إذا تعذرت المرجعية القانونية فالإعلامية

على الورق…إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

يرى علماء الإعلام أن ثمة طُرق ووسائل متعددة لقياس الرأي العام واتجاهاته ومواقفه إزاء سياسة ما، أو قرارات تنوي أي جهه عامة أو خاصة تنفيذها، فإذا استشعرت الجهات المعنية – عبر نتيجة أي من طرق القياس – رضاً وقبولاً؛ مضت في الأمر، وإذا تبيَّن لها الرفض؛ أحجمت عنها وتراجعت، ولا شك أنها طرق علمية لإشراك الجماهير في إبداء إرائهم حول قضايا تهمُّهم أولاً، قبل واضعي السياسات ومتخذي القرارات؛ بل وذات تأثير مباشر على حركتهم ونشاطهم اليومي في تدبير شؤون حياتهم، ومغالبة الظروف المحيطة بهم،

وتتضمن طرق قياس الرإي العام كما يعرفها دارسو الإعلام وخريجو أقسامه وكلياته:

– الاستفتاء: أو استطلاعات الرأي التي أفرزتها متطلبات الحياة المعاصرة وما يقترن بها من تعقيدات سياسية مركَّبة مثل مشكلة شمال السودان وجنوبه التي انتهت باستفتاء تقرير المصير، كما أكسبها زخم السباق في انتخابات الرئاسة الأمريكية أهمية كبيرة، ونتج من الحاجة إليها إنشاء مراكز ومعاهد متخصصة في هذ الشأن.

– المسح: ويعتمد على قياس ما يظهر وما يخفى من الآراء، أي العلني منها والمستتر، الخائف والمتحفِّظ.

– تحليل المضمون: وهو أسلوب يستهدف التعرف على اتجاهات الرأي العام حول قضايا سياسية، أو اقتصاديّة، أو ثقافيّة، أو فنية، أو رياضية، ويُعنى هذا الأسلوب بتحليل محنوى الرسائل الإعلامية، ورصد تغذيتها الراجعة التي يمكن على ضوء نتائجها معرفة اتجاهات الجمهور ومواقفه المحتملة ثم اتخاذ القرار المطلوب.

– الإشاعة: وهي وسيلة مهمة ومعتمدة في معرفة اتجاه الجمهور، وموقفه تجاه قضية ما رفضًا أو قبولاً، وتُطلق الشائعة عبر مختلف وسائل الإعلام، أوفي المجالس والمناسبات الاجتماعية، وقد انفرد الإعلام الإلكتروني بالريادة في الترويج للشائعة ونشرها بصورة سريعة وواسعة.

وعصارة القول من هذه (الحصة الإعلامية)؛ ان أي سياسة أو قرار يصدره فرد – أيًّا كان منصبه أو مستوى مسؤوليته في الدولة – يُعدُّ باطلاً أو بلا قيمة مهما كانت أهميته أو جدواه إذا لم يجد قبولاً واسعاً لدى الرإي العام، إذ لا بد في هذه الحالة من الاستناد إلى قانون أو مرجعية تشريعية، وإن تعذَّر ذلك فمن الأوفق اللجوء إلى قياس الرأي من خلال إحدى الطرق الإعلامية السابقة كي يجد واضعو السياسات مسوغاً أو تبريراً مقنعاً لقراراتهم وكسب رضا الجمهور عنها، وإعفاء أنفسهم من الاتهام بدكتاتورية القرار.

الأمر في النهاية لا يتعلق بصواب القرار أو خطله؛ ولا بقيمته وجدواه؛ وإنما بقانونيته، وأي دفاع عن قرار صادر عن فرد، ورفضه الجمهور وقاومه؛ يلزم التراجع عنه، ولا داعي للتحدي وتطبيق المثل (الما عاجبو إشرب من البحر)، أو كما يقول المثل الآخر (أعلى ما في خيلك أركبو).

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.