وزع لهم الخيرون الخيام واستكتبتهم لجنة الحي تعهداً بإرجاعها متضررو السيول والأمطار بأم عشر (قصة نهايتها لسه)

تقرير: محاسن أحمد عبد الله
زارت (السوداني) أسرة الحاجة (حكم الله سعد) التي تقطن بمنطقة (أم عشر) الشقيلاب القصيرة جنوب الخرطوم محلية جبل أولياء ومعها بناتها مع مجموعة من أطفالهما وهي أحدى الأسر التي تضررت بسيول وفيضانات هذا العام الأمر الذي جعل عدداً من المنظمات الخيرية والمجتمع المدني لتقديم الدعم والمساعدة لهم ولكن كالعادة لم تصل تلك المساعدات لكل مستحقيها حسب قول أهل المنطقة..
(١)
وصلنا الأسرة المقصودة فوجدنا امرأة كبيرة في العمر وهي أرملة لها عدد من البنات والأحفاد تحدثنا معها من فوق ركام منزلها المنهار أمام عينيها وهي ترمقه بنظرة مليئة بالأسى والحزن بالرغم من صبرها وهي تشاهد حصاد عمرها تحت الركام بعد أن أغرقته مياه السيول التي هاجمتهم ليلا حين غفلة وقضت على أحلامهم ومدخراتهم.
(٢)
وقتها كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية صباحا عندما غدرت بهم مياه البحر وأمواجه العاتية المندفعة بقوة نحوهم ليجدوا أنفسهم غارقين فيها حتى صدورهم ليسارعوا بالخروج لإنقاذ أرواحهم قبل ان تنهار كل الغرف و(البرندات) الملحقة بها فوق رؤوسهم وكل ما يملكون من اثاثات ومتعلقات شخصية.
الحاجة (حكم الله) التي قمنا بزيارة منزلها كافحت في الحياة كثيرا فتيسر لها ان تمتلك غرفة ومطبخا وحماما في منزل مقتطع من منزل أبنائها إلا أن السيول الجارفة حطمت كل ما تملك لتصبح في العراء غير خيمة صغيرة نصبت في حوش صغير مع بناتها تحميها من زمهرير الشتاء.
(٤)
بجوار (حكم الله) كانت تقف ابنتها الصغرى (ثريا) لا حول لها ولا قوة وهي أم لخمسة أطفال اجتهدت كثيرا في وظيفتها الصغيرة براتب ضعيف لتؤسس منزلها المكون من غرفتين و(عريشة) وحمام قطعة قطعة ولا تدري ما تخبئه لها الأقدار لتأتي السيول الجارفة وتهدم الغرف و(العريشة) الملحقة بها فوق كل الأثاث الذي دفن تحت الارض.
تعيش ثريا وبناتها منذ الفيضان وحتى الآن ظروفا سيئة خاصة أن ابنتها (هبة) جلست لامتحانات الشهادة الثانوية هذا العام في ظل ظروف بالغة التعقيد فاضطرت للاقامة مع صديقتها في منزلهم بسبب عدم وجود ملابس ترتديها للمدرسة وكهرباء تراجع بها دروسها.
(٥)
لم يختلف الأمر كثيرا مع شقيقتها (اماني) وهي ارملة لها خمسة أبناء من بينهم اثنان في مرحلة الأساس تم طردهم بسبب عدم ارتدائهم للزي المدرسي الذي يقبع تحت حطام منزلهم المحطم الذي لم يستطيعوا أن يستخرجوا منه شيئاً ليقوم جيرانهم في الحي مدهم بأواني الطبخ والشرب وبعض الأسرة ليناموا عليها .
(٦)
هبت عدد من المنظمات الخيرية والأفراد بعد الكارثة لنجدتهم ودعمهم ولكن لم تصلهم كلها غير وعود وعدم تنفيذ من البعض.
فيما تبرع لهم عدد من فاعلي الخير بالخيام وتم توزيعها عليهم ولكن قامت لجنة التغيير والخدمات بالحي باستكتابهم تعهدا بارجاعها بعد تشييد منازلهم وذلك بعد أن استخرجت لهم شهادة ضرر وهو الأمر الذي ازعج أهالي الحي وأثار شكوكهم بان الخيام منحتها لهم جهات خيرية، متسائلين كيف يردوها ومن سيأخذها؟ إلى جانب أنها أصبحت خفيفة ومهترئة غير قادرة على حمايتهم من البرد حسب قولهم.
(٧)
ما تزال الأرض التي جفت من المياه مؤخرًا مرسومة عليها أثار ذلك الفيضان الذي حفر فيها وفي قلوبهم فأصبحت الارض ذات شقوق وحفر تذكرهم بماساتهم.
متضررو السيول والامطار في تلك المنطقة مازال مصيرهم مجهولاً ومازالت معاناتهم مستمرة وهم يتوسدون الارض ولا واقٍ من زمهير الشتاء الذي ترتجف له الأبدان وهم يبحثون عن مأوى ودفء لهم ولصغارهم الذين لا حول لهم ولا قوة.

شارك الخبر

Comments are closed.