بعد استشهاد العقيد.. نيالا.. الجيش في مواجهة العصابات والمتفلتين

 

نيالا: محجوب حسون

لأكثر من شهر، ظلت مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور التي يسكنها أكثر (٣) ملايين نسمة، وبها عدد من المحليات، في قلق ورعب، بعد تصاعد وتيرة التفلتات الأمنية والنهب المسلح نهاراً جهاراً، آخرها إستشهاد العقيد عبد العظيم بالقوات المسلحة، بعد إطلاق النار عليه من قبل مجموعة مسلحة، مكونة من (٤) أشخاص، حاولت خطف عربته اللاندكروزر وهو بكامل زيه العسكري؛ الأمر الذي عده المواطنون ،استفزازاً وإهانة للقوات المسلحة، وحكومة ولاية جنوب دارفور، فماذا حدث هناك؟..

خلافات وتقاعس

أرجع علي أحمد حمد الله من أطراف العملية السلمية (سلام جوبا)، في حديث لـ(السوداني)، استمرار الانفلات الأمني بولاية جنوب دارفور إلى فرضيتين؛ الأولى وجود خلاف بين الوالي حامد هنون والأجهزة الأمنية، وحدوث تقاعس في تنفيذ توجيهات الوالي، ،والفرضية الثانية جشع الوالي هنون أو الشح المالي في تسديد تكاليف العملية الأمنية للقوات.

وأشار حمد الله إلى أن تعدد الجيوش أمر غير مرحب به من قبل القوات المسلحة، وتابع: (يصعب على الأجهزة الأمنية تحديد حركة تعدد تلك الجيوش حتى ولو كانت لها مقدرة الموساد، أو الاستخبارات الامريكية، أو الاستخبارات السوفيتية)، بجانب أنه في ثورة ديسمبر هناك استعجال في تعديل المادة (٦) التي تحدد وضعية قوات الدعم السريع؛ مما أعطى إحساساً للدعم السريع بأنه ليس بأقل من الجيش، وهذا خطأ بل تم استغلاله في التسليح للدعم السريع والصفقات الخارجية، وهو أكبر خطأ تم ارتكابه.

وأكد عدم وجود جدية وإرادة من الوالي هنون لإيقاف الفوضى؛ لجهة أنه لا يستطيع إقالة وكيل عريف في الدولة، مشيراً إلى أن للوالي هنون خيارين إما الحرص على أرواح وممتلكات الناس، أو حكم الولاية وحدوث الإنفلاتات الأمنية، وهو يستفيد من مآرب أخرى، متسائلاً إذا كان عقيد في القوات المسلحة له شارات الدولة يضرب وينهب، فكيف بالمواطنين العزل؟، وتابع: (ما يحدث في الولاية كلام فاضي).

الشرطة في الميدان…

أصدر المكتب الصحفي لشرطة ولاية جنوب دارفور بياناً حول حادثة العقيد ركن عبد العظيم عيسى مصطفى، وأشار البيان إلى أنه بتاريخ الأحد الموافق ٢/ ٤/ ٢٠٢٣م، عند الساعة الواحدة ظهراً  حيث كان العقيد ركن عبد العظيم عيسى مصطفى، الذي يتبع لقيادة المنطقة الغربية،  يقود مركبة لاندكروزر، وبصحبته أبناؤه التلاميذ العائدون من مدرستهم إلى منزلهم بحي عباد الرحمن في نيالا، وبعد وصولهم بسلام إلى المنزل، تأهب العقيد ركن عبد العظيم عيسى مصطفى، لعودته لمواصلة عمله، وبالقرب من منزله قام أربعة مسلحون يستقلون مركبة لاندكروزر، بدون لوحات، باعتراضه في محاولة لنهب المركبة التي يقودها العقيد عبد العظيم، حيث أطلقوا عليه أعيرة نارية؛ مما أدى إلى إصابته في يده اليسرى، وبالرغم من إصابته قاوم الجناة، ولم يتمكنوا من نهب المركبة، ولاذوا بالفرار، تم إسعاف المجني عليه للمستشفى التركي، وتوفي متأثراً بجراح ، وفتح بلاغ بقسم نيالا شرق، حيث تتواصل الإجراءات القانونية وملاحقة الجناة .

