن .. إذا كانت حكمة مشروعية فرض حظر التجوال .. هي محاصرة الزحام وتقليل الازدحام .. وقطع الطريق على التزاحم .. فالوقت المعلن للحظر هذا .. لا يخاطب أياً من هذه الأسباب .. ببساطة لأن الساعات من الثامنة مساءً وحتى السادسة صباحاً لا تشهد ازدحاماً يذكر .. ولا شيء يستدعي التزاحم عليه .. المفارقة أن الحكومة تعلم علم اليقين .. مواقيت الزحام ومواقعه .. وبالتالي الساعات التي ينبغي أن يكون فيها صوت الحكومة حاضراً .. بل وسوطها إن دعا الحال .. فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرءان ..!
من حجج الحكومة أن ساعات النهار هي ساعات عمل كسب .. خاصة لذوي الدخول المحدودة .. أو قل لأولئك الذين يمارسون مهنا حرة .. يمكن أن تشمل أي شيء .. بدءاً من غسيل السيارات مروراً ببائعات الشاي والأطعمة .. وانتهاءً بالحرفيين ومن قام مقامهم من أصحاب المهن الحرة .. حجة الحكومة ألا سبيل لحرمان هذا القطاع من الخروج والعمل!
ولكن الحكومة تنظر هنا فقط للأضرار المترتبة على هذا القطاع .. وتنسى أو تتناسى الضرر الذي يمكن أن يقع على الأمة بأسرها .. في وقت ينبغي أن تستعصم فيه بالقاعدة الفقهية .. دفع الضرر مقدم على جلب المصالح ..!
ولن نطلب من الحكومة أن توقف عجلة الحياة .. ثم تربع يديها وتتفرج على شعبها وهو يتضور جوعاً.. كلا .. فهذا وقت ينبغي أن تفرغ فيه خزائن الدولة على فقرائها .. وأن تلغي كل بنود الصرف الحكومى إلا في الحد الأدنى لدعم صندوق اجتماعي يخصص لمواجهة الموقف .. بل تلغي كذلك كل مصارف الزكاة .. وتخصيص كل أموالها للفقراء والمساكين ومعدمي الدخول ..!
ليس هذا فحسب ..بل أحسبني غير مشتط إن قلت ان هذا هو وقت تحمل القادرين أعباء معاش المعوزين والفقراء والمساكين .. آن الأوان أن يدفع المقتدرون تكاليف معاش غير القادرين .. ولا نريد أن نقول إن على المقتدرين المساهمة في عبء حمايتهم من تفشي وباء كورونا .. وذلك بتمكين الفقراء والمساكين من ذوي الدخل المحدود والمهن الهامشية .. من العيش بكرامة حتي تنجلي الغمة .. ولأن موارد البلاد شحيحة فلتوقف الحكومة دعم السلع .. وليشتري القادرون بأسعار التكلفة الفعلية .. ولتذهب الوفورات المليارية الناجمة عن رفع الدعم .. لتمويل الصندوق الاجتماعي لمحاصرة وباء كورونا ..!