غيبوبة إعلامية

(1 )
قلنا بالأمس ان السيدة مريم الصادق وزيرة الخارجية، لم تكن موفقة في تصريحاتها الأخيرة بالقاهرة، ولكن في نفس الوقت الحملة المنظمة التي قوبلت بها تعدت السيدة مريم إلى حزبها والحكومة الانتقالية، وتعدت كل ذلك الى العلاقات المصرية السودانية، كل هذا جعلنا نوقن أن هذة الحملة حملة منظمة يقودها أصحاب أجندات متباينة ومتقاطعة في نفس الوقت . بالطبع الإعلام الرسمي من إذاعة وتلفزيون تجاوزت هذه التصريحات اللهم إلا إذاعة بيان وزارة الخارجية الذي تدافع فيه عن الوزيرة، ولم يكن لهذا البيان داع ولكن الصحف والإعلام الاجتماعي من واتساب وفيسبوك وتويتر قد غمر الفضاء الإعلامي بهذه التصريحات مما يؤكد أن هناك استهدافا من عدة جهات لعدة جهات ولكن في تقديري ان الأخطر هما جهتان الأولى هي تلك التي تود النيل من الحكومة الانتقالية، فهذه الحكومة ظهرت بمظهر أكثر تماسكا من الحكومة السابقة، والجهة الثانية هي التي تود النيل من العلاقة السودانية / المصرية، وهذه تخدم طرفا ثالثا في هذا الوقت.
(2 )
إن الزخم الإعلامي المشار اليه أعلاه لا يتناسب ابدا مع هذه التصريحات التي ملأت الدينا وشغلت الناس، فهي لا تعدو إلا ان تكون زلة لسان، وعلى أسوأ تقدير ان الأثر الذي أحدثته ان كان لها أثر، يمكن إزالته بكل سهولة بما ستظهره البلاد من سياسات في الأيام القادمة ومكمن الخطورة أن هذا الضغط الإعلامي الذي حمل هذه التصريحات إضافة إلى أنه سيصرف البلاد الى أجندة سياسية مدمرة ، وفي نفس الوقت يحجب عنها أجندة في غاية الأهمية، فمثلا في هذه الأيام تدور حرب حقيقية في الفشقة الصغرى، فالقوات المسلحة السودانية تخوض حربا ضروسا في آخر معقل من معاقل الشفتة الأمهرية الاثيوبية المدعومة بالجيش الأثيوبي الرسمي، ووزير الخارجية الاثيوبي استدعى السفير السوداني وقال له إنهم سيغزون السودان إلى ان يضموا الجزيرة، فهذا الأمر كان يجب ان يجد الضخ الإعلامي الذي يسند ظهر القوات المسلحة وهي تخوض معركة الكرامة والشرف . هناك السياسات النقدية الجديدة وهي طوق النجاة الأخير للبلاد كما أنها مقدمة لمشروع وطني يلتف حوله كل السودان هذا الأمر تركه الإعلام ليغرق في كلام مريم، هناك قرار البرهان بتحويل نظام الحكم من ولائي لإقليمي نزولا عند اتفاقية سلام جوبا وهو قرار خطير سيكون له ما بعده . بالأمس أصدرت والية الولاية الشمالية قرارا مدمرا يمنع المزارعين من بيع قمحهم في سوق الله أكبر، فمثل هذا القرار كان يجب أن يكون حديث الساعة .أما نتيجة دخول الجامعات هذا العام فأدي ربك العجب حيث ان هناك من أحرزت أكثر من 90% ولم تيجد فرصة قبول . برضو تقول لي إعلام.
(3 )
كلنا ندرك احتفاء الإعلام بالنوازل فما ان يحدث حدث غير عادي إلا ويتحول الإعلام اليه بكلياته، تاركا الأجندة الروتينية، فمثلا في أيام تصريحات مريم وقع حدث كبير في مستشفى مدني حيث تعدى مرافقو مريض على الدكتور الشاب محمد هاشم وفقأوا عينه وتركوه بعين واحدة في منظر يدمي القلب ويهدد الأمن الاجتماعي في البلاد قاطبة، حدث مثل هذا يفترض ان يملأ كل الدنيا في السودان لما يحمله من مخاطر، ولكن إعلامنا الاجتماعي سامحه الله توقف عليه على استحياء، فمن منا يعرف اسم المعتدين وملابسات الواقعة ؟ فيا وزارة الإعلام هل لديك رغبة وقدرة على إخراج البلاد من هذه الغيبوبة؟

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.