أعقُمت رحم أنجبتك؟

على الورق…إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

 

 

مشهدنا السياسي (لعبة شطرنج) للاعبين أعينهم على بعضهم لا على (ساحة المعركة)، بيادق تُحرَّك على عجل يميناً وشمالاً وقُطْريًّا في منافسة بلهاء تتبارى فيها عقول (مُحنَّطة) عاجزة عن التفكير بعمق وأناة، ولا تتَّبع خططاً ذكية تضمن لها كسب المعركة بصورة شريفة؛ إذ الهدف الأساسي يتركَّز على هزيمة الآخر نفسيًّا أو تسويفاً أو تسفيهاً، والتربُّص به لتكبيل قدميه وتصفيد يديه لإخراجه من خط السباق نحو السلطة.

أحزابنا – المتعملقة والمتقزمة – لا تمل من إنشاء جدران أو رصف (متاريس) لإعاقة المهرولين في شارعي القصر والمك نمر، وكل محاولاتها اللاهثة لا علاقة لها بالشأن الوطني ولا بالمواطن كما ينطق بذلك الواقع، فهي لا تبحث إطلاقاً عن اتفاق وتوافق يُخرج البلاد من أزماتها ويصونها من الانحدار، ولا تستجيب لأي دعوة أو مناشدة؛ وإنما تجتمع وتنفض وصولاً إلى تكتيك أو تكنيك يحقق لها ذاتيتها، ويُبقيها على خشبة المسرح تحت الوهج وفلاشات الكاميرات، ثلاث سنوات وهى غير مهمومة أو مهتمة بإخراج الدُّر من القواقع، أو العسل من خلايا النحل، ليس هذا بهدف، فالإلغاء والإقصاء والركل والدمغ تشكل جميعها عتاد المعركة، هذا النهج التصادمي لا يمكن أن يتغاضى عن (الفأس والفرَّار والسوط)؛ بل ويتأكد كل يوم، فالكل يرفض الكل، والتشكيك في النوايا يتحكم في الرؤى والمواقف، مناكفات ومشاكسات تتواتر كموج البحر، ومبادرات تتناسل وكأنها فسائل إكثار.

(التوافق) أضحى مشجباً تُعلِّق عليه كل الكيانات السياسية حُسن نواياها الوطنية، مجرد (رف) ترصُّ عليه أدوات تجميل طلعتها وقسماتها اصطلاح هلامي يصدع الرؤوس.

وبينما المقالات والأطروحات والمبادرات تتواتر لتحقيق (التوافق المزعوم)، يخرج إلينا قُطب حزب يتهم زعيم حزب آخر بأنه متهم هارب ومطلوب للعدالة، وأصوات من وراء ستار تتهم الجيش بممالأة المؤتمر الوطني، والجيش يصفها بأنها مزايدات سياسية وخداع للرأي العام، وقوى سياسية تُهاجم إعلان الترتيبات الدستورية، وأخرى ترفض الإعلان الدستوري، وتصنف نفسها بقوى الثورة الحية (يعني أي قوى خلافها ميتة)،وحركة مسلحة تقول لن يتم إقصاء لأي جهة في الفترة الانتقالية؛ إلا المؤتمر الوطني والذين أجرموا في حق الشعب السوداني (ربما تدخل هي نفسها في هذا التصنيف)، عضو حزب عريق يتهم موقعي الإعلان السياسي بأنهم يبحثون عن أي وسيلة لتشكيل الحكومة القادمة بصورة تضمن عدم المساس أو تعديل اتفاق السلام، خلافات تعتمل في صدور مجموعة التوافق الوطني، ومبادرة الترتيبات الدستورية، ومقترح دستور اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، والبعض يرى أنها خلافات هامشية، وثمة من يرفض كل هذا الهرج وهذه (المسميات) جملة وتفصيلا.

أخيراً.. لماذا يصم المواطن آذانه إزاء هذه البلبلة والانقسامات الشنيعة و (الضرب على القفا)؟ لا يمكن لهذه الأطياف أن تتحد وتتناغم طالما نصفها (قوى ثورية حية) وما سواها (طاقة خاملة خامدة)، كثير من مثقفينا ينتابهم إحساس بالقرف، فآثروا الاكتفاء بالفرجة على أبطال مسرحية سطحية، وكثرة من أكاديميينا كادحون لمعاشهم (لا في العير ولا النفير)

فوضى وهرجلة لن يقينا لظاها إلا (سوار ذهب)، أعقُمت رحم أنجبتك؟.

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.