“هذا بيت الجاك”

بروفيسور/ أحمد حسن الجاك

(رسالة خارج الرقم التسلسلي)

“اعقِلْها وتوكَّلْ”

هذه المقولة الشريفة من نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، تفيدني كثيراً في عملية اتخاذ القرارات بكثير من الاطمئنان. من هذا المنطلق، فقد قررت أن أذهب بنفسي للجهاز المركزي للجوازات والهجرة (المعروف على وجه العموم بـ”العباسية”) يوم الخميس 18 الجاري لأقف على بينة موضوع “الإقامة بمصر”.

الكثير من السودانيين بمصر يعرفون:

1. إنه في عام 2004 تمت إجازة اتفاقية بين حكومتي السودان ومصر تُعرف باتفاقية “الحريات الأربع” (الإقامة، التنقل، العمل، التملك).

2. إن الكثيرين منّا دخلوا مصر هاربين/ نازحين من الحرب التي بدأت في 15 أبريل 2023.

3. الكثيرون منّا سمعوا أولاً من السيد/ أبو الغيط (الأمين العام للجامعة العربية) أن السودانيين يجب أن لا يُعاملوا كلاجيئن، لأنهم في “وطنهم الثاني”، مستشهداً بتاريخ يبرر مفهوم الوطن الثاني عندما كان التيار يسير جنوباً. ثم سمعنا نفس القول الطيب عن السودانيين في وطنهم الثاني قبل حوالي اسبوعين من السيد/ رئيس جمهورية مصر عبد الفتاح السيسي.

4. إن الكثيرين منّا يعرف تحديداً الفرق القانوني الكبير بين: مواطن، نازح، لاجيء، سائح.

5. إنّ الكثير من الأصوات الرسمية والأقلام الإعلامية سارت للأسف الشديد عكس ما ذكرت أعلاه فيما يخص وجود السودانيين بمصر.

6. امتثالاً بالمقولة النبوية المرشدة “اعقِلْها وتوكَّلْ”، قررت أن أذهب إلى “العباسية” يوم الخميس 18 الجاري بعد أن جهزت نفسي بكل الأوراق الرسمية. وصلت العباسية الساعة 7.15 ص بعد جهد جسماني (أنا أعاني مشكلة حادة في ركبتي اليمنى، وعليه أتوكأ على عصا طبية لأكثر من ثلاثة أشهر).. بالمناسبة أهل مصر يقولون على الركبة “الصامولة”. أحد رجال الشرطة حنّ على حالي وأخذني لغرفة بها عدد 7 كراسي ومعلق على أحد جدرانها: “لكبار السن والمرضى وذوي الإعاقات” مفصلة عليّ مئة في المئة. بعد ذلك ذهبت لصالة لا ترى فيها شبراً خالياً من السودانيين “قعوداً، وقوفاً، محمولاً، مدفوعاً بكرسي” سودانيين كالفراش المبثوث. لو تسمع لما يقولون وقد سمعت خلال الساعات الأربع الكثير، ورأيت في أعينهم نظرات الحيرة والضياع والحزن.

7. بعد كل تلك المعاناة الجسمية والنفسية، استلمت عند الخطوة الأخيرة إيصالاً مكتوباً عليه اسمي وتاريخ تقديم الطلب ونوع الإقامة: الإقامة بغرض السياحة.

8. حمداً وشكراً لله الآن عرفت “موقعي من الإعراب”: أنا “سائح” في مصر. (هذه البطاقة كما علمت تسلم لك بعد شهرين/تلاتة وتكون سارية المفعول لمدة ستة أشهر عليك تجديدها بنفس الوثائق و”الخطوات الرسمية في العباسية”.

9. لولا مقولة سيد الخلق والمرسلين “اعقِلْها وتوكَّلْ”؛ لما تبيّن لي كينونة شخصيتي الاعتبارية في جمهورية مصر العربية.

10. نصيحة لوجه الله:

(فاعتبروا يا أولي الألباب). 

 

القاهرة – يوليو 2024م

شارك الخبر

Comments are closed.