اتفاق  الكتلة  والحركة..  من  الذي  يكسب  في  لعبة “الحلو” ؟

 

الخرطوم: الزين عثمان

بلغة   الانتصار  تسوق الحرية والتغيير  “الكتلة الديمقراطية”  اتفاقًا سياسيًا وقعه رئيسها   جعفر الميرغني  مع   رئيس الحركة الشعبية شمال  عبد العزيز الحلو في  عاصمة جنوب السودان جوبا .. ووقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال قيادة عبد العزيز الحلو، والكتلة الديموقراطية – الداعمة للانقلاب العسكري في السودان، إعلانًا سياسيًا مشتركًا في العاصمة جوبا نهار الخميس الماضي.

 

نصوص الإعلان

وينص الإعلان الذي وقع عليه قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان عبد العزيز الحلو، ورئيس تحالف الكتلة الديمقراطية جعفر الصادق الميرغني، على فصل الدين عن الدولة وتبني“مبادئ فوق دستورية” لتجاوز أزمة الهوية في السودان.

كما اتفق الطرفان على أن نظام الحكم في السودان يجب أن يقوم على اللامركزية مع الاعتراف بالتعدد والتنوع. إلى جانب الاتفاق على تجاوز أخطاء الماضي والخروج من “فشل الدولة السودانية”، وأن تكون الدولة السودانية على مسافة واحدة من الجميع.  توقيع   الحلو الميرغني    سرعان ما يطرح السؤال  حول من المستفيد  ومن الخاسر.

مشروع الحركة 

يقول عمار نجم الدين   القيادي في  الحركة الشعبية بقيادة الحلو أي تنظيم سياسي إسلامي حزب أمة مؤتمر شعبي جمهوريين اتحاديين عايزين يوقعوا على فصل الدين عن الدولة وعدالة الدولة الحركة بتوقع معاه (ده الاستراتيجي )  ما يعني أن  مشروع الحركة الشعبية هو  قيادة الجميع نحو مشروعها الاستراتيجي   وما يعزز هذه الفرضية أن  الحلو نفسه سبق وأن وقع   ذات الوثيقة مع  الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومع الحزب الشيوعي ومع حزب  الأمة القومي  ومع تجمع المهنيين السودانيين  ومع   رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك  ومع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان  وهو ما يؤكد على أن  مشروع الحركة الشعبية هو ضمان الحصول على موافقة القوى السياسية على مشروعها  العلماني كأساس لبناء السودان الجديد    ما يؤكد أنه في التوقيعات المتلاحقة الشعبية هي أكبر الكاسبين  حتى الآن.

شيك على بياض 

بالنسبة للكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد حامد جمعة   فإن  القوى السياسية في رحلاتها المكوكية نحو   جوبا والتوقيع حققت  لعبد العزيز مراميه وبصمت على مصفوفته _الثابتة التي  يطرح من خلالها _ اللامركزية القانونية والأمنية بمعنى أن تكون هناك سلطة قضائية ولائية منفصلة عن المركز وكذلك قوات أمنية إقليمية منفصلة قوميًا  وبالتالي بقاء جيشه بيده (والناس تتحدث عن توحيد جيوش)  . مع نثر قنابل دخان بجملة تعابير بديلة بشأن الهويات والشعوب الأصيلة والتراث الثقافي وما يسمى الحياد تجاه الدين . بمعنى تسويق العلمانية في شكل وردة .  ويضيف   جمعة تجربة القوات الإقليمية يكفي نموذجها في إثيوبيا المجاورة وما انتهت إليه ونجاها منه أن وضعيتها تميزت بعدم وجود منافذ إمداد خارجي لفرض دويلات منفصلة عكس وضعية الحلو الذي طال الزمن أم قصر سيجد من يعترف ويكمل مشروعه وهو فقط ينتظر (بصم) القوى السياسية على مقترحاته وقد نالها ما يعني أنه حتى الأن أكبر الكاسبين  من   التوقيعات .

مكسب  آني  وذاتي

لكن في مقابل  المكاسب التي حصلها الحلو والذي اصطاد فيلًا فإن   الكتلة الديمقراطية  ترى في توقيع الرجل مكسبًا لها  في سياق تعزيز مكاسبها  في اللعبة السياسية  الراهنة وفي معركتها   بشكل رئيسي ضد   الكتلة التي يمثلها المجلس المركزي والتي تمضي بخطى متسارعة في طريق توقيع الاتفاق الإطاري الذي  سيخلف لها مكاسب في  إعادة بناء   السلطة في  المرحلة الانتقالية الجديدة والذي ربما يعيدها مرة أخرى للسلطة وهو   الهدف الذي تسعى الكتلة لمقاومته  وبشدة   وهي في كامل استعدادها  أن    تقوم بكل  شيء لضمان  عدم حدوثه   وقد تبدو المفارقة فإنه وحتى المكاسب الذاتية التي يمكن أن  تحصلها من توقيع لن يتجاوز مرحلة  كونه توقيع يمكن أن ترتد عليها في  مقام كونها خسائر  تبرز أول ما تبرز   في   أن من وقع على علمانية الدولة  هو جعفر الميرغني ابن    خليفة السجادة  الميرغنية في السودان   كما  أن المفارقة الأخرى تبدو في أن نائب رئيس  الكتلة  هو   الناظر محمد الأمين ترك الذي سبق وأن رفع   شعار إسقاط حكومة حمدوك تحت مبررات   رفع لواء الدين والمحافظة على مكتسبات الأمة    ومشروعها الإسلامي.

عدم المبدئية 

لكن بالنسبة للمحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين مصعب محمد علي فإن الكاسب الأكبر  في    توقيع الحلو الميرغني في جوبا  هم أولئك الذين ينعتون النخبة السياسية السودانية بالانتهازية وغياب المبدئية   وأولئك الذين يؤكدون على أن الذاتي   والمرحلي والتكتيكي   يعلو على الاستراتيجي  وان  المعركة كلها   تأتي في سياق تعظيم  المكاسب السلطوية في المرحلة القادمة  ولا علاقة لها  بالثورة أو إعادة مشروع بناء السودان على أسس جديدة رغم أن  الاتفاق  تضمن هذا النص   وأن علاج الأزمة ليس في توقيع ورقة سبق وإن وقعت  عشرات المرات بقدر  ما في تبني نهج مغاير ينظر للمستقبل  بعيدًا  عن الغرق في  مماحكات الماضي  وينظر للسياسة بأنها   لعبة الاستراتيجية   وليس  خطوة تكتيكية الهدف الرئيسي منها  إحراز نقاط في   معركة  مع طرف  آخر.

وبعد توقيع الاتفاق  الذي ستنتهي الاحتفالات به بانتهاء مراسم توقيعه   قد تطرح أسئلة من شاكلة ما هو مصير  اتفاق  الحلو والحزب الشيوعي  وما هي المكاسب التي حققها الطرفان  وبعده السؤال عن مصير اتفاق  الحلو  وتجمع المهنيين   الذي يرفع شعار التغيير الجذري. المفارقة ان الحلو وقع  مع الجذريين  ووقع  مع  الإطاريين   ووقع  مع  الانقلاب  ومع حاضنته  في الوقت نفسه دون  أن يرمش له جفن  ودون أن يضع حسابات  لهذه التناقضات  والتي ربما يلعب عليها من أجل تعظيم مكاسبه هو في  لعبة  الخاسر الأكبر فيها الشعب السوداني وجيل  يسعي لتحصيل مستقبل  مختلف  ومغاير.

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.