إغلاق الطرق .. خسائر فادحة

الخرطوم: ابتهاج متوكل
(الحق عام لكل مواطن)، عدم وجود قيود على حركته ونشاطته، والتأثير السلبي على مصادر دخله، وجزء من حقوق المواطنة، العدالة والمساواة بين كل المواطنين، وأوضح خبراء أن الإغلاق الجزئي أو الكلي هو تطبيق عملي لحرمان المواطن من أن يتمتع بحقوقه في حرية الحركة والنشاط، وممارسة الحراك الاقتصادي والاجتماعي، وذكروا أن التهديد المستمر بإغلاق الشرق أمر (سيئ جداً)، لأن الشرق هو الطريق الرئيس لحركتي الصادرات والواردات بالبلاد ، وأن معظم السلع الإستراتيجية ومدخلات الإنتاج تأتي عبر الميناء، ويعرضها لخسارة تقدر بملايين الدولارات، مشيرين إلى أن آثاره ليست آنية فقط، وإنما تظهر في المدى المتوسط والبعيد أيضاً، وتعطي أثراً نفسياً، بإعطاء العالم (انطباع) بأن البلاد غير آمنة ومستقرة .

المشهد السوداني
تهديدات بالإغلاق، لمدن وطرق قومية برزت على سطح، لجهاتٍ عدة تسعى لتحقيق أغراض مختلفة، كذلك ولاية الخرطوم مقبلة على إغلاق الولاية بشكل كامل الأربعاء المقبل رفضاً للاتفاق الإطاري، وذلك بحسب إعلان ورد من الإدارة الأهلية بالولاية، وكذلك هددت قيادات بقوات درع الشمال وقيادات أهلية، بإغلاق طريق شريان الشمال رفضاً للإطاري، السبت الماضي شهد إغلاق الطريق القومي، وتوقفت الرحلات السفرية إلى ولايات شرق السودان، إلى ذلك أعلنت مبادرة مزارعي تأهيل مشروع السوكي الزراعي اتجاهاً لإغلاق مباني حكومة الولاية بسنار، وأشارت إلى أن هناك خمسة آلاف مزارع هددوا بإغلاق مباني حكومة ولاية سنار، في حال عدم قيام الجمعية العمومية للمشروع.

الاعتداء على الحق العام
استنكرت غرفة البصات السفرية، أمر إغلاق الطريق القومي، لأسباب سياسية، واعتبرت ما حدث (فوضى وسلوكاً غير حضاري)، تسبب في الإضرار بمصالح مختلفة للمواطنين، وأكدت أن الاحتجاج والتعبير عن الرأي لا يعني إلحاق الضرر بمصالح الآخرين.

ورفض رئيس غرفة البصات السفرية، أحمد الطريفي، أمر إغلاق الطريق القومي لشأن سياسي، ولتحقيق مصلحة حزب أو مجموعة، وقال لـ(السوداني) إن إغلاق الطريق يضر بمصالح الشعب كافة، والاقتصاد، واعتبر ما يحدث غير منطقي، يخدم أغراضاً محددة، لتحقيق مكسب سياسي، مشيراً إلى أن الطريق ملك عام لا يقبل أن تتحكم في أمره جهة وتستغله سياسياً.
وأكد أمين مال الغرفة، د. علي أحمد علي، أن الطريق القومي حق عام للجميع، واعتبر ما حدث (فوضى وسلوكاً غير حضاري)
وقال لـ(السوداني) إن اختلاف الرأي والاحتجاج لا يعنيان إلحاق الضرر بمصالح مختلفة للمواطنين، مبيناً أن إغلاق الطريق أمس الأول تسبب في خسائر وأضرار بالغة، للمواطنين الذين لديهم التزامات سفر خارج البلاد، أو مرضى وغيرها من شؤونهم الخاصة ،تعطلت نتيجة الإغلاق، كذلك تعرض أصحاب البصات لخسائر، وذكر للأسف أمس الأول شهد تعطل كل السفريات في الميناء البري الخرطوم، بينما المعتاد يتحرك نحو (٤٠٠) بص، بخلاف مواقف السفريات الأخرى في آبو آدم، وقندهار، والسوق الشعبي، وموقف شندي، مشيراً إلى أن أصحاب البصات لديهم التزامات وتكاليف عمل، داعياً للتعامل بحكمة عند الاختلاف، لأن الطرق القومية حق عام للجميع.

