متى يستبشر شعبنا بقدرة المالية على تغذية محفظته بدلاً من السحب منها؟

على الورق…إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

 

مثل مطرب يتمايل ويهتز طرباً لأدائه المتفرِّد، وإعجاباً بموهبته الفنيَّة الفذة، مستغرقاً في حالة من الذوبان الوجداني لقناعته الذاتية بعلو كعبه في عالم الطرب، محلقاً بنرجسيته في ملكوته الخاص، نخشى أن يماثله وزير المالية فيُحلِّق مزهوًّا بأكاديمياته، وبإلمامه بأحدث النظريات الاقتصادية من التقليدية إلى الرقمية، وبالرضا عن سياساته المتشدِّدة وصرامته في تطبيق قرارات استراتيجية قاسية وقاصمة، يتخِّذها منفردًا ومُغرِّدًا خارج سربه في ظل غياب الدولة، ويُطبِّقها غير آبهٍ بتململ وسخط المواطن الذي تقوَّس ظهره من ثقل الحمل.

قد يعجز محلِّلون اقتصاديون أو صحفيون عن إيجاد تفسير علمي لنظرية الاعتماد الكُلِّي على (جيب) ابن البلد رافدًا أساسيًّا ووحيدًا لخزينة المالية، ومن أي النظريات الاقتصادية الحديثة مستوحاة؟ وقد يُقرنها بعضهم بعلم النفس، ويُرجعها إلى تراكمات غُبن سياسي وظُلم اجتماعي، تولَّدت عنهما مشاعر (سادية) حادة، وآن أوان الانتصار للنفس و (العَصَبة).

لا تشك في أن الرَّجل – بحُكم تخصصه ومهنيته ومتابعاته لتجارب اقتصادات الدول النامية وبطيئة النمو – يُدرك تماماً أبعاد انعكاسات ومآلات الانحناء والانكسار لضغوط وإملاءات منظمات التمويل الدولية وصناديق المال العالمية، ولذلك آثر استخدام المشرط لإجراء جراحة قاسية على جسد المواطن دون أن تهتز له شعرة، أو تسقط له دمعة تأثراً بكمية النزيف المتحدِّر من جراحه كدفق المطر؛ لأنه – حسب رؤيته الاقتصادية – لا بديل لإزالة الأورام من المشرط.

لكن السؤال الذي يُطرح الآن: إلى متى يظل المواطن طريح سرير العناية المكثفة دون تضميد لجراحه؟ وإلى متى يظل جسده محضن تجارب جراحية دون أن يتبيَّن جدواها، ودون علمه بالمدى الزمني لشفائه.

اقتصادنا – يا سادة – ما زال أسير التنظير، وادِّعاء النهج العلمي في التخطيط والتطبيق، ويكتفي باستيراد مصطلحات حديثة فضفاضة من كنانة الاقتصادات العالمية؛ لكنه لا يخضعها للتطبيق.

الدولة – مُختزلة في وزارة المالية – رفعت الدعم عن كل شيء، ولم يتبق له إلا أن ترفعه عن (كرامة) المواطن واعتزازه بقيمه!! وفرضت – بحسب عدة مواقع إسفيرية – زيادات جمركية على أكثر من (١٥٠) سلعة، استنكرها خبراء ومختصون، ووصفوها بأنها “سلبية جدا”.

الشعب السوداني محبطٌ دائماً، وأمنياته وتطلعاته وأحلامه موءودة، فمتى يستبشر بقدرة المالية على تغذية محفظته بدلاً من السحب منها؟ نأمل أن يكون ذلك قريباً! قل إن شاء الله يا جبريل.

 

 

شارك الخبر

Comments are closed.