من المسؤول؟! محل “أمير” بمُجمَّع (النور) محروم من (النور)

 

 

الخرطوم: ياسر الكُردي

قرائن أحوال لا حصر لها تشيرُ إلى أننا في السودان نعيش داخل (غابة كبيرة)، القويُّ فيها آكِل والضعيف مأكُول..!! القانون في إجازة مفتوحة والذهاب إلى ساحاته يجعل المظلوم يُواجه مرارات تفوق تلك التي وقعت عليه من الظالم، فحتى لو صدر الحُكم لصالحه سيكون ذلك بعد أن تجرَّع المُشْتكي طعم العلقم..!!

المواطن “أمير بابكر عبد الله”، أحد وكلاء شركة زين للاتصاﻻت استأجر محلًا تجاريًا لممارسة نشاطه، لكنه جاء صباح يومٍ فوجد التيار الكهربائي مقطوعًا عن محله… السؤال هل فعلت ذلك شركة الكهرباء؟.. ليتها كانت فهي على اﻷقل الجهة المسؤولة.. إذًًا من قطعه؟.. ولماذا؟ وكيف حدث ذلك؟ ومنذ متى؟ وماذا قال القضاء.. وحتى بعد صدور الحُكم، هل تم تنفيذه؟

 

تلخيص القصة

يقول “أمير بابكر” لـ(السوداني): مُلخّص قصتي أن (لُقمة عيشي) التي رزقني منها الله تأتيني من (محل تجاري) استأجرته من شركة سناء المملوكة ﻷتراك، وهي نفسها مؤجِّرة من مجمع النور الإسلامي بكافوري، ويضيف بأن الشركة ناصبته عداءً سافرًا وقطعت من محله التجاري التيار الكهربائي لفترةٍ قاربت الستة أشهر، مشيرًا إلى السبب هو إدعاء إدارة الشركة أنه حرّض لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام اﻹنقاذ، حرّضها ضد المجمع، كما أنها زعمت تحريضه للمستأجرين ضد إدارة الشركة، منوِّهًا إلى أنه خلال تلك الفترة التي أُغلق فيها محله (مكتب زين) بسبب انقطاع الكهرباء، طرق كل اﻷبواب بما فيها (القانون) ﻹعادة التيار إلى محل أكل عيشه لكنه فشل، ما جعله يتساءل هل شركة سناء المملوكة لـ(أتراك) أقوى من العدالة التي تحرس (السودان)..!!!

بنود العقد

“أمير” قال: في خواتيم عام 2013م وتحديدًا في شهر نوفمبر، أبرمتُ عقدًا كغيري من التجّار مع شركة (سناء للمواد الغذائية المحدودة) المملوكة لمستثمرين أتراك، وهي بدورها قامت باستئجار (المول) وملحقاته من مُجمّع النور اﻹسلامي بكافوري (الخرطوم بحري)، وقد التزمتُ بكل ما يليني من بنود العقد الموثّق والموقّع بيننا، والذي يحوي نصًا واضحًا في الفقرة (4) يقول يلتزم الطرف اﻷول وهو (شركة سناء) بسداد استهلاك الطرف الثاني وهو (شخصي) من الكهرباء والمياه..

وأضاف أن العلاقة بينه وشركة سناء مضت بكل سلاسة وانضباط حتى يوم سقوط نظام الإنقاذ، وبعد ذلك آل المجمع كله للأوقاف وفقًا لقرارات لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام اﻹنقاذ، حيث جاءت لجنة جديدة للمجمع لكنها أعادت ذات الجهة القديمة ﻹدارة المول وملحقاته وهي شركة (سناء)، إحدى شركات المستثمر التركي “أوكتاي” – حسب قول أمير- …

بين العسكر والمدنيين

ويؤكد “أمير بابكر” أن نائب مدير الشركة وهو فريق شرطة (متقاعد) عبد العزيز حسين، اجتمع بهم كمستأجرين وطلب منهم فتح (ظروف) أمامهم لتحديد قيمة اﻹيجار الجديد، وخاطبهم بالحرف (أمامكم 72 ساعة أي شخص اﻹيجار الجديد ما نافع معه يسلّمنا المفتاح)..

يقول أمير إنه ردَّ على نائب مدير الشركة بأن الطريقة التي يخاطبهم بها غير مقبولة لديهم، فأجابه الرجُل بأنه (عسكري).. فقال له “أمير” (طيِّب نحن ما عساكر)..

وبحسب أمير فإن العداء بينه والشركة استفحل بعد هذه الحادثة، أما بالنسبة لقيمة اﻹيجار فأكد أنها ارتفعت من (4) آلاف في الشهر إلى (200) ألف جنيه، لكننا رفضنا وأصبحنا نقوم بتوريد اﻷجرة القديمة إلى (بوستة المحكمة) فانتهجت إدارة الشركة معي أنا “أمير بابكر” أسلوب المكايدات، حيث قطعت من المحل التجاري الذي هو مصدر رزقي، قطعت منه التيار الكهربائي لفترة زمنية اقتربت من نصف العام، فذهبت للنيابة لتقديم شكوى ضد الشركة التي مارست كل أساليب الالتفاف حول القانون لعدم تطبيقه، وذلك لأن الشركة تتهمني بأنني أقوم بتحريض المستأجرين لرفض اﻹيجار الجديد وقد استمر الوضع على هذا المنوال حتى موعد انقلاب البرهان في أكتوبر 2021م.

