عبد السلام العقاب *
فخامة السيد والي الجزيرة المكلف السيد، الطاهر الطيب.
لا أود أن أهنيئك بالمنصب، بل أدعو لك الله تعالى أن يعينك على ما أنت مقبلٌ عليه والذي يحتاج منك لمجهودات جبارة حتى تنجز في فترة تكليفكم ما كلفتم به من مهام، ونأمل أن يكون اسمك كاملاً هو خير نعت لك (الطاهر الطيب الخير).
السيد الوالي
نرجوك خير خلف لخير سلف والذي لا تربطني به أدنى علاقة أو صلة، ولكن ما بلغني أنه ظل يجاهد منذ توليه رئاسة الولاية وظل مكان تقدير كل التنفيذيين والشعبيين، وقد تناوشته أفواه وأقلام، وأكبر ما حملوه له أمن شمال الولاية.
وأنتم السيد الوالي بوصفكم رئيس لجنة أمن الولاية، فيمكنكم من خلال تقارير أعضاء اللجنة الأمنية أن تقف على مسألة شمال الولاية وعلاقتها برئاسة القيادة العليا للبلاد، وفي هذه التقارير القول الفصل والتي تبرئ ساحة سلفكم من تهمة التقاعس عن واجبه الأمني بخاصة في شمال الولاية.
السيد الوالي
كتبت من قبل كثيراً على الصحف السيارة وبغلظة واضحة لعدد من الولاة عسكريين ومدنيين ليس تطاولاً عليهم ولكن خوفاً عليهم ممن يتسلقون وينافقون ويتملقون لنيل رضاء الوالي أو الحاكم، وبنفس الروح كتبت لعدد من المعتمدين بخاصة محلية الكاملين محذراً من أن يحتويهم بعض الشعبيين أو ينافقهم بعض التنفيذيين لذلك أحذر من أمثال هؤلاء وهم كثرٌ.
السيد الوالي
وأنت تضع الآن أولى خطواتك على أرض الولاية، لا أود أن أحبطك أو أقلل من شأنك، ولكن لا تمشي على خطى سلفك بالإستيكة، بل قم بإكمال ما بدأه من مهام للارتقاء بالأداء بالولاية وإن استطعت لأكثر مما بذل سلفك، فهذا هو المأمول من تكليفكم، إذ لا بد من تكامل الجهود لرفاهية إنسان ولايتك.
السيد الوالي
وكما هو معلومٌ، فإنّ ولاية الجزيرة هي البوتقة التي انصهرت فيها كل إثنيات وجهويات السودان، كما أن مشروع الجزيرة هو سبيل كسب العيش لمعظم مواطني الولاية والذي تعتريه كثير من المشكلات أكثرها وأكبرها عدم وجود جسم شرعي يمثل مزارعي المشروع، ويعاني كذلك عدم التمثيل الشرعي في مجلس إدارته، ومن أكبر المشكلات كذلك عدم التمويل للعمليات الفلاحية في عروتيها الصيفية والشتوية، بل وترك الإنتاج عرضةً لتماسيح السوق بدلاً من تدخل الدولة لتحديد السعر التركيزي الذي يحفظ للمزارع حقه وتحفيزه للإنتاج. كما أنّ أم المشكلات التي يعانيها المزارعون مسألة الري المعضلة الكبرى التي تواجه المشروع، وأهم ما فيها تطهير قنوات الري وتجهيز مواعين النقل، وعند السيد الوزير الخبر اليقين. فمسألة الري بالرغم من بدائيتها تظل الضلع المهم في مثلث المشروع.
السيد الوالي
لا تحجب نفسك عن مواطنيك، ولا تجعل على باب مكتبك حاجباً يدفع عنك ذي الخلة والحاجة، فكثيرون ليس لهم بعد الله تعالى إلا سماحة الوالي فأرخي لهم السمع، فهذا أفيد لك ولهم.
السيد الوالي
إنّ مُعظم التقارير التي ترد المسؤولين غالباً أنها تقارير مضروبة، وظللت أكرر هذا القول لما يقارب العقدين من الزمان فلا تثق فيها ثقة مطلقة عمياء، وكما يقولون إن سوء الظن من أقوى الفطن، لذلك لا بد من التأكد بنفسك من تلك التقارير حتى لا يخدعك بريقها والأسماء الرنانة التي تتذيلها.
اجعل مجلسك في كل مرة في إحدى حواضر المحليات، ولعل هذا يجعلك تتلمس حاجات مواطنيك كفاحاَ وحتى لا يحتويك مكتبك دون غيره من المكاتب.. وأرى أن تحدد يوماً في الأسبوع على الأقل لمقابلة الوفود الشعبية القادمة من محليات الولاية جماعات أو أفراداً، فإن ذلك يقوي الثقة بينك ومواطني ولايتك ويمنع عنهم تجار المواقف الاجتماعية.
السيد الوالي
جميعنا يعلم أن الحرب الدائر رحاها في البلاد قد أدت لشح الموارد، ثم المواجهة بما تبقى منها في استقبال وتدبير أمر من نزحوا من ديارهم.. ولكن هذا لا يمنع من الاهتمام الزائد بمعاش الناس، كما أن الصحة والتعليم والمياه وخدمات المواطنين تحتاج منك لعمل خاص وجهود مضاعفة، ولا بد من تحريك الجهاز التنفيذي بكافة أرجاء الولاية لإنجاح برامجك لترقية الأداء بالولاية، ولا تضيق بالرأي الآخر فإن نصف رأيك عند أخيك ولا تنزعج للخصوم والمناوئين وهم موجودون منذ صدر الإسلام، أليس هم القائلون (… لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)؟.
السيد الوالي
الطرق في الولاية والتي تبلغ أطوالها مجتمعة أكثر من أربعمائة كيلو قطعت فيها إدارة مشروع الجزيرة شوطاً طويلاً بلغت مرحلة التمويل من البنوك، وكان مقرراً البداية الجادة للعمل فيها بعد عيد الغطر الماضي، إلا أن الحرب كانت الحائل الأول دون تنفيذها، وخير من يحدثك في ذلك السيد محافظ المشروع.
السيد الوالي
لا أطيل عليك، ولكني قبل أختم حديثي إليك أذكرك بدعاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم اللهم فأشقق عليه)، فاحذر السيد الوالي أن تصيبك دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
إنها كلماتي إليك وهي من باب النصح ولو بشق كلمة وحسناً أنّك لا حاضنة لك إلا ولاية الجزيرة وهذا يفيدك بأن تكون على مسافة واحدة من الجميع وتمثل في ذلك مركز الدائرة، وعليك بتحريك الطاقات الكامنة كما فعل ذو القرنين، إذ قال لهم إئتوني زبر الحديد ثم قال انفخوا ثم قال إئتوني افرغ عليه قطرا.
ثم ردد جهراً قول سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه “وليت عليكم ولست بخيركم أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم”.
وتذكر القول الخالد “عدلت فنمت يا عمر”.
وخير الختام قول الحق عز وجل: (… وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ…).
والله من وراء القصد وهو الهادي لسواء السبيل
* الكاملين
Comments are closed.