التسوية بين العسكر و(قحت).. هل تخرج البلاد من مأزق الانقلاب ؟

 

عام على انقلاب 25 أكتوبر الذي بموجبه تم فض الشراكة بين المكونين المدني والعسكري، رغم أن الأخير هو الذي اتخذ الخطوة، إلا أنه تفاجأ بما ترتب عليها، وأخذ يبحث عن حل للخروج منها، بإعلانه الخروج عن السياسة.
ورغم أن الحرية والتغيير المجلس المركزي طرحت رؤيتها لإنهاء الانقلاب، ونفت مشاركتها في أي تسوية، لكن ما يزال مصطلح “التسوية السياسية” مسيطرًا على حديث المجالس.
فهل من مخرج إلا من باب التسوية السياسية؟ وهل هي مهمة الأحزاب السياسية أم جهات أخرى؟ وهل الهدف منها الوصول إلى السلطة أم حل الأزمة التي تمر بها البلاد؟

الخرطوم : وجدان طلحة
التحليلات تُشير إلى أن المرحلة الحالية لا تتطلب التسوية السياسية، بل اتفاق سياسي يجمع المكونات المختلفة، ليوفر على البلاد دماء شباب هي في أشد الحاجة إليهم لبناء دولة مدنية ديمقراطية، وتجنيبها انهيارًا اقتصاديًا لا تستطيع تحمله، وبما أن هذه مرحلة انتقالية يمكن أن يحدث ذلك الاتفاق رغم العثرات، لأنها مرحلة الإعداد لمجتمع ديمقراطي، كما أن الهدف المعلن من جميع المكونات هو الوصول إلى مجتمع ديمقراطي، بالتالي فإن عامل الزمن مهم وكذلك البرامج التي تأتي في صدر الأولويات مثل معاش الناس، العلاقة مع المجتمع الدولي، السلام والإعداد للانتخابات وبسط الحريات، وإذا حدث اتفاق أفضل من الاتفاقات الثنائية التي تُوجه إليها في الغالب سهام النقد.
القيادي بحزب الأمة القومي صديق الصادق المهدي أكد في تصريح لـ(السوداني) أنه لا توجد تسوية مع الانقلابيين، مستدركًا: المشكلة التي قادت منفذي الانقلاب للبحث عن حل هي المقاومة التي حدثت للانقلاب، وحتى تستقيم الأوضاع بالبلاد فإن الاطراف المقاومة للانقلاب هم المعنيون بايجاد حل لاخراج البلاد من المواجهات الحالية ، مشيرا إلى أن قادة الانقلاب لم يستطيعوا تشكيل الحكومة، وأصبحوا يبحثون عن حل بعد أن اعترفوا بفشلهم، وأصبحوا يترسون الشوارع ويغلقون الكباري بالحاويات.
وقال المهدي لا بد من اتفاق بين قوى الثورة السياسية والمدنية والمهنية ولجان المقاومة، أما الأجسام المنظمة الممثلة لتلك الجهات هي التي تدخل في اتفاق من أجل سلطة مدنية للانتقال من مرحلة المقاومة إلى مرحلة البناء.
القيادي بالتجمع الاتحادي جعفر حسن، يذهب في تصريح لـ(السوداني) إلى أنه لا مجال للحديث عن أي تسوية سياسية، وقال إن الحل السياسي المفضي إلى إنهاء الانقلاب تقوم به الأجسام المنظمة للحرية والتغيير، ويمكن للقوى الأخرى أن تمضي معنا ، مشيرا إلى رؤية الحرية والتغيير المجلس المركزي المتمثلة في العمل الشعبي الجماهيري، والتضامن الدولي والإقليمي والحل السياسي المفضي إلى إنهاء الانقلاب.

