في قوانين الإنقاذ.. فالشروع جريمة!

فى فبراير 2018.. وتحديدا في عشية عودة الفريق صلاح قوش لرئاسة جهاز الأمن والمخابرات الوطنى بقرار مفاجيء من الرئيس البشير.. وكان تعليقه عليه يومها لمقربين منه فاجأهم القرار؛ إنها سياسة الصدمة التى تناسبهم.. في تلك الليلة كنت ضيفا على برنامج حال البلد بفضائية سودانية 24 .. سألنى مقدم البرنامج طاهر التوم ما إذا كانت عودة صلاح تحمل رسالة للإسلاميين.. كانت إجابتى أن نعم.. وأن قوش يعود لموقعه الخطير وهو لا يحفظ كبير ود للإسلاميين.. لا فى المؤتمر الوطنى ولا فى الحركة الإسلامية.. ومضيت شارحا، أن الإسلاميين بمختلف كياناتهم وقفوا من أزمة الرجل موقف المتفرج.. ولم يحاول أحد الدفاع عنه أمام الغضبة الرئاسية.. حين إتُهم بتدبير إنقلاب عسكرى.. واقتيد الى المعتقل ثم الى السجن.. وأكدت يومها أننا لم نسمع مرافعة واحدة فى حق الرجل من الإسلاميين.. عليه في اعتقادى أن عودته تحسب عليهم ولا تحسب لهم.. كان معي في ذات الحلقة الزميل الصحافى والكادر الإسلامى عبد الماجد عبد الحميد، الذى حاول أن يدحض إفادتى تلك بإدعاء أن الإسلاميين علاقتهم جيدة بصلاح.. !

ودار الزمان دورته.. واكمل العام أمده.. وتحديدا وفى 22 فبراير من العام 2019.. وإذا بصلاح قوش يكاد يرقص طربا.. بما ظن أنه قد كسر شوكة الإسلاميين.. حين توافق مع البشير على إقصاء المؤتمر الوطنى من السلطة.. عبر ترتيبات معقدة اتفقا عليها.. وإذ به يسارع بدعوة الصحفيين الي مكتبه ليبلغهم بقرارات تنهى هيمنة المؤتمر الوطنى على الدولة.. وهو الشيء الذى لم يحدث حتى سقوط النظام .. وإن شئت الدقة فقل .. وهو الشيء الذى لم يحدث مما قاد لسقوط النظام برمته .. وهذا ليس موضوعنا الآن .. الذى يهمنى هنا فقط .. وللمفارقة أن عبد الماجد الذى كان يجادلنى قبل عام عن محبة بين قوش والإسلاميين .. كان في ذلك اللقاء يتلقى إجابة كالرصاص من مدير المخابرات صلاح قوش .. فقد كان عبد الماجد مثله مثل بقية الإسلاميين فى ذلك اللقاء منزعجا مما قاله قوش .. ولكنه كان أشجعهم حين راح يحدث قوش عن دور الحركة الإسلامية .. كان رد قوش .. الذى فاجأ ماجد للمرة الثانية .. وأكد ما قلته قبل عام .. هى الحركة الإسلامية ذاتا مسجلة وين ..؟!!

وما حدث بعد ذلك .. من خيبة اصابت صلاح قوش .. مما غير مسار تفكيره .. وما حدث حتى صبيحة 11 ابريل قصة أخرى ليس هذا أوان سردها .. لكن الذى دفعنى للعودة لتلك الوقائع و إعادتها .. ما راج مؤخرا عن انقلاب عسكرى يخطط له بعض الإسلاميين بالتنسيق مع الفريق صلاح قوش .. وكان من الممكن تصديق هذه الرواية .. او هذه الشائعة .. لو أنها جاءت مستقلة عن محور إقليمى مؤثر في الشأن السودانى .. محور يرى ان الثورة السودانية لم تحقق اهم اهدافها بإقصاء الإسلاميين كلية عن المشهد السياسي .. فإن قبلنا فرضية عودة قوش و الإسلاميين لبعضهما البعض بمنطق أن المصيبة تجمع المصابين .. فكيف يستقيم عقلا .. ان ذلك المحور الإقليمي الذي قدم الممكن والمستحيل في سبيل التخلص من الإسلاميين .. يعود ويدعم إنقلابا يقوده الإسلاميون .. وإن تحالفوا مع دحلان ..؟

ولكن هل يعنى هذا .. أن الإسلاميين لا يفكرون في الإنقلاب على السلطة .. ؟ بالطبع لا .. بل يفكرون وللمفارقة بالصوت العالي .. هل سمعتم بتظاهرات تطالب الجيش بالاستيلاء على السلطة ..؟ إذن هو الشروع في الإنقلاب .. ولكن لا أحد يريد أن يفهم ..!

شارك الخبر

Comments are closed.