سد النهضة على طاولة مجلس الأمن… فرص ضئيلة للتسوية

ترجمة: سحر أحمد
حذر تقرير حديث بمركز “ويلسون” الذي يعتبر من أهم المراكز البحثية في العالم ويتخذ من واشنطن مقرا له من تصاعد حدة الصراع بين دول حوض النيل بما في ذلك السودان ومصر واثيوبيا، حول ملف سد النهضة، معتبرا أن الوضع على وشك أن يصل إلى نقطة الغليان في غضون أيام، بمجرد أن تبدأ أمطار الصيف الغزيرة على المرتفعات الإثيوبية، مما سيؤدى إلى ملء الخزان للمرة الثانية.
تصاعد الخلاف:
وأشار التقرير إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تسمح لإثيوبيا بتركيب بعض أجهزة الطرد المركزي والبدء في توليد الكهرباء. لكن مصر والسودان ما زالا مصرين على أن إثيوبيا ليس لها الحق في إعاقة التدفق الحر للمياه دون التوصل إلى اتفاق ملزم مع دول المصب بشأن السرعة التي سيتم بها ملء الخزان وكيفية توزيع المياه في المستقبل، خاصة أثناء فصل الجفاف.
فشل المفاوضات:
أشار التقرير إلى أن سنوات من التفاوض لم تحرز أي تقدم فيما يتعلق بالوصول إلى تسوية، فقد حاولت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن إثيوبيا انسحبت من مسودة اقتراح اعتبرته منحازًا لمصر. كما حاول الاتحاد الإفريقي التوسط مرتين. المحاولة الأولى، التي نفذت عندما سيطرت جنوب إفريقيا على الرئاسة الدورية للمنظمة الإقليمية، أُعلن فشلها في يناير 2021. وفي إبريل، عندما تم نقل رئاسة الاتحاد الإفريقي إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، استؤنفت الجهود، أيضًا دون نجاح.
في غضون ذلك، تصر مصر على أن جهود الوساطة يجب أن تكون أوسع بكثير، لتشمل أيضًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وهو موقف ترفضه إثيوبيا. وتحولت مصر أيضًا إلى جامعة الدول العربية التي أصدرت في يونيو الماضي قرارًا يدعم موقف مصر والسودان. كما طالب السودان، بتحريض من مصر وفقا للتقرير، بتدخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أساس أن السد يشكل تهديدًا للأمن الدولي. وفي ظل الخلاف بين الأطراف، باتت الأمطار وشيكة وكذلك الملء الثاني لخزان سد النهضة.
واعتبر التقرير أنه من غير المرجح أن يتم تنفيذ تهديد مصر باستخدام القوة لمنع حدوث ذلك، نظرًا لكل من الصعوبات اللوجستية والاحتجاج الدولي الذي قد يثيره مثل هذا الإجراء.
تحديات ماثلة:
يشير التقرير إلى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تعرقل حل المشكلة. الأول هو عناد مصر وإثيوبيا، وكلتا الدولتين تعتبر استخدام مياه النيل مصلحة حيوية. المسألة الثانية هي إرث الحقبة الاستعمارية والمعاهدات اللاحقة التي استُبعدت إثيوبيا منها وبالتالي لا تقبلها، لكن مصر تصر على ضرورة احترامها. على العكس من ذلك، رفضت مصر والسودان التوقيع على اتفاقية تفاوضت عليها جميع الدول الأخرى في حوض النهر في أوائل القرن الحادي والعشرين من أجل تنظيم استخدام النهر. العقبة الثالثة هي عدم وجود قوانين دولية أو أي اتفاقية أخرى واجبة النفاذ تتعلق بالأنهار الدولية التي تعبر الحدود الدولية مثل نهر النيل.
من جانبها قالت صحيفة “جورسليم بوست” الإسرائيلية أنه على الرغم من الإشارة إلى الانفتاح على اتفاق جزئي، يرفض السودان خطة الملء الثانية لما سيكون أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا.
