البعثة الأممية وحرية الإرادة واستقلال القرار

بقلم: مجاهد السر

قرار تأسيس بعثة المساعدة  المدمجة الانتقالية للامم المتحدة في السودان ( UNITAMS ) أثار العديد من النقاشات وردود الافعال السياسية ولا أظن ان موضوعا وجد اهتماما في الآونة الأخيرة مثلما وجده أمر البعثة الأممية السياسية للسودان. ولا يخفى انقسام الناس حولها بين مؤيد ومعارض، واخطر مافي الامر هو الانطباع الذي تكوّن حول القبول او الرفض للمهمة الاممية بحيث خرج لدى جميع الناس عن كونه رأي سياسي وموقف حول قضية وطنية ذات اهمية قصوي للمصالح الوطنية العليا ، وجزء لا يتجرأ من صميم المسؤولية الوطنية لكلا الموقفين ، الى الخروج به في محاولة لتسطيح المفاهيم بحيث اصبح وصمة وعلامة للموقف من الثورة نفسها!  وهذه هي خطورة المسألة من حيث العمل بقصدية الى تبسيطها الى مع اوضد ، دون النظر الفاحص لحقيقة المهمة بغض النظر عن هذا الانقسام البائن ، او النظر لمصلحة البلاد اين تكمن بما يتعلق بالمهمة؟ وللاسف غالب الكتابات حول المسالة لم يخرج عن كونه سجال سياسي لم يخرج عن تنميط ال مع او الضد.. وهو بهذه الصورة لا يعدوا ان يكون تبسيطا مخلا لتناول الازمة بعيدا عن مآلاتها الحقيقية ، وهو في حقيقة الامر مقصود بوعي من اجل الانصراف عن النظرة الحقيقية العلمية وتقيييم تبعاتها الوطنية لمصلحة البلاد من عدمها!
ونحن في هذا التناول لانريد ان نقول انه الفصل في المسألة ولكننا نحاول ان نؤسس لرؤية نقدية علمية للتناول بحيث نستجلي حقيقة الامر المطابقة للواقع والكاشفة لمدى المصلحة الوطنية المرجوة من المهمة الاممية بغض النظر عن الصراع السياسي والانقسام حولها بهذه الصورة المسطحة التى تغيب معها الحقيقة حول المهمة!
ونبدأ في ذلك حول أثر المهمة على البناء الدستوري وبنية الدولة المدنية التي تكونت وفق الوثيقة الدستورية التي تعتبر الناظمة لامر السلطة وكامل بنيتها الناشئة.
وذلك من خلال مشروع امر تأسيس المهمة الصادر من المنظمة الدولية ومجلس امنها بحيث يستوجب قبول هذا القرار  اتباع الأهداف الاستراتيجية الاتية من نص الوثيقة:
*مساعدة الانتقال السياسي والحكم الديموقراطي وحقوق الانسان والسلام المستدام،
*مساعدة الانتقال السياسي السوداني، متضمنا الجهود القومية في إنفاذ الإعلان الدستوري من خلال المكاتب الجيدة والمراقبة الدائمة ورفع التقارير حول سير التنفيذ.
*تقديم الدعم الفني في عملية صياغة الدستور والاعداد للانتخابات والإصلاحات القانونية والقضائية ودعم إنفاذ حقوق الانسان والعدالة وسيادة قانون الإعلان الدستوري واتفاقيات السلام المستقبلية، متضمنا ذلك، من خلال المراقبة ورفع التقارير حول وضع حقوق الانسان.
يتضح ذلك من خلال نص القرار اذا تجاوزنا نعومة اللغة من شاكلة دعم ومساعدة الى النفاذ الى حقيقة ما يحيل اليه من مفاهيم صلبة تتموضع فيما بعد واقعا ملموسا لا يعني سوى المراقبة(الوصاية) على سير تنفيذ الوثيقة الدستورية (الدستور الناظم لكل اجهزة حكم الفترة الانتقالية) بحيث تكون للبعثة الولاية التامة على ذلك وحق المراقبة الدائمة وكتابة التقارير من خلال ما اسمته الوثيقة بالمكاتب الجيدة وهي كناية عن اشخاص يتبعون لهم من البعثة يتملكون هذا الحق. 
الرقيب الخفي الاممي الذي يحصي على كل ما تنتظمه الوثيقة الدستورية من اجهزة وآليات للحكم في بنية وهيكل الدولة الوليدة بخلاف الوصاية على العملية الانتخابية وما فيها من تفاصيل حتى تقسيم الدوائر والتعداد السكاني ووضعية النازحين واللاجئين في معسكرات اللجوء الخارجية، ونسب المرأة من خلال ما تبنته الوثيقة تجاه التمييز الجنسي بمفهومه الشامل وتعيناته المختلفة ،التي لا تعني الجندر وحسب وانما المفاهيم الخاصة المتعلقة بقضايا التمييز الاخرى!!
ومايتعلق بذلك في تعديل القوانين والقضاء والاجهزة العدلية الاخرى!
بغض النظر عما يدور من انقسام وبعيدا عن الصراع السياسي، هذه هي بعض من حقائق المفاهيم المؤسسة للبعثة الاممية السياسية الخاصة بالسودان!
وما يهمنا هنا هو بيان حقائقها لينظر الناس ما هي الفوائد التي يجنيها الوطن ضمن مصالحه العليا.
وآثار ذلك ومضاعفاته على سيادة الدولة وحرية الإرادة واستقلال القرار.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.