منهجية التفكير السياسي في السودان: الحزب قبل الوطن والعسكر بعيداً عن المنبر

على الورق….إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

ننظر إلى الماضي بعين الحزب، ونصوِّر الحاضر بعدسة الحزب، ونُخطِّط للمستقبل بعقلية الحزب، نحب ونكره بعاطفة الانتماء والولاء للحزب، والوطن (المسكين) يأتي في الترتيب عادة بعد الحزب، تابعًا له، لا العكس، هذا إن لم يُزج في أدنى سُلَّم الأولويات.

إسقاطات أيدولوجية، واختلافات فكرية ومنهجية تُحدِّد من نُقارب ومن نُباعد، من نُهادن ومن نُصادم، وتُضعف عُرى التعاون والاتحاد من أجل الوطن، وتُطفئ حرارة المشاعر والغيرة الوطنية.

ظل (شتات) ساحتنا السياسية عالي الضجيج، ومنذ عُدَّة سنوات يتحكَّم في محتوى الخطاب السياسي، وينوب عن رأس الدولة؛ بل لا يُبالي بتجاوزه في تحديد ما يكون وما لا يكون اليوم وغداً، وما يُتَّخذ وما لا يُتَّخذ من قرارات سيادية إستراتيحية تتعلق بكيفية إدارة الدولة: من يحكم؟ من يُستدْنى ومن يُستبعد؟ يتحدثون – وإن في حضوره – باستعلاء وربما باستخفاف؛ وبنبرة توجيه وتحدِّ وتحذير بألَّا خيار أمام القائد، ولا يملك إزاء ما نُريد إلا (تمام يا فندم)!! وهذا يعني إنهم يُؤمِّلون في انتقال السلطة الانتقالية إليهم سائغة، إلى (قوى الثورة)، مع استبعاد فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط تمامًا؛ لأنها ليست ضمن خياراتهم، ويرون أن رئيس الوزراء يجب أن يكون سياسيًّا (مدنيًّا)، إذ العسكر لا حظ لهم في السياسة، ويُحظر عليهم المشاركة وإن بأفكار وطنية لامعة وخلَّاقة، التفكير السياسي حكر على العقل المدني: (افهموها يا عسكر!!

يتأكد الآن للمواطن بصورة قاطعة أن (منظري سياسات السودان) لن تغمض لهم عين، أو يهنأ لهم بال؛ إلا إذا انقطعت أرجل العسكر عن القصر، ولسان حالهم وفق هذا التأكيد يقول: لن نسمح لمن تتزيَّن أكتافهم بالنجوم أو التيجان أو المقصات، وصدورهم بالنياشين والأنواط أن (يتحاوموا) داخل مقرَّات الحكم، ويُستثنى من ذلك فقط صغار الضباط والجنود لأجل حمايتها، ولتلبية متطلبات أمن الحُكَّام المدنيين، عدا ذلك فحركة العسكر يجب أن تكون قاصرة على القيادة العامة والثكنات، وأن يتركَّز اهتمامهم وتفكيرهم حصراً على صيانة تراب الوطن وحماية المواطن، ولا دخل لهم من اللحظة بشؤون ساس يسوس، فهي مهمة أحزاب البلاد كافة، باستثناء المؤتمر الوطني.

وترى (توليفة) هذا (الشتات)؛ بل تؤكد على أن الاتفاق الإطاري سيمضي قُدماً برغم العراقيل التي تحاول تيارات إسلامية تابعة للنظام السابق وضعها لتخريب الفترة الانتقالية، ولتثبيط الهمم والعزائم الساعية إلى تحقيق سلطة مدنية صرفة لا يشوبها (كاكي) ولا يُشوِّش عليها إيقاع (بوت).

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.