تحليل سياسي : محمد لطيف

انقلاب .. نيويورك تايمز !

شارك الخبر

كان لافتاً للنظر معلومات متداولة منذ الأمس منسوبة إلى نيويورك تايمز .. هكذا .. وحيث إن نيويورك تايمز هي ناقلة أيضاً .. وليست مصدراً .. فقد بحثت عن المصدر الذي نقلت عنه المطبوعة أو الموقع من مسؤولين غربيين .. فلم أجد اسماً .. وحيث إن المعلومات المتداولة قائمة على أن مسؤولين مدنيين سودانيين قد استنجدوا بالغرب .. خوفاً من وقوع انقلاب عسكري أيام حظر التجوال .. فقد بحثت أيضاً عن أسماء مسؤولين سودانيين اتصلوا بمسؤولين غربيين .. فلم أجد اسماً واحداً أيضاً .. عند هذا الحد توقفت عن البحث .. وعدت إلى إعمال العقل .. ومحاولة إعادة قراءة هذه المعلومات من زوايا أخرى .. كما كان مهماً ربطها بوقائع أخرى .. لقياس مدى اتساقها مع تلك الوقائع السابقة .. أو حتى المتزامنة معها .. وهو ما يسمى مهنياً بالتحليل .. وصولاً إلى الحقيقة .. أو فى أسوأ الأحوال .. إن لم تكن الحقيقة فأقرب ما يكون إليها ..!
ودعونا نبدأ بالفكرة الأساسية التى بنيت عليها هذه المعلومات .. وهى أن المدنيين السودانيين يخشون من وقوع انقلاب عسكري .. وأن مصدر الخوف الأساسي هو أن يستغل الجيش فترة حظر التجوال لتنفيذ ذلك الانقلاب .. حسناً .. تذكروا الآن .. أنه وقبل أقل من أسبوع فقط كانت مواقع الأخبار السودانية .. ووسائط التواصل الاجتماعي قد امتلآت بشائعة مفادها أن المكون العسكري فى المجلس السيادي قد رفض قرار مجلس الوزراء بتطبيق حظر التجوال الكامل .. إذن .. المدنيون يسعون لفرض حظر التجوال الكامل .. بينما العسكريون يرفضون ذلك .. ووفقاً للمعلومات المنسوبة لنيويورك تايمز .. وإن صح أن المدنيين يخشون من وقوع انقلاب عسكري في فترة حظر التجوال .. فالحل في إلغاء قرار الحظر الكامل .. بدلاً من الاستنجاد بالغرب .. وفي المقابل فإن شائعة أن العسكريين ضد الحظر الشامل للتجوال .. يفترض ووفقاً للمنسوب لنيويورك تايمز .. أن يكون العكس هو الصحيح .. أي التمسك بتطبيق حظر التجوال الشامل .. حتى يسهل عليهم تنفيذ الإنقلاب العسكري .. والحال كذلك .. فنحن أمام احتمالين لا ثالث لهما .. الأول أن ما راج عن رفض العسكريين لتطبيق الحظر الشامل لم يكن صحيحاً .. أو أن ما نسب إلى نيويورك تايمز لم يكن صحيحاً .. علماً بأن جهة واحدة .. معلومة للجميع .. هي التي تولت كبر الشائعة الأولى .. وهي التي تتولى كبر الثانية .. الآن .. والارتباك وحده .. هو الذي يجعلهم هكذا يتخبطون ..!
هل لاحظتم أننا لم نسأل أصلاً .. سؤالاً موضوعياً مهماً ..؟ ألا وهو .. ما هي العلاقة بين حظر التجوال ونجاح الانقلاب العسكري .. ؟ وذلك أن هذه المزاعم كان من السهل تفنيدها شكلاً .. دون الحاجة إلى مناقشة موضوعية للأمر .. ومع ذلك دعونا نقول .. إن تطبيق حظر التجوال .. فى ظل حالة الطوارئ المعلنة .. يجعل جل .. إن لم تكن كل .. القوات النظامية .. بمختلف تشكيلاتها .. فى حالة تأهب قصوى .. وهي ما نسميها سودانياً برفع الاستعداد لدرجة مئة بالمئة .. ولن يستطيع أي كائن كان أن يدعي أن كل هذه القوات بمختلف تشكيلاتها وانتماءاتها مجمعة على تنفيذ الانقلاب .. فكيف يستقيم عقلاً .. أن تفكر جهة ما في تنفيذ تحرك عسكري ضد السلطة .. التي تعتبر القوات النظامية جزءاً منها .. في ظل هذا الوضع .. إلا إذا كانت خطة التحرك مصممة أصلاً .. على خيارين .. إما استرداد السلطة .. أو هدم المعبد على الجميع .. !!
هل لاحظتم أننا قلنا استرداد ..؟ حسناً ..!

شارك الخبر

Comments are closed.