هستيريا إسقاط الانقلاب

على الورق..إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

 

هستيريا تجتاح الشيوعي وواجهاته و(قحت) في الاستنفار والشحن والحشد المتسلسل لإسقاط الانقلاب، كلما أوقدوا نارًا انطفأت وأكلتهم الحسرة، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يتفقون قولاً، ولا يتوافقون مساعيَ ومواقف وأفعالاً. لقد تحول شعار إعادة العسكر إلى الثكنات (أسطوانة) مشروخة، وشنشنة معتادة وممجوجة، ولذا يلزم صاحب القرار إيقاف تشغيلها، فقد أزعجت الشعب وصكَّت آذانه بتداخل أصواتها النكرة النشاز، أما آن الأوان لوضع حدٍّ لعبث (المتشعبطين) على سُلَّم (مدنياااااو)، المتشدِّقين بوثيقة هم أول خارقيها والخارجين عليها، وبشعارات خالفوها فور أن دانت لهم السلطة واحتكروها، وتحكَّموا في تحريك خيوطها عبر لجنة غريبة غرابة تشنُّجاتها وانفعالاتها، لجنة أشبه بالنباتات الطفيلية سريعة التكاثر، ولا مثيل لها إلا آفة (العنتت).

 

إن محاولات تخوين الناس، وإسقاط الاتهامات عليهم جزافًا، ومصادرة أملاكهم وحرياتهم، والتعريض والتشهير بهم لا يمكن أن تكون (إجازات علمية)، أو شهادات خبرة تؤهل أصحابها إلى إدارة البلاد!! يا سبحان الله، كيف استطاع شتات (قحت) في فترة وجيزة اختطاف الثورة وتجيير شعاراتها لخدمة أهدافها؟ وكيف علا ضجيجها الذي امتلكت به الشارع وتحكَّمت بـه في حراكه؟ قبل أن يستيقظ أخيرًا ويتبيَّن حجم الاستغفال والاستغلال الذي كان ضحية له وهو صانع الثورة.

 

يقول بروف عبدالرحمن بدوي: “إن الإنسان بطبعه يميل إلى السيطرة، وأقوى ملكاته هي إرادة القوة، ومتى ما أُتيحت له الفرصة للسيادة على الغير؛ لم يتردَّد في التضحية بكل قيمه ابتغاء تحقيق هذه النزعة، لهذا كان من الضروري في نظام الحكم أن يحول ـ قدر المستطاع ـ دون تمكين أحد أو مجموعة من فرض السيطرة”.

 

ولعل هذا ينطبق تمامًا على أقلية أُتيحت لها فرصة الحُكم، فاغتنمتها بسرعة لاهثة دون خلفية في علوم الإدارة وفنونها، فالدافع السياسي والأيديولوجي، أو مجرد معارضة أنظمة سابقة؛ لا يمكن أن تُشكِّل (بساط أحمر) يقود عبر ردهات القصر إلى كرسي الرئاسة، والآن تحاول تجربتهم تكرار نفسها من خلال حشد الشارع لتعطيل الحركة التصحيحية التي أدخلتهم بانسحابها من المشهد في مأزق فشلوا عن إيجاد مخرج منه، وورطتهم في حيرة أعجزتهم عن (مداواتها)، وبدت لهم كعود الشجى الذي أعيا الطبيب المداويا. وإذا افترضنا عودتكم إلى السلطة؛ فهل ستحكموننا بعقلية: (القومة للسودان)؟! أم ببشريات وأوهام: (مؤتمر باريس لدعم السودان)؟!

 

والآن بعد انفلات موكب (باشدار) وفشله، والاتهامات التي اقترنت به، والنزاعات التي صبغت مظهره ومدلولاته وأهدافه؛ نأمل أن يستفيق (جماعة الغيبوبة) من غفلتهم، ويستعيدوا رشدهم، ويوظِّفوا برامجهم ـ إن كانت لهم برامج ـ لخدمة هذا الشعب، وتحقيقًا لأمنه واستقراره ورفاهيته، بعد أن احتواه الملل من مصطلحات (أربعة طويلة، قحت المركزي، قحت الميثاق، الدولة العميقة، الكيزان، لجنة الأطباء، نقابة المهنيين، حركات الكفاح المسلح، تسعة طويلة، غاضبون بلا حدود، كتائب حنين)، بشِّروا شعبكم ـ يا عالم ـ بمشروعات زراعية وصناعية، وبنهضة تعليمية وصحية وثقافية وفنية، وباستقرار اجتماعي وأمني، أرسموا الابتسام على شفتيه عوضًا عن حالة الاكتئاب والنكد التي أدخلتموه فيها قهرًا.. وفي النهاية يبقى السؤال قائمًا: هب أن الانقلاب سقط هذه اللحظة؛ فماذا بعد؟!!

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.