اطال وعطل:
الحرية والتغيير المجلس المركزي ولجان المقاومة متفقان على إنهاء انقلاب 25 اكتوبر ، لكن لا توجد برامج مشتركة بينهما لتحقيق هذا الهدف، ولكل منهما دور كبير في الساحة السياسية لا يمكن إنكاره ، ويُحسب للمكونين تعطيل الحكومة التي كان ينوي رئيس مجلس السيادة الانتقالي تشكيلها بعد أيام من الانقلاب.
لكن بالمقابل فإن العزف المنفرد للجان المقاومة والأحزاب السياسية اطال عُمر الانقلاب، والقوى التي تقف في وجه ثورة ديسمبر عملت على شيطنتهما، لكن رغم ذلك ظل الشارع يسير خلف لجان المقاومة أولًا ثم الاحزاب السياسية، لكن ازدادت الهوة بينهما والتي بدأت منذ حكومة حمدوك الأولى، حيث كانت لجان المقاومة تعتقد أن الأحزاب السياسية بعدت عن الشارع السوداني وانشغلت عنه بالسلطة وترتب على هذا الأمر تمدد المكون العسكري وإضعاف حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك.
صديق الصادق قال لـ(السوداني) إن الانقلاب ليس معركة مبسطة بأن هذا غالب وذاك خاسر ، والانقلابيون طرحوا رؤيتهم لحل مشاكل الانقلاب، لكنها لا تمثل حلا ، ان الحل سلطة مدنية تحقق أهدافا معينة. وأضاف : الآن وصلنا إلى محطة رجع فيها الجميع إلى أهداف ثورة ديسمبر، لكن ظهر تفكيك يريد إرجاعنا إلى مرحلة ماقبل الثورة بظهور قيادات حزب المؤتمر الوطني، لكنه وصل إلى طريق مغلق بفعل المقاومة، وانفتح الباب لتحقيق سلطة مدنية كاملة بمشاركة الفاعلين السياسيين والمدنيين وغيرهم.
جعفر حسن اعتبر في تصريح لـ(السوداني) أن عدم وحدة قوى الثورة هو السبب في حدوث الانقلاب، مشيرا إلى أن الانقلابيين كانوا يعتقدون أن ينتهي مخططهم في أيام وذهبوا إلى تفتيت قوى الثورة، مشيرا إلى أن خطاب قوى الحرية والتغيير ظل ثابتا منذ اليوم الأول بأن الوحدة هي الضامن الوحيد والأساسي لنجاح الثورة، وقال “إذا توحدنا اليوم لن يستمر الانقلاب”.
حسن أكد أنه لا توجد أي هوة بين لجان المقاومة والأحزاب السياسية ، مشيرا إلى أن الهوة مصطنعة ومفتعلة تستفيد منها أطراف معينة، مشيرا إلى أن صفحات حزب المؤتمر الوطني المحلول هي التي تروج لهذا الأمر.
ليس عيبًا:
سعي الأحزاب والقوى السياسية إلى تسوية أو اتفاق سياسي يتم وضعه تحت المجهر السياسي للإجابة عن: هل الهدف من تلك الخطوة الوصول إلى السلطة أم لحل الأزمة التي تمر بالبلاد؟ وتكون النتيجة أن السلطة هي الهدف الأول لهذه التسوية، رغم أن الأطراف المعنية بالعملية السياسية تقول إن الهدف هو مصلحة البلاد ، مع الأخذ في الاعتبار توزيع الاتهامات وسياسة التخوين التي تم اتباعها كانت من سمات الفترة الماضية وأثرت سالبًا على العملية السياسية بالبلاد.
رئيس اللجنة المستقلة للتحقيق في اعتصام القيادة العامة نبيل أديب أشار في تصريح لـ(السوداني) إلى أن أي مكون سياسي لديه رغبة في الوصول إلى السلطة، لكن يجب أن تكون مشروطة بأن الوصول إليها يجب أن يوافق الإرادة الشعبية، والسعي إلى الوصول إلى السلطة ليس عيبا للحزب السياسي، لأنه لا يستطيع تحقيق برامجه إلا عبرها، وقال ” إذا تم الوصول إلى السلطة بالقوة فهذا عيب، لأنها ستؤدي إلى الاستبداد وعدم الوصول إلى نظام ديمقراطي”.

مهمة الأحزاب:
التسوية السياسية هل مسؤولية الأحزاب السياسية أم مكونات أخرى؟ هذا السؤال ظل مثار جدل خلال الفترة السابقة، فالبعض يرى أن النقابات يمكن أن تقوم بهذه المهمة، مثلا تجمع المهنيين المحسوب غالبية عضويته على الجزب الشيوعي يمكن أن يقوم بهذه المهمة، ويستفيد من الأخطاء التي ارتكبتها الأحزاب في وقت سابق.
إلا أن المحلل السياسي عمر عبدالعزيز يرى عكس ذلك، وقال في تصريح لـ(السوداني) إن التسوية السياسية هي مهمة الأحزاب السياسية فقط ، لأنها منظمة ولها برامج معينة تسعى إلى تحقيقها، لكن الأجسام المطلبية يجب ألا يكون لها أدوار سياسية.
عبدالعزيز قال ان النقابات مثل تجمع المهنيين أقرب إلى واجهات لأحزاب سياسية لذلك لا يتم الحديث عنها في التسوية، مشيرا إلى أن الكتل المعنية بالتسوية السياسية هي الحرية والتغيير، أهل السودان التغيير الجذري ، كما أن أغلب القوى السياسية مضمنة تحتها.

خروج الجيش:
الحرية والتغيير المجلس المركزي طرحت رؤيتها، وحددت آليات إنفاذها، لأن أي عمل لا توجد آليات لإنفاذه على الأرض يصبح أمنيات وشعارات ، لكن الحرية والتغيير تتميز بأنها تصنع الموقف السياسي والأدوات المناسبة لإنجازه، وأصبحت الرؤية مفتوحة لكل من يريد أن يضيف عليها، وأعلنت أحزاب وحركات كفاح مسلح تأييدها للخطوة.
نبيل أديب قال لـ(السوداني) إن الثورة الشعبية لايتم اللجوء إليها إلا إذا أغلق البرهان الطريق أمام تسليم السلطة، مشيرا إلى أنه أعلن في أكثر من مناسبة خروج الجيش من المعادلة السياسية، لكن بعض القوى السياسية تشكك في صحة حديثه، وقال يجب أن تتفق القوى السياسية وتشكل الحكومة، وإذا أخلف البرهان وعده في هذه الحالة يمكن أن تستخدم كل الوسائل لإنهاء الانقلاب.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.