الخرطوم :وجدان طلحة
دخان أسود أحكم سيطرته على حلة (عصدة) وأخفى تمامًا لونها الأبيض، وتم رميها بإهمال في باحة منزل سوره من القش، مصدر الدخان هو سيقان أشجار جمعتها سلوى أحمد من أسفل كوبري المنشية لتتمكن من تجهيز (عصيدة بملاح الروب) ليتناول أبناؤها السبعة وجبة الإفطار، ولا تبالي بخطورة ذلك رغم أنه يضفي مذاقًا آخر للوجبة .. ما دفعها لذلك هو عجزها عن توفير خبز بمبلغ 2000جنيه يوميًا لشراء الخبز، وهي عاملة في إحدى المؤسسات العلاجية الخاصة منذ الخامسة عصرًا وحتي الحادية عشرة مساء، مقابل 40 ألفًا شهريًا، وتجهز (الكسرة أو القراصة) للغداء.
إنهاء الدعم:
وتقول المرأة الخمسينية لـ(السوداني) إن زوجها توفي قبل 5 سنوات وأكبر أبنائها لم يكمل تعليمه بسبب الظروف الاقتصادية رغم أنه كان متفوقًا جدًا، وهو عامل (يومية) وإذا وجد عملًا يشتري خبزًا بمبلغ 500 جنيه لإخوانه ليرسم فرحة على وجوههم –حد تعبيرها-
السياسات الاقتصادية:
حال سلوى لا يختلف عن حال ملايين الأسر التي عجزت عن توفير الخبز، كما قال عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير د.عادل خلف الله لـ(السوداني) مشيرًا إلى أن السبب هو الاستمرار في نفس السياسات الاقتصادية والمخطط التنفيذي الذي وضعته الحكومة الانتقالية في فترة وزير المالية السابق إبراهيم البدوي، لافتًا إلى أن المخطط يستهدف إنهاء الدعم على السلع الأساسية والحيوية والخدمات الضرورية في التعليم والصحة والبنى التحتية، وإيكال مهمة توفير القمح والمشتقات البترولية والدواء ومدخلات الإنتاج إلى أفراد أو جماعات باسم القطاع الخاص، ودون توفير الحماية الاجتماعية وشبكة الضمان الاجتماعي والدعم غير المباشر الذي يشكل واقيًا من الآثار القاسية لهذه السياسات والتي وصفها مدير البنك الدولي في اجتماع أصدقاء السودان في برلين بأنها تمت في زمن تاريخي، رغم وصفه بقساوة وهشاشة الوضع في السودان.
مخيبة للآمال:
لكن وزير المالية جبريل إبراهيم أكد أن السياسات الاقتصادية المتبعة في صالح المواطن، واعتبرها محاولة لاجتثاث المرض في وقت مبكر ما يساعد على المعالجة المبكرة، وقال ” الجيعان لا ينتظر فورة البومة” .
أرجع إبراهيم في وقت سابق أسباب ارتفاع الخبز بسبب ضعف الإنتاج وقال إن السودان أنتج 400 ألف طن من القمح في الموسم قبل الماضي واعتبرها مخيبة للآمال لأنه يمثل ربع احتياجات السودان البالغة 1.6 مليون طن، رغم أنه قال لن يتم رفع الدعم عن القمح رغم رفع الدعم عن الوقود الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار الخبز.
في السياق أشار خبراء اقتصاديون إلى أن أسباب الزيادة متعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية ، مشيرين إلى عدم جدية الحكومة في التعامل مع أزمة الخبز التي يمكن أن يواجهها السودان في الأشهر القادمة، ووضع سياسات لزراعة مساحة مقدرة من القمح.
بدائل الخبز:
الموظف أحمد علي قال لـ(السوداني) إنه رب أسرة تتكون من بنتين وولد، مشيرًا إلى أن مرتبه الشهري يبلغ 120 ألف جنيه، كان جزءًا كبيرًا منه يخصص للخبز ، لكنه اقترح على زوجته إيجاد بدائل للخبر وليس شرطًا أن يكون أساسيًا في تناول الوجبة ، موضحًا أن الأرز والمكرونة يمكن طبخهما بطرق مختلفة وبهما قيمة غذائية عالية .
وقال علي “صحيح واجهتنا مشكلة في إقناع الأطفال بعدم الاعتماد علي أكل الخبز بصورة مستمرة، لكن مع الأيام اقتنعوا بأنه يمكن التقليل منه “، مشيرًا إلى أنه قام بهذه الخطوة بعد توقف برنامج ثمرات الذي كان يغطي جزءًا مقدرًا من احتياجاته اليومية.
البنك الدولي:
وأعلن برنامج الأغذية العالمي أنه تلقى مساهمة بمبلغ (100) مليون دولار من البنك الدولي لتنفيذ مشروع شبكات الأمان في حالات الطوارئ الذي تم اطلاقه مؤخرًا بالبلاد، ويهدف المشروع إلى توفير التحويلات النقدية والغذاء لأكثر من مليوني شخص بما في ذلك النازحين داخليًا والسكان.
وأعرب ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان ليدي رو ، عن امتنان البرنامج الكبير للبنك الدولي للمساهمة السخية، وإلى جميع المانحين الذين استثمروا في الصندوق الائتماني لدعم الانتقال والانعاش ، وقال إن هذا المشروع سيساهم في معالجة أزمة الجوع التي تلوح في الأفق في السودان، وحذر البرنامج من أن الجوع أخذ في الارتفاع بمعدل ينذر بالخطر ، مؤكدًا أن أي مساعدة ستساعد في دعم الفئات الأكثر ضعفًا بالبلاد.
وبحسب بيان الوكالة الأممية فإن هذه أول مساهمة مباشرة من البنك الدولي لبرنامج الأغذية العالمي بالسودان، تم توفير المبلغ من ستارز،الذي يديره البنك الدولي بدعم من الاتحاد الأوربي ، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، السويد، السعودية، هولندا، إسبانيا ، إيرلندا، وصندوق بناء الدولة والسلام الذي يديره البنك الدولي .
هي طمع:
الخبير الاقتصادي عبدالعظيم المهل قال لـ(السوداني) إن السعر الحالي للخبز غير منطقي بدليل أن بعض المخابز تبيع 2قطعة خبز ب100جنيه وأخرى تبيع 3بمائة جنيه ، وهذا ديل على أن من يبيع بالتعريفتين كسبان.
وأضاف المهل أن الزيادة الأخيرة في الوقود تؤدي إلى زيادة مركبة في السلع ،لكن حالة الخبز وضعه غير ، مشيرًا الى انه عندما اقترب سعر الدولار من ال800جنيه زاد سعر الخبز ، ثم انخفض سعر الدولار الى 570 ومادون ، وبالتالي سعر 50جنيها لقطعة الخبز يعتبر أكثر من مجزٍ ولا يوجد أي مبرر لزيادة في السعر، وإن حدثت فهي طمع من أصحاب المخابز .
لافتًا الى اقتراب الموسم الزراعي لإنتاج القمح ، لكن حتى الآن لم تشترِ وزارة المالية القمح من المزارعين بالسعر التشجيعي ، ورغم أن العالم يكابد لايجاد جزء من 25 مليون طن من القمح الأوكراني ، لكن السودان لم يستطع شراء القمح المحلي من المزارعين ، مشيرًا الى الإنتاج الكبير من البطاطس يمكن طرحها مع القمح والإنتاج سيكون جيدًا جدًا ويمكن تصديرها، وتقليل فاتورة الاستيراد .
Comments are closed.