الإسلاميون.. جدل الظهور في المشهد

نظم التيار الإسلامي إفطاراً في الرابع من رمضان، وكشفت الصور ومقاطع الفيديو المتداولة أن برنامجهم مر بسلام، عكس العام الماضي، حيث تم إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.. وعلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأن عودة الإسلاميين وأعضاء حزب المؤتمر الوطني المحلول ليست مستغربة، وما تبقى فقط هو إطلاق رئيس النظام السابق، عمر البشير، ليرجع السودان إلى فترة ما قبل الثورة.

الخرطوم: وجدان طلحة
الزراع السياسي :
مراقبون أشاروا إلى أن ظهور الإسلاميين في الساحة السياسية ليس مفاجئاً، إذا كان عبر بوابة الخدمة المدنية أو بعد تبرئتهم من التهم الموجهة إليهم، باعتبار أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، كان رئيساً لحزب المؤتمر الوطني المحلول في إحدى محليات دارفور، وهو الذراع السياسي للحركة الإسلامية.
آخرون أوضحوا أن ما يحدث في السودان بعد انقلاب 25 أكتوبر هو ظهور كامل للإنقاذ بثوب جديد، ومن خلف حجاب يتحكم قادتها في إدارة شؤون البلاد، وهم من أوصلوا البلاد إلى هذه الدرجة، ليجدوا مبرراً للظهور إلى العلن، وليقولوا إن فترة حكمهم كانت أفضل بكثير من حكم أحزاب قوى الحرية والتغيير، موضحين أن الشعب يعلم هذه الحيلة، ولن يقبل بهم مرة أخرى؛ لأنه جربهم على فترات مختلفة، وآخرها كانت الإطاحة بهم عبر ثورة شعبية.
من يستحق؟
القيادي بحركة (الإصلاح الآن)، الإسلامي أسامة توفيق، قال في تصريح لـ(السوداني) إن من يتخيل أن الثورة اقتلعت الإسلاميين يكون واهماً، مشيراً إلى أن ما حدث ليس ثورة، بل حركة تغيير داخلية، استفادت من الزخم الموجود في إحداث تغيير في نظام الحكم بالبلاد، وقال إنه تكررت للمرة الثانية عبارة (اذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً)، وأضاف أنه تم استخدام القحاتة على نطاق واسع (وشالوا وش القباحة) في رفع الدعم وتعويم الجنيه، وتابع: (الإسلاميون (أصحاب الرصة والمنصة) والإسلاميون نفذوا بالقحاتة مهمة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وغيرها من القضايا ،لافتاً إلى أنه بعد انتهاء المهمة، تم وضعهم في السجون، وستنتهي أحزاب (قحت) بالانتخابات.
وقال توفيق: (من يستحق حكم السودان هم الإسلاميون لأنهم أذكياء)، مشيراً إلى أن الإسلاميين لم يختفوا من الساحة السياسية حتى يظهروا إليها مرة أخرى، لأنهم أصحاب اللعب منذ الدقيقة الأولى، وأضاف: “البلاد بها اثنان لديهم تفكير سياسي متقدم وهم الإسلاميون والشيوعيون، موضحاً أن الشيوعيين أدخلوا عناصرهم في مفاصل الدولة، وانسحبت القيادات، أما بقية الأحزاب اتضح أنها لا تفهم في السياسة”.
ظهور سابق :
مراقبون أشاروا إلى أن ظهور الإسلاميين في الفترة السابقة كان خجولاً، ولا يتعدي تسجيلاً صوتياً أو بياناً صحفياً، وفي يناير من العام الماضي انتقد الأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، الأوضاع السيئة التي وصلت إليها حال البلاد، وقال إن السودان أصبح مكشوف الظهر وطمع فيه الطامعون، وأضاف: “خلال تسجيل صوتي أن المهدد الأمني والعدوان تداعى على البلاد من الداخل بالتآمر والكيد والتخذيل، ومن الخارج بالجبهة الشرقية عبر ما وصفهم بالخونة وحلفاء المخذلين، الذين تسللوا لمراكز السلطة والإعلام”.
وقتها وجد الخطاب انتقاداً من بعض الإسلاميين معتبرين أنه يفتقد للرؤية الواضحة، كما أنه مشحون بالعاطفة، وقالوا إنه لم يأت بجديد عن أوضاع البلاد ولم يقدم حلاً، وأراد كرتي بهذا الخطاب أن يقول أنا موجود بعد أن تجاوزه المواطن؛ بسبب موقفه الذي لا يشبه الإسلاميين، وأن أعضاء التيار الإسلامي الحقيقيين إما في السجون أو داخل السودان يناضلون من أجل قضية يؤمنون بها، مشيرين إلى أنه اختزل تجربة الحكم في 30 عاماً بخطاب ضعيف.
فيما أشار آخرون إلى أنه خطابه كان عاطفياً أقل من قامة الحركة، واستثنى ملايين من عضوية المؤتمر الوطني، وأنه من الواضح أن المجموعة التي تتبنى هذا الخطاب تريد العودة للوراء، موضحين أنه خطاب تعبوي داخلي، فيما تحتاج عضوية الوطني لخطاب أكثر تقدماً، يخاطب قضايا البلاد، ويخاطب جميع السودانيين والقوى السياسية، ولا يمكن مخاطبة مجموعة معينة فهو خطأ سياسي شنيع.
دعوة للمصالحة:
بعض السياسيين وقادة الحركات المسلحة والمفكرين والطرق الصوفية دعوا إلى مصالحة مع الإسلاميين، لأهمية وجودهم في المعادلة السياسية، فهم تيار عريض لا يمكن إنكار وجودهم أو إقصاؤهم من الحياة السياسية، وأن محاولات إقصائهم في دول مجاورة باءت بالفشل، بل وظهروا أكثر قوة.
وسبق أن دعا نائب الأمين العام للحركة الشعبية جناح عقار، ياسر عرمان إلى المصالحة مع الإسلاميين وقال لا أحد يستطيع اجتثاث الإسلاميين، فيما دعاهم إلى مراجعة برنامجهم ومشروعهم القديم، وأضاف: “الإسلاميون كفكرة، لن يستطيع أحد أن يجتثهم من المجتمع، ويجب أن يراجعوا برنامجهم ومشروعهم القديم، إلى مشروع جديد، وهذا نرحب به، وهو مشروع قائم على المواطنة والديمقراطية، وعلى المحاسبة والشفافية”، وتابع: “هناك فئات من الإسلاميين دعمت الثورة، وشخصيات منهم استشهدت مثل الأستاذ أحمد الخير، فنحن لا نريد أن نضع الإسلاميين في سلة واحدة، ونتعامل معهم ككتلة صماء”.
المؤتمر الوطني :
لكن والي ولاية شرق دارفور، محمد عيسى، كان قد أبلغ رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، بضرورة أن تستوعب مبادرته التي طرحها الإسلاميين في البلاد، وقال إن هناك أفراداً مخلصين بحزب المؤتمر الوطني المحلول، كان لهم دور بارز في التغيير يجب أن يكونوا جزءاً من هذه المبادرة ، وربما هذه كانت الدعوة الوحيدة المعلنة من بعض المسؤولين لاستيعاب الحزب المحلول في المبادارات التي يتم إطلاقها لحل الأزمة بالبلاد.
إلا أن حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، كان يرى أن المؤتمر الوطني يمارس عملاً تخريبياً، وتم ضبط هذا الأمر من قبل السلطات.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.