وأدانت شرطة الولاية هذا الحادث المؤسف، وتوعدت بملاحقة المجرمين الذين يستقلون المركبات غير المقننة التي باتت تشكل مهدداً أمنياً، وسوف تعمل شرطة الولاية مع الأجهزة الأمنية الأخرى، جنباً إلى جنب لتحقيق الأمن.

دموع نيالا….

خف إلى مطار نيالا كل ضباط الفرقة (١٦) مشاة، وقيادات المدينة يتقدمهم والي جنوب دارفور، حامد هنون، ولجنة أمنه، وطلاب وطالبات مدارس جسر الرواد بنين، حيث يدرس حمزة ابن الشهيد عبد العظيم، ومدرسة الرواد الثانوية بنات، حيث تدرس أفراح ابنة الشهيد عبد العظيم، في مشهد مهيب الكل دامع العينين، بحسب الأستاذ بدر على ندى من إدارة مدرسة الرواد بنين، الذي حضر إلى مطار نيالا لوداع جثمان الشهيد العقيد الركن عبد العظيم إلى الخرطوم ليوارى الثرى.

ميدان الإعلام…

وقالت الإعلامية، سهيبة مريش، من إذاعة نيالا فى حديث لـ(السوداني) إنهم يومياً يصبحون في جريمة أبشع من التي سبقتها، وتابعت: (بقينا خجلانين من المجتمع) وأضافت: (كلنا ما عارفين البكتلنا منو في جنوب دارفور؟)، وأطلقت سهيبة، ومعها مجموعة من الإعلامين بالولاية مبادرة لوقف الرعب والنهب المسلح بجنوب دارفور، تهدف المبادرة ـ بحسب مطلقيها ـ لتوعية حكومة المركز بما يجري في الولاية، متسائلين إذا كان عقيد في الجيش يقتل نهاراً جهاراً، وقبله شقيق مدير جهاز المخابرات العامة، ضرب سائقه، ونهب منه مبلغ (٦) ملايين جنيه نهاراً وجهارا، وكذا الحال مقتل نائب المدير التنفيذي لمحلية كبم، وليد، بعد إطلاق (١٧) طلقة عليه من النهب المسلح، ونهب مليون جنيه، وتابعت: (مافي زول بحمينا ودماؤنا وعروضنا في خطر، ولا نشك في اغتصاب الحرائر داخل البيوت من قبل العصابات) بينما انفض اجتماع للجنة أمن ولاية جنوب دارفور، بقيادة الوالي حامد هنون، بدون أي تصريحات لأجهزة الإعلام، بعد (٣) ساعات من الاجتماع المتواصل بمكتب والي جنوب دارفور المكلف، حامد هنون، كما أشارت مصادر أمنية إلى أن المجتمعين اكتفوا ببيان الشرطة الذي صدر بعد الحادث أمس ، وتعاهد الجميع بعدم تكرار الجريمة مرة أخرى، وهكذا انفض الاجتماع الأمني الصامت بنيالا، دون تصريحات لأجهزة الإعلام التي ظلت منتظرة لزهاء الـ(٤) ساعات في أمانة حكومة الولاية بنيالا.

ردة فعل غير متوقعة

وأشار عدد من المواطنين فى حديث لـ(السوداني) إلى أنهم بعد الحادثة توقعوا ردة فعل قوية من لجنة أمن الولاية، وقيادة الفرقة (١٦) مشاة، بتكثيف العمل الأمني داخل نيالا وخارجها لتوقيف الجناة، وأن يكون هناك طيران في الجو لفرض هيبة الدولة، ولكنهم لم يجدوا شيئاً، وسارت الأمور كما كانت في السابق ، يقتل أو ينهب المواطن، وتنتهي القضية بعد يومها الأول.

 

شارك الخبر

Comments are closed.