وسط رفض حكومي سوداني.. مساعٍ غربية لنشر قوات دولية في السودان بذرائع إنسانية

بعد تعثر كل المسارات والمبادرات السياسية التي رعتها قوى إقليمية ودولية، وفشلها في الوصول لحل سياسي شامل للأزمة السودانية، وسط استمرار الحرب الدامية التي تشنها ميليشيا الدعم السريع على الجيش والشعب السوداني، لايزال يقبع الأخير تحت ويلات الحرب وآثارها المدمرة.

 

ويكاد يُجمع معظم الباحثين والمتخصصين بالشأن السوداني والصراعات الدولية، بأن العامل الأهم في استمرار الصراع في السودان هو تعدد الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في النزاع بشكل مباشر وغير مباشر، وتشابك مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية على أراضي البلد الغني جداً بالثروات، دون الاكتراث لمصير الشعب السوداني.

 

دعوات غربية لنشر القوات

في سياق متصل، نقلت وسائل إعلام عربية وأفريقية الأسبوع الماضي، تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو، خلال اجتماع له مع مجموعة من الصحفيين في العاصمة الكينية نيروبي، حول انخراطه بمشاورات مع الاتحاد الأفريقي بشأن إمكانية نشر قوات سلام أفريقية لحماية المدنيين، وذلك بسبب استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وتزايد الدعوات الدولية للتدخل لحماية المدنيين.

وكان بيرييلو قد كتب، في 4 أكتوبر الجاري، «فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي، لإيجاد آلية مراقبة بشأن الاتفاقيات الحالية والمستقبلية، بهدف حماية المدنيين في السودان»،

بدورها، أطلقت الأمم المتحدة الشهر الماضي دعوة إلى نشر قوات “دولية محايدة” لحماية المدنيين السودانيين من دون تأخير، وبحسب ما نقله تلفزيون “الحدث” فإن الأمم المتحدة أشارت في بيان رسمي، إلى أن طرفا الصراع ارتكبا “جرائم مروعة” بحق المدنيين ومن الضروري إيقافها. وفقاً لكثير من المراقبين حينها فإن الدعوة الأممية أتت بسبب ضغوط أمريكية وفرنسية متزايدة نحو تحقيق هذه الخطوة لأسباب يُعتقد أنها سياسية ولكن بغطاء حماية المدنيين.

 

من جهة ثانية، رفضت الحكومة السودانية كل ما يتم الحديث عنه حول نشر قوات دولية في السودان مشيرة إلى أن ذلك يعتبر غزوا وانتهاكا لسيادة الدولة.

وبحسب نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار فإنه لم يتم التشاور مع الحكومة السودانية من أجل نشر قوات إفريقية في السودان. مؤكداً خلال تصريحات لتلفزيون “الشرق” أن تجاوز المعايير الدولية لنشر قوات إفريقية في السودان يعتبر غزوا وانتهاكا لسيادة الدولة.

 

السبب وراء السعي الأمريكي الحثيث لنشر قوات في السودان

في السياق ذاته علًق الباحث في الشأن الأفريقي د. محمد أنور، بأن دعوات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، والأمم المتحدة لنشر قوات دولية في السودان تندرج بسياق خطة غربية-أمريكية تم تجهيزها لتغيير الواقع الحالي في السودان، وتحقيق ما فشلت السياسة بتحقيقه بالقوة العسكرية. كما أنها تخفي ورائها كثير من إشارات الاستفهام في توقيتها ومضمونها.

وبحسب أنور، فإن هذه الدعوات هي ليست فقط لحماية المدنيين أو إيقاف الحرب الدائرة في البلاد كما أُعلن، بل لأهداف عدّة يمكنها أن تدفع واشنطن والقوى الغربية، نحو خيار نشر قوات عسكرية تحت غطاء أممي.

 

وتابع أنور، بأن أبرز هذه الأسباب هو الفشل العسكري والسياسي للقوى السودانية المدعومة من الغرب بحسم الصراع وتحقيق الأهداف وفقاً للمصالح الغربية في البلاد. بالإضافة لفشل كل المبادرات السياسية الدولية والإقليمية التي رعتها ودعمتها واشنطن وباريس وكل القوى الغربية لإنجاز حل سياسي يوقف الصراع الدائر ويحقق مصالحها في ثالث أكبر بلد في القارة السمراء، وكان آخرها “مفاوضات جنيف” التي دعت إليها الولايات المتحدة الأمريكية، وحاولت إجبار البرهان على حضورها بصفته قائداً للجيش السوداني.

 

وأِشار أنور إلى أنه ومنذ بداية الصراع، كانت هناك مساعي أمريكية وغربية حثيثة لإدخال عملاء وضباط استخبارات إلى السودان، حيث أن نشر قوات دولية على أراضي السودان سوف يسهل على واشنطن والدول الأوروبية نشر عناصر استخباراتية وعسكرية لها على أراضي السودان بغطاء أممي، مما يعزز نفوذها في الداخل السوداني. مؤكداً بأن ذلك حصل سابقا عندما قامت واشنطن وأجهزة الاستخبارات الغربية باستغلال عمل المنظمات الإنسانية لهذا الغرض.

إلى جانب ذلك أكد أنور بأن ما يمكن أن يدفع واشنطن والقوى الغربية لدعم نشر قوات دولية في السودان، هو توجه البرهان شرقاً، والذي تعتبره واشنطن والقوى الغربية تهديد مباشر لمصالحها الجيوسياسية والأمنية والاستراتيجية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.