ثم ماذا بعد…!!

يقول أمير بعد انقلاب البرهان عاد المجمع كله من اﻷوقاف إلى اللجنة القديمة برئاسة ناظر الوقف “علي حسن أحمد البشير” ومن المفارقات انه مازال حبيسًا بالسجن منذ قيام ثورة ديسمبر، وبالتالي لا يمارس أي أعباء بطبيعة الحال.. حيث إن المسؤول اﻵن هو اﻷمين العام “محمد الحبيب”… ويؤكد أمير بابكر أنه ذهب له وطلب منه إعادة التيار الكهربائي إلى محله ﻷنه مقطوع منذ حوالي ستة أشهر فقال له إن هذا الموضوع تابع لشركة سناء وهو كمدير للمجمع لا علاقة له به.

بين “الحبيب” و”اﻷمير

وبتاريخ اﻷول من أكتوبر عام 2022 م، بحسب “أمير” أخطرتهم شركة سناء بأنها لن تستلم منهم إيجارًا وأن عليهم توفيق أوضاعهم مع إدارة مجمع النور اﻹسلامي، منوهًا إلى أنهم ذهبوا لمدير المجمع “محمد الحبيب” فقال إنه قد تقرر أن تكون قيمة اﻹيجار بالدولار، بحيث تُحسب بسعر عشرة دولارات لكل متر…

يقول أمير أنه خاطب محمد الحبيب، رافضًا هذا العرض لعدة أسباب أهمها أن الكهرباء مقطوعة من محله منذ عدة أشهر، لكن الحبيب أخبره بأنه غير مسؤول عن الكهرباء، ﻷن تلك المشكلة كانت مع اﻷتراك وليس مع إدارة المجمع.

إدارة المجمع تتحدّث لـ(السوداني)

بعد استماعنا للمواطن أمير، من أمام محله التجاري الذي يُخيّم عليه الظلام، ذهبنا لمدير مجمع النور، “محمد الحبيب” وللأمانة فقد قابلني الرجُل بكل ترحاب واستمع لحديثي كاملًا ثم قال: بالنسبة لسعر اﻻيجار الجديد فقد تم وضعه عبر لجنة راعت ظروف المستأجرين، منوهًا إلى أن بعضهم مواطنون بُسطاء يعولون أسرهم من هذه المحال، فهي ليست كلها لشركات مثل زين وسوداني و(إم تي إن) وبعض وكالات السفر، وبالتالي مراعاةً للبسطاء تم تقييم اﻹيجار شريطة أن يكون الدفع بالجنيه السوداني وليس الدولار، الذي حُدِّد فقط لحفظ القيمة لا ﻹلزامية السداد به، مشيرًا إلى أن متوسط قيمة اﻹيجار للمحل الذي يفوق الستين مترًا مربعًا هو حوالي (180) ألف جنيه في الشهر، وهو مبلغ متواضع مقارنة بقيمة اﻹيجارات في الأسواق الطرفية وليس حي كافوري المُصنّف كإحدى أقيم المناطق بالعاصمة كلها.

أما بالنسبة لقطع الكهرباء عن محل المواطن أمير فقال الحبيب هذه مشكلة قديمة حدثت مع شركة سناء، والمجمع ليس طرفًا فيها… فسألته كيف لا يكون المجمع طرفًا فيها وهو المالك لكل المحال بما فيها المول المستأجر لشركة سناء..!!

فقال إنهم خاطبوا كافة المستأجرين بأن الكهرباء لن تكون على المجمع بل سيحرّرون خطابات لكل مستأجر على أن يذهب به إلى شركة الكهرباء للحصول على عدّاد منفصل يمكِّنه من دفع كهرباء محله بنفسه…

قلت له طيب إلى ذلك هل يبقى هذا (المتظلّم) بلا كهرباء ومحله مقفولًا?! فقال الحبيب إن هذا المتظلم قد رفع دعوى ضد شركة سناء وعليه أن ينتظر حكم القضاء.

المحكمة تُقرِّر ولكن بلا تنفيذ

أمير قال إنه وبعد أن وصل إلى طريق مسدود مع إدارة شركة سناء المؤجّرة له، وأيضًا إدارة مجمع النور المالكة لكل المحال المُستأجرة لـ(اﻷتراك والسودانيين)، ذهب للقضاء وبعد رحلة مع المحاكم صدر أخيرًا قرار لصالحه حيث قضى بأن تعيد شركة سناء الكهرباء إلى محله.. لكن حسبما أكد “أمير” لـ(السوداني) فإنَّ قرار المحكمة الموقّرة لم يتم تنفيذه حتى كتابة هذه السطور.

إدارة شركة سناء لا ترُد

بعد الاستماع إلى صاحب المظلمة وكذلك إدارة المجمع، سعت (السوداني) للجلوس مع شركة سناء وعرض وجهة نظرها لكن لم نجدها، فاتصلنا على نائب المدير “عبد العزيز حسين” لكنه لم يرد علينا.

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.