عودة السفير (2-2)!!

العروة الوثقى ..د.أحمد التجاني محمد

باتت الدبلوماسية الناجحة اليوم ترتكز على عدة أنشطة لتحقيق مصالح البلدان ورعايتها بالتفاعل مع المجتمع المدني وقادة الرأي وتعتبر الدبلوماسية الشعبية امتدادا للدبلوماسية الرسمية وداعمة لها وتسير في خطين متوازين وهي تستند في أصلها إلى المبادرات المجتمعية لتساهم في دعم الدبلوماسية الرسمية .
السفير علي بن حسن جعفر منذ وصوله السودان قام بالعديد من المبادرات والشراكات مع الجامعات السودانية ومنظمات المجتمع المدني والإدارات الأهلية ومشائخ الطرق الصوفية وأنصار السنة المحمدية والعلماء والفنانين والرياضيين والإعلاميين ونسق مع العديد من الجمعيات الخيرية لإيصال المساعدات الإنسانية التي يقدمها مركز الملك سلمان للاعمال الإنسانية.
عقب العودة من رحلة الاستشفاء كتب السفير بن جعفر مقالا بماء من ذهب تحت عنوان سنقتسم الخبز معاً..!! وأهم ما جاء في المقال هو تأكيده أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان، أزلية ومتجذرة ومتنامية، أساسها الأخوة الصادقة والدين واللغة والجوار والتاريخ المشترك.. تنمو وتزدهر يوماً بعد يوم.. وتمضي متسارعة.. متطورة نحو المزيد من التفاهم والتعاون المشترك.. لم تنقطع ولم تتأثّر ثوابتها على مر الأزمان…!
عقد السفير مقارنة رائعة بين الماضي والحاضر وكأن عقارب الساعة قد عادت الى أبريل من العام 1985م وفي أوضاع انتقالية مشابهة بالسودان، كان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله يقطع بكلمة واضحة أن المملكة سوف (تتقاسم الخبز مع السودان!!) وهو ما قد كان بمنحة للمجلس الانتقالي بقيادة المشير الراحل عبد الرحمن سوار الذهب مبلغ 60 مليون دولار.. وفي ذات الوقت الذي كانت بواخر النفط فيه ترسو بميناء بورتسودان وهي تحمل كفاية السودان من الوقود.. بعد أن كانت الخزينة فارغة والبلاد تُعاني نفاد المخزون من الغذاء.. ومؤخراً وعند الإعلان عن الانتقال الجديد في أبريل العام 2019م كانت المملكة العربية السعودية أول الداعمين لخيار السودانيين، وحاضرة في الوقت وعند الوعد بدعم السودان بملبغ 250 مليون دولار، هذا غير أكثر من 6 مليارات أخرى صادقت بها قيادة المملكة للمشاريع الاستثمارية في السودان.
(فما اشبه اليوم بالبارحة ) تغير الزمان ولكن شعبي البلدين لم يتغيرا ..!!
أشار السفير الى طبيعة الأواصر والوشائج بين المملكة والسودان، جعلت دعم السودان وشعبه أولوية مُلحّة، فقد كانت المملكة ومازالت واحدة من أكبر الدول المانحة والداعمة للسودان الشقيق، وظلّت المملكة تسعى دائماً لدعم الجهود الإنسانية مع دعم التنمية، للوصول إلى التعافي الاقتصادي، حيث قامت برفع استثماراتها في القطاع الخاص، والعمل على زيادة التبادل التجاري بين البلدين، وبادرت بقيادة وحشد الجهود الدولية لدعم السودان في كل المجالات، وعلى رأسها رفع العقوبات الاقتصادية، وشاركت بفاعلية في مؤتمر المانحين للسودان ببرلين، واستضافت الرياض وترأست اجتماع مجموعة أصدقاء السودان والذي شاركت فيه 25 دولة ومنظمة من أجل الوصول إلى أكبر قدر من التمويل. خلال العام 2020م.
ما جاء في مقالة السفير بن جعفر يشكل عصفا ذهنيا وسياحة علميا نحو العلاقات الازلية بين البلدين .
وعطفا على هذا المسار فقد التقى السفير السعودي بن جعفر أمس الأول بوزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور جبريل ابراهيم واجندة الاجتماع لم تخرج عن مسار النمو الاقتصادي والاستثمار وجهود المملكة الداعمة والمساندة للسودان والمساهمة في إنعاش الاقتصاد السوداني والاعفاء من الديون .
وبدات الدبلوماسية السعودية أكثر حراكا وعلى عجل وصل إلى البلاد معالي وزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية الأستاذ أحمد بن عبد العزيز قطان أمس للخرطوم والتقى على الفور بوزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور جبريل ابراهيم وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية وسبل تعزيزها وتطويرها .
جدول أعمال الوزير السعودي حافل بلقاءات نوعية مع قيادة الدولة ومن المقرر أن يلتقي الوزير السعودي بالفريق ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي والسيد د. عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء والسيدة الدكتورة مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية وفي تقديري أن هذا الحراك يستنتج عنها ثمار يانعة يتحلي به الشعب السوداني بعد أشهر من الأزمة الاقتصادية المرة.
هذا السفر الحافل المعزز بوشائج الاخوة والبذل والعطاء ما كان ليحدث لولا الدبلوماسية الشعبية والرسمية الفاعلة.
البعض يعتقد أن مهمة السفير سهلة ولكن في الواقع هي مهمة شاقة ومضنية والسفير في كل لحظة من عمره قد يواجه اختبارا وتحدي كبيرا في سفارته لا ينجح فيها الا اصحاب الخبرات التراكمية، فالعمل الدبلوماسي مغارة متشعبة وجهد شاق وبوصلة لا تطش وخدمة لا تعرف التراخي الكسل وفوق ذالك هي خبرة وريادة وقيادة وتكيف مع الواقع واجادة فن الممكن ولا ازال أتذكر بعض الكلمات التي كتبها صديقنا العزيز السفير السعودي السابق فيصل بن حامد معلا بعد انتهاء فترة تكليفه تحت عنوان (استوعناكم الله أيها الشعب السوداني)..حيث وصف خلاله السفير في مقالته العمل الدبلوماسي ومحطاته ومشقته ومنعرجاته وحلوه ومره..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.