وداعاً.. حكومات تصريف الأعمال..!

رشحت أنباء عن أن قياديا في الجبهة الثورية – وما اكثرهم – قد طالب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بالكشف عن اسماء المرشحين لحكومته الجديدة وعرضها على المواطنين لمدة اسبوع، قبل اعتمادها رسميا.. وبالطبع لم توضح الفكرة التي يبدو جليا أنها عفو الخاطر وبلا ساقين.. الصيغة التي تعبر بها الجماهير عن رأيها في تلك الأسماء.. ولا الآليات التي يعبر عبرها الجماهير عن آرائهم في المرشحين.. ولكن تظل الفكرة على سذاجتها مدخلا لمناقشة المعايير المطلوبة لاختيار شاغلي المناصب في الحكومة القادمة.. نذكر هنا أن رئيس الوزراء، الدكتور عبد الله حمدوك كان قد طرح 4 معايير أساسية في اختيار حكومته التي كان قد اعلن عنها سبتمبر من العام الماضي.. وهي الكفاءة، وتمثيل الأقاليم، والتمثيل العادل للنساء، وتمثيل الشباب.. كان في رأي الكثيرين بعد التجربة العملية للحكومة أن مسألة الكفاءة بدت فضفاضة جداً، ودون معايير دقيقة..!

ولكن.. وعلى ذكر الجبهة الثورية، فثمة تصريح لافت كانت نشرته هذه الصحيفة اكتوبر الماضي.. أي بعد عام من تشكيل حكومة حمدوك الأولى، وقبيل التوقيع النهائي على وثائق جوبا.. أهمية ذلك التصريح أنه صدر عن السيد محمد الحسن التعايشي، أحد ابرز المفاوضين الحكوميين في منبر جوبا عضو المجلس السيادي.. والأهم من ذلك ما قاله، فقد قال لـ (السوداني): “إن اتفاقية السلام الموقعة مؤخرا بين حكومة السودان والجبهة الثورية قد أتاحت فرصة تاريخية لإعادة تأسيس منهج حقيقى للتغيير يخرج بالبلاد من أزماتها المتعددة، مؤكدا أن التغيير الحقيقي يجب أن يبدأ من منهج تشكيل مؤسسات الحكم، بالتركيز على الحكومة باعتبارها الجهاز التنفيذي الذي يقع على عاتقه تنفيذ برنامج الفترة الانتقالية، على أن يبدأ ذلك من طريقة اختيار الوزراء”.. إذن فإن التعايشي قد سبق الجبهة الثورية في المطالبة بضرورة مراجعة أسس اختيار الوزراء.. ليس هذا فحسب، بل إن التعايشي قد سبق ايضا بطرح رؤية واضحة حين اعلن في ذات التصريح “اكتمال دراسة تحمل أسسا جديدة لاختيار الوزراء في حكومة ما بعد السلام، تقوم على الكفاءة ووضوح الرؤية والقدرة على العمل ضمن فريق واحد، مع تقديم خطة متكاملة من المرشحين لأي منصب وزاري توضح كيفية التعامل مع القضايا الماثلة، وتحديد جدول زمنى دقيق لتنفيذ خطته التي لا يجب أن تتجاوز مهام الفترة الانتقالية”.. وكان التعايشي قد مضى اكثر من ذلك، حين طالب بطرح برامج المرشحين للرأي العام لمناقشتها واختبار مدى قدرة المرشح على تنفيذ البرنامج الذي يطرحه..!

بالطبع لا نعلم الآن، على وجه اليقين إلى أين وصلت لجنة التعايشي التي اعلن عنها قبل شهر من الآن.. لكن اكثر من مصدر ظل يؤكد أن مسألة الكفاءة لوحدها ليست كافية، فهو محض عنوان عريض.. ولكن لا بد من تفاصيل دقيقة تحت هذا العنوان العريض، فقد ثبت أن مجرد الشهادات العليا ليست كافية، وأن مجرد العمل في المنظمات والمؤسسات الدولية لم ينتج أداء ملموسا.. كما كانت واحدة من ملاحظات لجنة التعايشي، ذلك التضارب والتقاطعات بين الوزارات فيما بينها من جهة، وبينها وبين مختلف مؤسسات الدولة من جهة أخرى.. لذلك انتبهت اللجنة الى ضرورة قدرة المرشح للمنصب على العمل بروح الفريق، وفي إطار فريق، مما يقلل كثيرا من العقبات، ويزيل كثيرا من التعقيدات..!

بغض النظر عما إذا كان المرشح سياسيا محترفا، أو من التكنوقراط، فالمعيار الحاسم للاختيار هو انطباق شروط كل منصب على المرشح له، وإلا فإن حكومات حمدوك لتصريف الأعمال ستستمر طويلا.. دون إنجازات حقيقية على الأرض..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.