لا يُغتفر

كثير من الأخطاء المرتبكة في الدنيا قابلة للتصحيح، لكن بعض منها لا يغتفر.
لا توجد أعظم من حرمة الدماء والقتل، قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، لكن بعضهم يمارسها دون أن يرتد له جفن.
آلمنا جميعاً أن يبيع الإنسان ضميره ويحنث باليمين، بعد أن أدى القسم ممارساً مهنته بحق وأمانة ونزاهة وشرف، لكنها تسقط هكذا بسرعة ودون مبرر..
إن اجتمعت الأسباب جميعها، ليس بإمكانها أن تبرر مثل هذه الأفعال، التي تنتج عن الجبن والجشع والتواطؤ.
لا نريد الاستعجال، لكن ليتنا نعلم ما الذي سيقوله طبيب التشريح الذي كتب في تقريره إن بهاء مات “لاحتقان في المخ نتيجة علة مرضية”..؟
لقد قال شقيقه الذي لا يعرف في الطب، إنه رآى آثار التعذيب عليه، فكيف جاءت هذه الجرأة للطبيب، وكيف اعتقد أن مثل هذا الجرم لا يُكتشف..؟
أمس ودعت جموع غفيرة، بهاء الدين نوري، بعد أيام طويلة كان جثمانه الطاهر في المرشحة في انتظار التشريح الثاني، والذي أكد وجود كدمات في الرأس، وتكدمات في جانبي الصدر وتكدم أصبع القدم اليسرى”
ودعت الجموع بهاء، وصاحبته الدعوات للقسوة والبشاعة التي ارتكب بها الجُرم، فكان مثالاً لآخرين قتلوا بذات الطريقة السيئة، “التعذيب حتى الموت”، ومحاولة طمس آثار الجريمة من “أطباء شرعيين”..!
صحيح أن القتل، هو القتل، برصاص أو سم أو آلة حادة، لكن “رمزيته” في مخيلات الناس تختلف.
من الصعب أن تنسى ذاكرة الإنسان، مواطناً تم تعذيبه حتى الموت.
لذلك، ظل الشهداء أحمد الخير ومحجوب وآخرون عالقين في الذاكرة، حاضرين في أي مكان، أسماؤهم ترفرف عالياً حين المطالبة بالقصاص.
تتكرر هذه الحوادث لانعدام الضمير أولاً، وللتساهل مع المجرمين، وليس آخراً أن العقوبات الرادعة لا تصل إلى نهاياتها.
إن لم يكن مثل هذا الموت، سبباً في إيقاف الأذى عن الناس، فلن يوقفه شيءٌ آخر..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.