أطراف العملية السياسية.. مضادات في مقابل ورشة القاهرة

 

 

الخرطوم: مهند عبادي

تقول الأنباء إن القاهرة تتجه إلى عقد الورشة التي أعلنت عنها مؤخرًا في مطلع الشهر المقبل بمن حضر من الأطراف السودانية، وهي خطوة ربما تقود إلى مزيد من الاحتقان حول الدور المصري في البلاد، سيما وسط القوى السياسية الرافضة للورشة وبالتالي سوف تكون مصر الرسمية قد فقدت كثيرًا من الكتل السياسية والشعبية في السودان..

 

كيف ينظر شباب الثورة للمواقف المصرية؟

عمليًا لا ينظر شباب الثورة ولجان المقاومة إلى الأدوار المصرية الرسمية في السنوات الثلاث الماضية بعين الرضا، وتعتبر كل خطوات الجانب المصري ضد تطلعات وآمال الثوار والمقاومة في بناء سودان العدالة والسلام والحرية والديمقراطية، وعلى الرغم من تجاوب بعض القوى السياسية والاحزاب بحكم نظرتها الاستراتيجية للدور المصري وحدة وادي النيل والمصير المشترك لشعبي البلاد الا أن مصر الرسمية بحسب مراقبين ارادات وعبر مبادرتها الاخيرة المتجاوزة للاتفاق الإطاري أن تضع حدا بينها وبين كل القوى السياسية والديمقراطية في السودان.

 

مضادات(قحت).. حشد الدعم الإقليمي للاتفاق الإطاري

وفيما يبدو أن إصرار القاهرة على إقامة الورشة وعدم وضع رفض واعتراض مجموعة وأطراف الاتفاق الإطاري على الورشة كمنبر للقوى المضادة للثورة، قد دفع مجموعة المجلس المركزي وقوى الانتقال إلى استعجال المقترح القديم والشروع في تنفيذ الرؤى المتعلقة بحشد الدعم الاقليمي للاتفاق الإطاري حيث بدأت الحرية والتغيير المجلس المركزي في إرسال وفود إلى دول الإقليم لحشد الدعم للاتفاق الإطاري وكشفت مصادر عن زيارة وفد من “مركزي التغيير” لجوبا الثلاثاء للقاء بالرئيس سلفاكير ميار ديت لدعم الوصول لاتفاق نهائي وإنهاء الأزمة السياسية، في وقت أماطت فيه اللثام عن وجود وفود أخرى من الحرية والتغيير ستزور كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا وتشاد، إلى جانب دول آخرى، وأبانت القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري في السودان، عن عدم رضاها من الموقف المصري إزاء تطورات الأوضاع السياسية في السودان، وقال الناطق الرسمي باسم العملية السياسية والقيادي بالحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، في حوار على تطبيق (كلوب هاوس)، أمسية الجمعة: “هناك عدم رضا من الموقف المصري من ثورة ديسمبر وحتى توقيع الاتفاق السياسي الإطاري، ورأي أنه من الممكن تجاوز هذا الموقف “بالنقاشات مع “مصر الرسمية” على حد قوله..

وبشأن الورشة التي دعت لها القاهرة وقاطعها التحالف؛ أوضح يوسف بأن الاتفاق الإطاري شمل غالبية القوى السياسية في السودان، ما ينفي مبرر العودة إلى نقطه الصفر أو خلق مسار بديل سواء عن طريق المبادرة المصرية أو غيرها، ودعت الحكومة المصرية الفرقاء السودانيين، لورشة عن آفاق التحول الديمقراطي في السودان، وهي خطوة تجد السند من معارضي الاتفاق الإطاري، بينما تمانعه الحرية والتغيير بوصفه حشدًا للقوى المؤيدة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير.

 

الأطراف الأخرى.. ترحيب بالدعوة واستهجان الرفض

وفي الأثناء استغربت بعض الأطراف في الأوساط السياسية بالبلاد الرفض الذي قابلت به قوى الحرية والتغيير مقترح جمهورية مصر العربية الهادف إلى عقد لقاء وحوار جامع لأطراف الخلاف السياسي بالسودان في الفاهرة مطلع فبراير المقبل، وفى الوقت الذي أعلنت فيه قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي عن رفضها الدعوة التي تقدمت بها القاهرة لاستضافة ورشة عمل بعنوان “آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع”، رحبت العديد من القوى والأطراف السودانية المختلفة بالمشاركة في تلك الورشة، والتي تستهدف دعم العملية السياسية الجارية عن طريق تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين عبر تهيئة المناخ الملائم بعيدًا عن أي ضغوط، والعمل على توسيع قاعدة المشاركة في العملية السياسية بهدف إنجاحها، وبما يسهم في توفير أكبر قدر من الاستقرار للحكومة الانتقالية المقبلة..

مواقف ورؤى وتحليلات.. هل تحاصر (قحت)؟

ويرى مراقبون أن رفض الحرية والتغيير للدعوة المصرية لا تسنده مبررات قوية خاصة مع تأكيدات القاهرة الخاصة بدعمها للإطاري ولعدم طرح بديل له ، وأنها أي مصر تستهدف من ورشة العمل دعم الاتفاق الإطاري والعملية السياسية عن طريق استضافة حوار سوداني سوداني بهدف تقريب وجهات النظر بين الفرقاء وبما يسهم في توفير الاستقرار للحكومة الانتقالية القادمة . وهناك أيضًا ما يتردد حول اتصالات متقدمة مع بعض أحزاب الحرية والتغيير توصلت لتفاهمات بشأن المشاركة في الورشة وأن الرفض المستعجل الذي صدر مساء الأربعاء صاغته مجموعة صغيرة داخل مركزي التغيير هدفت إلى قطع الطريق أمام بقية المكونات المرحبة بالفكرة وذلك مقرونًا بتواتر أنباء عن رغبة بعض مكونات الحرية والتغيير المجلس المركزي في المشاركة، لقناعتهم بأهمية الدخول في حوار سوداني سوداني بعيدًا عن أي مشاحنات. والجدير بالذكر أن القيادة السياسية ووزارة الخارجية المصرية قد رحبت بالاتفاق الإطاري والعملية السياسية الجارية في السودان.

