“البرش”.. عادات وتقاليد تقرير:محمد عبد الرحيم (أبوجدو)

 

عادات وتقاليد جميلة غير متوفرة إلا في السودان؛ ولعل من أهم تلك العادات والتقاليد هي عادة (البرش) التي يتميز بها شعب السودان عن غيره من بقية الشعوب.. حيث يتشارك أهل كل حي، وبكل أعمارهم من شياب وشباب وحتى الأطفال في تجهيز المكان المخصص لإفطار رمضان الذي يعرف شعبياً باسم (البرش) منذ وقت مبكر قبل رمضان، وذلك بنظافة المكان ورشه بالماء ووضع الطوب الأحمر حوله ليبقى مميزاً عن بقية الأمكنة بالحي، ويبقى مكاناً لتجمع أهالي الحي لإفطار رمضان، والجلوس للتفاكر وشرب القهوة والشاي، حتى وقت التراويح طوال الشهر المبارك!!.

فرحة رمضان:

ومنذ أول أيام رمضان الفضيل يتجمع أهالي الحي ويخرج كل منهم بما توفر من مأكل ومشرب ناحية (البرش) أو(الضرا) ويكون الجميع في سعادة تامة بحلول رمضان، وهم يتجمعون في مكانهم المعتاد الذي أفتقدوه منذ عام مضى؛ وبسبب مشاغل الحياة يمكن أن يكون أغلب الأهالي بعيدين عن التجمعات خلال العام الماضي، ويكون بالتالي التجمع عند البرش هو الخيار الأوحد؛ لذلك فإن البرش يعتبر بمثابة البرلمان المصغر الذي يتجمع فيه الأهالي مغرب كل يوم خلال رمضان، وبعد يوم شاق من العمل والبحث عن الرزق الحلال.. ويتفقد الأهل من خلال تواجدهم في البرش بعضهم البعض لمعرفة أخبارهم، وتفقد أحوالهم، والبحث عن حلول لمشاكلهم الخاصة، ومشاكل الحي الذي يجمعهم!!.

أهمية البرش:

وتعتبر أماكن تجمعات الأهالي لإفطار من أهم الأماكن الاجتماعية بالسودان خلال شهر رمضان؛ وهناك عدد من مميزات تلك الأمكنة أهمها التكاتف والتراحم في رمضان.. حيث من خلال البرش يتم تناول جميع أنواع الأطعمة والمشروبات وتتلاحم الأواني لدرجة أن يكون من الصعب معرفة أواني الفقير من عفش الغني، ويكون بالتالي التراحم في أسمى معانيه، وتتلاشى الفوارق الاجتماعية ويبقى الجميع سواسية أثناء الشهر المبارك؛ ومن خلال البرش يتفقد الناس بعضهم البعض، ومعرفة أخبارهم وتفقد أحوالهم، والبحث عن حلول لمشاكلهم الخاصة ومشاكل الحي؛ ومن خلال البرش يتم البحث عن الغائبين، ومعرفة أسباب غيابهم، وزيارة المرضى وتفقد أحوال الفقراء والمحتاجين.. ىومن داخل البرش يتم إكرام ضيوف الحي؛ إلى جانب النقاشات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية التي تساهم في تبادل الخبرات والتجارب والمعلومات وتساهم في تقارب الأفكار بين أفراد المجتمع.. وبالبرش يجتمع كل الناس بمختلف التخصصات العلمية مع من هم تلاميذ مدرسة الحياة؛ فهناك لا مجال إلا للتواضع والمصاهرة والانسجام!!.

الكرم والجود:

وكما هو معروف فإن شعب السودان يتميز بالكرم والجود وخاصة في الشهر المبارك؛ حيث يقوم الأهالي بجوار الطرقات العامة، وحتى الشوارع الفرعية بكل أنحاء البلاد بالتجمع جوار الطرق وإغلاقها في وجه المسافرين وعابري الطريق قبل وأثناء وقت الإفطار.. ومن المستحيل أن يخرج أي صاحب مركبة عامة أو خاصة دون أن يطيب خاطر هؤلاء الأهالي، وحتى إن كان السائق ماهراً، وخرج من هؤلاء فسيفشل في الهروب من أولئك الذين يتراصون في الشارع معرضين أجسادهم للخطر، وما من خيار بالتالي أمامه، إلا النزول لرغبتهم، وتناول الإفطار والشاي والقهوة معهم؛ وتلك صفات حميدة لن تتوفر إلا في (الزول) السوداني الأصيل!!.

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.