معتبرة أنه عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات بين السودان وإثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي، فإنها خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء في إشارة إلى أنها لاتزال تراوح مكانها دون إحراز أي تقدم يذكر.
ونقلت الصحيفة عن أشوك سوين، رئيس اليونسكو للتعاون الدولي في مجال المياه ومدير كلية الأبحاث للتعاون الدولي في مجال المياه بجامعة أوبسالا، السويد قوله “سيكون السودان منفتحًا على صفقة الملء الثانية إذا كان الأمر يتعلق فقط بملء الخزان”، مضيفا “كان اقتراح إثيوبيا بشأن الملء الثاني بداية جيدة، لكنني أعتقد أن المشكلة الحقيقية كانت الخطة الإثيوبية لتوسيع نطاق المفاوضات. فهي تعتزم الانتقال من إدارة المياه إلى تقاسم المياه.
تهديد إقليمي:
من جانبه قال ويليام دافيسون، كبير المحللين في إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن النيل مورد مشترك يجب إدارته من خلال التعاون، وأن اتفاق سد النهضة سيعزز هذه العملية. لافتاً إلى أنه “لن يكون هناك نقص حاد في المصب لمجرد أن إثيوبيا تبدأ بالملء دون اتفاق، ولكن هناك تهديد بتراجع التعاون وزيادة عدم الاستقرار الإقليمي.”
فيما يرى سوين إن مشكلة التوصل إلى اتفاق هي الافتقار إلى الثقة المتبادلة بين دول الحوض والسقوط السريع لمكانة إثيوبيا كشريك موثوق.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن رفض السودان الأخير لملء السد الثاني مهمً بشكل خاص لأن الخرطوم ستستفيد أكثر بكثير من مصر من بناء السد.
حيث قال المحلل إنه: “في حين أن السودان لديه العديد من الإيجابيات التي يمكن الاستفادة منها من الاستخدام التعاوني لسد النهضة، إلا أن مصر لديها القليل جدًا”. في الوقت نفسه، إذا اجتمعت إثيوبيا والسودان، فإن مصر لديها أيضًا خيارات محدودة لمنع إثيوبيا من المضي قدمًا في مشاريع المياه في المنبع “.
وساطة أممية:
من جانبها رحبت الحكومة السودانية باستجابة رئيس مجلس الأمن لطلبها الخاص بعقد جلسة لمناقشة النزاع بشأن سد النهضة الإثيوبي، وتصريحه بعقد الجلسة خلال هذا الشهر.
وقال المتحدث الرسمي باسم فريق مفاوضات سد النهضة، عمر الفاروق سيد كامل، في تصريح صحفي، إن “مجلس الأمن باستجابته لطلب السودان، وموافقته على عقد هذه الجلسة، يبرهن على خطورة الملء الثاني لسد النهضة، وخطورة عدم قدرة الأطراف على التوصل لاتفاق نهائي وملزم على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين”.
وكانت وزيرة الخارجية مريم الصادق، قد بعثت برسالة الى رئيس مجلس الأمن في 22 يونيو الماضي، طالبت فيها المجلس بعقد جلسة في أقرب وقت ممكن لبحث تطورات الخلاف حول سد النهضة الاثيوبي .
كما طالبت رئيس مجلس الأمن بحث كل الأطراف على “الالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي، والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، ودعوة إثيوبيا للكف عن الملء الأحادي لسد النهضة، دون التوصل لاتفاق نهائي”.
في ذات الأثناء أشارت تقارير اخبارية إلى أنه قبل أيام من اجتماع محتمل لمجلس الأمن الدولي للنظر في ملف سد النهضة، قال رئيس المجلس نيكولا دو ريفيير إن المجلس ليس لديه الكثير الذي يمكنه القيام به بخلاف جمع الأطراف معاً للتعبير عن مخاوفهم، ثم تشجيعهم للعودة إلى المفاوضات للوصول إلى حل.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.