 

تفاصيل زيارة ودعوة وتطورات لاحقة

وفي مطلع الشهر الحالي، بدأ مدير المخابرات المصرية، عباس كامل، زيارة للخرطوم، سلم خلالها القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ناقشت الأوضاع الراهنة في البلاد والعلاقات بين البلدين، حسب إعلام المجلس السيادي السوداني، وطرح عباس خلال عدد من اللقاءات التي عقدها مع الأطراف السودانية، مبادرة مصرية للتوافق بين الأطراف السودانية، وجاءت المبادرة المصرية عقب التوقيع على الاتفاق الإطاري مع العسكر، بغرض التأسيس لاتفاق نهائي يعيد السلطة للمدنيين في فترة انتقالية مدتها عامان تنتهي بالانتخابات، وجاء الاتفاق بعد أكثر من 13 شهرًا على انقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية في السودان، وفي 9 يناير الجاري، أعلنت الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري المرحلة النهائية من العملية السياسية، والتي ينتظر أن تحسم خمس قضايا، تتضمن العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري وتعديل اتفاق السلام الموقع في 2020 بالإضافة إلى حل قضايا شرق السودان وتفكيك النظام السابق..

 

لماذا تريد القاهرة التدخل في الملف؟

ومعلوم أن الاتفاق الإطاري تم التوقيع عليه بعد جهود مضنيه قادتها الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، إلى جانب الآلية الثلاثية المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد)، ويرى خبراء أن تدخل القاهرة مؤخرًا عبر المبادرة في السودان، يجيء بسبب قلقها إزاء “حالة السيولة” السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد ولعدم رضاها عن استبعادها من الرباعية الدولية المعنية بالملف السوداني ، كما أن تعامل بعض أطراف الرباعية مع أزمة السودان يزيد من تعقيد الأوضاع، لأنها تضعف دور المؤسسة العسكرية وتدعم مكونات صغيرة بلا ثقل سياسي ولا إرث تاريخي ولا جذور اجتماعية، وهو مما يهدد أمن السودان واستقراره، وتقول تسريبات أن مبعث عودة مصر إلى الشأن السوداني ودفعها بمبادرة في هذا التوقيت يعود بعد إجراء دراسة وافية للوضع وإدراكها لخطورة ابتعادها عن المشهد السوداني والذي سوف تكون له أثار وتداعيات على الأمن القومي المصري وبعد أن توصلت إلى ضرورة مراجعة الموقف المصري واعتبرته متراجعًا ولا يتسق مع ضرورات الأمن القومي المصري التي تتأثر أغلبية ركائزه بما يجري في السودان، كما أفادت الدراسة بأن الانسحاب المصري شكل فراغًا شغلته دول أخرى بعيدة عن السودان ولا تدرك تعقيداته وتركيبته السياسية والاجتماعية.

 

التعامل مع قضايا السودان بندية

في وقت طالب فيه القيادي بالحرية والتغيير، شهاب إبراهيم، القاهرة بالتعامل مع قضايا السودان بندية وعلى أساس المصالح الحقيقية المشتركة، مشددًا على رفضهم لأي شكل من أشكال الحوار مع واجهات تعبر عن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، ولفت إلى أن «الجارة الشمالية للبلاد، يجب أن تدرك أن الثورة السودانية جاءت لتغيير إرث الأنظمة الشمولية القديم، والعمل على تحقيق مصالح البلاد العليا ومصالحها المشتركة مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، وأكد على استقلالية القرار السوداني، مشيرًا إلى إدراكهم لـ«محيط البلاد الإقليمي ودول جواره العديدة، التي يجب بناء علاقات متوازنة بينها، بما يخدم المصالح المشتركة، داعيًا المؤسسة الرسمية في القاهرة للنظر للأوضاع في السودان وفق هذه المعطيات، وأشار إلى إدراكهم في الحرية والتغيير لـ”عمق العلاقة الاستراتيجية” بين البلدين، وتطلعهم إلى “حوار مباشر يناقش المصالح المشتركة بشكل واضح، بمعزل عن الورشة التي تزمع القاهرة عقدها بين الأطراف السودانية، والتي يرى أنها “تضم مجموعات موالية للنظام السابق وبعض مكونات مجموعة التوافق الوطني والكتلة الديمقراطية.

 

محاولات البرهان.. ماذا ينوي الجنرال؟

وينتظر أن يكون قد التأم أمس السبت ببيت الضيافة برئاسة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة اجتماع ضم مجموعة المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية، وكان وزير المالية ورئيس العدل والمساواة قد كشف في حديثه بجنوب دارفور أن هناك تعديلات سوف تضاف الى الإطاري بغرض التوصل الى صيغة تجد القبول من كافة السودانيين ، وهو الأمر الذي أكد الناطق باسم العملية السياسية خالد سلك أمس الاول الجمعة على عدم صحته بقوله إن الاتفاق الإطاري تم التوقيع عليه وانه لن تحدث فيه أي تعديلات ولن تتم إضافات إليه.

 

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.