شرق السودان وحصار الخرطوم

د. يوسف الكودة*

شارك الخبر

 

كان لتحرك شرق السودان أثر بالغ في زحف بقية الأقاليم الأخرى نحو الخرطوم خانقة للمركز لرؤيتها خلاصا في ذلك التحرك لا يقتصر على الشرق وحده وإنما لكل مظاليم أولئك الجاثمين على صدر تلك الثورة العظيمة ما نعين عنها ليس التنفس وحده وإنما كل ما تحتاجه مما يعينها على الحركة بل حتى النهوض فأصاب الهلع جميع أولئك الفاشلين من قادة الفترة الانتقالية مستنكرين ذلك الفعل ناسين أنهم شاركوا في الحكم من هو تجاوز بأكثر مما فعل الزعيم ترك وأهلنا بالشرق من حركات مسلحة ما زالت تحتفظ بسلاحها كما تحتفظ بوظائفها الدستورية.
وبلا شك اذا كان قد سبقت تصريحات لذلك التحرك من الزعيم ترك قبل أن يعمد إلى إغلاق شرق البلاد محتجا على سياسات الفترة الانتقالية تجاه الشرق خصوصا والسودان بشكل عام حسبما ورد في تعليله فلو كان قد سبق ذلك الفعل تصريحات مفادها المطالبة بفصل الدين عن الدولة وإرساء مبدأ العلمانية في البلاد مع إلغاء الشريعة الإسلامية لصنع منه معارضوه هؤلاء من مجموعة قحت الآن بطلا من الأبطال ولسامحوه عن كل تجاوز قد تجاوزه تماما كما سامحوا (الحلو) بل صالحوه مع اقتطاعه جزءا من البلاد مطلقا عليه بالمناطق المحررة فصار مثله مثل حلايب وشلاتين والفشقة قبل التحرير وزاد على ذلك مطالبته بالغاء الشريعة وفصل الدين عن الدولة والغاء عطلة الجمعة عيد المسلمين واستبدالها بيوم آخر من ايام الأسبوع قائلا هذا أو الانفصال وتقرير المصير.
وبرغم من كل ذلك وجدنا من يعامله معاملة فتى الثورة المدلل فزاره رئيس مجلس الوزراء في أراضيه المحررة بعد أن أذنوا له بذلك وهو في غاية من الابتهاج والسعادة لم تفارقه البسمة طوال ساعاته التي قضاها هناك بل وقع معه في ما بعد اتفاقية مفادها مباركة ما يطالب به الحلو.
فأجمل ما قرأت من وصف لهذه العلاقة التي تجمع بين الحلو وقحت قولهم : إن الحلو هو الجناح المسلح لقحت
وإن ننسى لن ننسى تصريحات خالد المعروف بخالد سلك الذي قال مصرحا بالحرف الواحد إن ما يطالب به الحلو ينبغي أن يكون مطلبا لكل السودانيين ولم يشجب لا هو ولا حمدوك ذلك التمرد والاعتداء على الوطن من قبل الحلو هذا في حين قامت القيامة ولم تقعد عندما فعل ترك اقل مما جناه وارتكبه الحلو تجاه هذا الوطن ليتأكد لنا جليا أن الأمور عند أهل قحت تدار بازدواجية في غاية من القبح مما يؤكد كذلك أن هؤلاء يثبتون لنا كل صباح انه لم يكن لديهم مشكل فقط مع من كان يحكم البلاد قبل ثورة ديسمبر وإنما مشكلتهم في الأساس هي مشكلة فكرية ايدولوجية ينوون من خلال هذه الثورة اجتثاث كل ما له علاقة بكلمة شريعة او أحكام إسلامية وإلا كيف نفسر هذه الهجمة وذلك الاستنكار الواسع لما قام به ترك
ومن ناحية أخرى ذلك التهوين لما قام به الحلو من جرم يستحق تدخل كل القوات النظامية في البلد لإعادة هذا الجزء الحبيب من الوطن ما يطلق عليه زورا وبهتانا بالمناطق المحررة.
نحن مع ترك بالرغم من أننا كنا نرى أن يحل الأمر حلا سياسيا دون أن يجبروا أهلنا في الشرق من اتخاذ تلك الخطوات التي ربما قادت إلى تكلفة غير مطلوبة.
لذلك نحن نرى أن لابد من تدخل وفق الوثيقة الدستورية للإعلان عن انتخابات مبكرة نزيهة وشفافة ملزمة نتائجها للجميع
لا يهم أيا كان القادم إلينا من أقصى اليسار أو أقصى اليمين لطالما هو من السودانيين ولمن لم يحالفه الحظ لخدمة البلاد أكثر من غيره كما يعتقد ويظن فلينتظر ما سيكون من دورة قادمة إلى أن تستقر البلاد على الحال التي يرضاه لها الجميع.
وبالله التوفيق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.