الحرمان من الحقوق
وقال الخبير الاقتصادي، د. حسين القوني، لـ(السوداني )، إن من حقوق المواطن، عدم وجود قيود على حركته ونشاطته، والتأثير السلبي على مصادر دخله، ويُعد هذا (حقاً عاماً لكل مواطن)، كما أن جزءاً من حقوق المواطنة، العدالة والمساواة بين كل المواطنين، موضحاً أن الإغلاق الجزئي أو الكلي هو تطبيق عملي لحرمان المواطن من أن يتمتع بحقوقه في حرية الحركة والنشاط، خاصة في ما يتعلق بالأنشطة الاقتصادية، وأضاف: “إغلاق الطرق الرئيسية أو فرعية يؤثر على سكان المنطقة المعنية، ويحرمهم من ممارسة أنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي لوقف الحراك التجاري خاصة ، كذلك كل القطاعات الأخرى المرتبطة به، وهذا يعني التأثير المباشر على التجار وأنشطتهم ودخولهم، وأيضاً الأنشطة المرتبطة بالتعامل التجاري، لافتاً إلى أن هذه التأثيرات تنعكس سلباً على توفر السلع والخدمات في مواقيتها، وتؤدي لارتفاع أسعارها، خاصة في حالة (غياب الضمائر، وعدم الخوف من الله) في التعامل التجاري، وذكر أن الإغلاق يحدث (ربكة) في التعاملات التجارية والإيفاء بالالتزامات، مما قد يخلق مشكلة في العمل، وربما تنجم مشاكل تجارية وقانونية، لعدم الالتزام لظروف غير مرئية، وتابع أن إغلاق الطرق يؤدي إلى تأثيرات اجتماعية، كذلك يحول دون تنفيذ الخطط والبرامج؛ بسبب صعوبة الوصول والترحيل والتنقل، مشيراً إلى أن الإغلاق له تأثير سالب على مناخ الاستثمار؛ مما يعود بالضرر على البلاد، ويجعل التعامل معها داخلياً وخارجيا أمراً طارداً، ولا يشجع على الاستثمار والتجارة بها.
إغلاق واستمرار المشكلات

وأكد الخبير الاقتصادي، عبد العظيم المهل، أن الحديث عن إغلاق الشرق أمر سلبي، وقال لـ(السوداني) إن آثاره ليست آنية فقط، وإنما على المديين المتوسط والبعيد، موضحاً أن الآثار تبرز في أثر نفسي ، بإعطاء العالم (انطباعاً) بأن البلاد غير آمنة ومستقرة، وأنها تشهد انفلاتات، وتابع أن هذا الانطباع ينعكس سلباً على الموردين والمصدرين وشركات التأمين والملاحة المستثمرين، ويدفعهم للبحث عن بدائل أخرى، وأضاف: “إغلاق الطرق يزيد من العطالة، ويحرم أصحاب الرزق اليومي من دخلهم”، مشيراً إلى أن نشاط مدينة بورتسودان قائم على مفهوم الميناء، بمعنى أن كل أنشطة سكانها الاقتصادية والاجتماعية تعتمد عليها .
واكد الخبير الاقتصادي، عزالدين إبراهيم، أن التهديد المستمر بإغلاق الشرق أمر (سيئ جدا)، وقال لـ(السوداني) إن الشرق هو الطريق الرئيس لحركتي الصادرات والواردات بالبلاد، وأن معظم السلع الإستراتيجية ومدخلات الإنتاج تاتي عبر الميناء، وأفاد بأن التهديد المتكرر بالإغلاق يعني (الإغلاق نفسه)، لأن المصدر أو المورد يضع التهديد في اعتباراته، منوهاً إلى أن التلويح المستمر جعل بعض الخطوط الملاحية، تمتنع عن العمل بالسودان، ونجد أن هنالك نقصاً في الحاويات، تأثر به قطاع الصادر، مشدداً على أن تعثر حركة الصادرات تنعكس سلباً على الاقتصاد ، ويفاقم من مشكلات الدولار وارتفاع أسعار السلع بالبلاد، وأفاد بأن تعطل حركة إمداد السلع ومدخلات الإنتاج تؤثر على حياة المواطن واستمرار مشكلات الاقتصاد، مشيراً إلى أن مشكلة الشرق سياسية، ولابد من إيجاد الحلول لها.
خسائر فادحة
وأشار الأكاديمي، د. محمد الناير، إلى أنه عند النظر لحجم الصادرات والواردات معاً في عام ٢٠٢٢م، الني بلغت حوالي (١٥) مليار دولار، نجد (٩٠%) من حركة الصادر والوارد تأتي عبر الموانئ البحرية، ، بما يعني (١٣.٥) مليار دولار سنوياً، وقال لـ(السوداني) إنه حال توقف الطريق الرئيس للميناء، سيؤدي ذلك لخسائر لا تقل عن (٣٧.٥) مليون دولار يومياً، تشمل الصادرات والواردات معاً، فضلاً عن التعقيدات الأخرى من أشكالات نقص السلع حال طال أمد الإغلاق ، ولكن لابد من تحقيق العدالة وتلبية مطالب الشرق، داعياً لإيجاد توافق سياسي تام حول متبقي الفترة الانتقالية، من أجل قطع الطريق أمام أي جهة تفكر في الإغلاق.
الجلوس للحوار
وسبق أن دعا الخبير الاقتصادي، بروفسير إبراهيم أونور، إلى إيجاد قيادات حكيمة للشرق، تطرح المشكلات بهدف الوصول لمعالجات، وقال لـ(السوداني) إن مشكلة الشرق سياسية، وما يحدث من تهديد بإغلاقه أمر غير مفهوم، يحتاج للجلوس والحوار .

شارك الخبر

Comments are closed.