ستر الصدر وتقرُّحات على الظهر

على الورق…إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

 

 

“ورد في الأخبار أن محلية الخرطوم، أعلنت عن: “انطلاق الحملة الكبرى، لإزالة المخالفات والتشوّهات البصرية بشارع النيل”

ليت الأمر لا يقتصر فقط يا سيادة المدير التنفيذي للمحلية على شارع النيل حيث يطل القصر الجمهوري، والقصر الرئاسي الجديد وتتوسد خاصرته وزارات وجامعة الخرطوم، والمتحف القومي، وفنادق (هاي هاي)، والأسطول النهري، والحركة فيه قاصرة على كبار المسؤولين والزوار، والشخصيات (VIP)، والتنزُّه على ضفَّته يكاد ينحصر في رواد الأندية والحدائق العامة والكازينوهات البرِّية والعائمة، والمطاعم والمقاهي والمتنزهات، هذا إذا استثنينا الباحثين والباحثات عن الترويح والترفيه من الأسر، ومن شبابنا وفتياتنا، ولا يدخل ضمن هذه التصنيفات بالطبع (زبائن كولومبيا). فشارع النيل ظل ويظل واجهة مُشرقة للمحلية يلزم أن تكون مُسْفِرة ومتلألئة دائماً وجاذبة نهاراً وليلاً، وتعكس تناغم المظهر والمخبر.

لا نشك في أن مسؤولي المحلية يتأففون من المرور على عدة شوارع ومداخل رئيسية أخرى إلى قلب البلد – كشارع الستين على سبيل المثال – حيث الرؤية البصرية صادمة ومؤذية إلى أبعد الحدود، ويكشف سوء الحال أن ثمة قطيعة – وإن كانت جُزئية – بين هذه المواقع والمحلية، فبعضها يشكو ويئن ويتوجع من ثقل النفايات وتراكمها بصورة مُقزِّزة لا تليق بمحلية عاصمة يقترن فيها نيلان ويتعانقان في حميمية ويذوبان في بعضهما انسياباً في رحلة باذخة باتجاه الشمال، كما تُعاني هذه الطرقات من البثور التي أحالت جمالها دمامة جراء ما طالها من هجمات تخريب معاكسة وناقضة لشعار (حا نبنيهو).

ولا نستثني من أسباب القبح والتشويه فوضى جماعات نابشي القمامة واتخاذها (مضطجعاً) للنوم العميق تعويضًا عن سرحاتهم النهارية التي تنقطع مع ناشئة الليل.

وكشف تصريح المسؤولين أن: “الحملة تستهدف إزالة الأنقاض والنفايات والتراكمات وإصحاح البيئة والمخالفات وإزالة الطفيليات و… و…. و…” إلخ، وكذلك “أعمال الكنس الترابي والبدء في إجراءات صيانة الانترلوك والكربستون”.

كم كان سيكون الأمر مُبهجاً وسارًّا ومبشِّرًا بأن تستعيد الخرطوم إشراقها وألقها بعد إلباسها حُلَّة زاهية جديدة تُغطِّي جسدها كاملاً لا منطقة العُنق والصدر فقط؛ بينما أجزاؤها الأخرى عارية تتكاثر فيها ندوب وتقرحات نازفة كالمصاب بمرضٍ جلدي مستعصٍ على التضميد والتطبيب.

ويا حبذا إن وضعت اراضي ولاية الخرطوم قرارها بنزع قطع الاراضي غير المسورة الممنوحة للمستحقين موضع التنفيذ، لأنها أضحت هملاً، وأكبر مُهدِّد لصحة الإنسان والبيئة، وقد تتجاوز أضرارها ومخاطرها على الأمن الصحي الهلع والرعب الأمني الذي تسببه (تسعة طويلة) للمواطنين والمواطنات.

وليت، وآهٌ من ليت هذه التي أضحت محض تعبير عن أمنيات لا ثقة في تنفيذ صارم لقرارات استراتيجية، ليت المحلية تُكثف جولاتها داخل الأحياء لترى كم يتأذى جيران من جيرانهم دون مخافة من الله، ودون أي اعتبار أو تقدير لهم على جهل فاضح بالآية الكريمة: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”، وبما ورد في السُّنة النبوية الشريفة:”والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الجار لا يأمن جاره بوائقه، قالوا يا رسول الله وما بوائقه؟ قال: شره”.

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.