الحرب في السودان.. كشف “ستر” المستورين!

كتبت: محاسن أحمد عبد الله 

(تلك هي الحرب: آفة الحياة وعار الإنسانية) – علي الطنطاوي.

 

وجوه كالحة، أجساد أهلكها الجوع وتغطت بالتعب، نظرات تائهة وأخرى متوسلة ومتسولة، عيون دامعة، أطفال لاحول لهم ولا قوة يبحثون عن لقمة تسد رمق جوعهم، بعد أن فتكت الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع بالأغلبية، ليصبحوا هائمين على وجوههم لا يعرفون ما يفعلون وهم مازالوا مكبلين بقيد الظروف التي منعتهم من مغادرة منازلهم بالخرطوم وبحري وأم درمان ومختلف الولايات بالسودان ليواجهوا مصيرا صعبا لم يتوقّعوه.

 

نداء استغاثة

(يا أهل الخير لو أي زول سامع كلامي وموجود أم درمان، أنا أرملة وأم لثمانية أطفال ما طلعنا عشان ما عندنا جنيه في يدنا ولا مكان يأوينا ونحن في منطقة فيها ضرب شديد وممنوع نطلع، ياريت ياريت زول يمشي معاي البقالة يشتري لي رز ودقيق وزيت، أنا وأولادي حنموت من الجوع، حاولت استر على نفسي وأولادي بس الجوع غلبني وعيالي، والله غلبني).

هكذا أطلقت إحدى السيدات نداء استغاثة رغم أنها كانت لا تريد مد يدها، إلا أن الظروف أجبرتها على ذلك، كما أجبرت الكثير من الأسر المتعففة.

 

تشريدٌ ونزوحٌ

أغلب المواطنين لم يتوقعوا أن يصل بهم الحال من جوع وحوجة لهذه المرحلة، لكن استمرارية الحرب التي أدت إلى سرقة وقتل وتشريد ونزوح كثير من المواطنين لمناطق وولايات مختلفة – بسبب وحشية وجرائم قوات الدعم السريع – بعد فقدناهم لكل ما يمتلكون من مال ومأكل ومشرب، فبدأ أغلبهم يأكل من سنامه بعد أن فقدوا مصادر رزقهم وأكل عيشهم بسبب الحرب، ولم يتبقَ لهم خيار آخر غير مناشدة أهل الخير لنجدتهم.

قالت إحداهن: (أنا وأولادي أصبحنا متسولين في أم درمان بسبب الجوع، بقالة زوجي نهبوها وبيتنا سكنوا فيه الدعامة، وولدي الكبير مفقود وزوجي مريض بالقلب بسبب الحصل لينا).

 

ذلة وتدمير

أكدت عدد من السيدات لـ(السوداني) بأنهن نزحن من الخرطوم إلى مدني بسبب قصف منازلهن، وأقمن في المدارس بمدني، حيث كان يتم منحهن المواد الغذائية شهرياً، إلا أنهن أوضحن (لكن بعد أن اقتحمتها قوات الدعم السريع فررنا لقرى الجزيرة، مؤكدين بأنهم وجدوا الوضع أصعب لا طعام ولا مأوى بسبب اقتحام الدعم السريع أيضاً لتلك القرى، الأمر الذي اضطرهن للذهاب لمناطق أخرى لاستجداء الطعام، وأكدن بأنهن عشن بكرامتهن بين الناس ولكن الحرب ذلتهن لمن يسوى ولا يسوى – حسب قولهن – ودمرتهن وكشفت حالهن).

 

الجوع كافر 

كتبت إحداهن بالفيس بوك: (أنا في أم درمان الفتيحاب، أنا شاحداكم عديييل العندها أكل بس تديني، الجوع هلكنا اعتبروني شحادة؛ أدوني إن شاء الله قرقوش، يا جماعة معقولة أهل الخير انعدموا، والله أنا مضايقة تعبت من كل زول يجيني يقول لي بي مقابل، والله دايرة مساعدة لوجه الله إن شاء الله ما تضوقوا حالي، والله ما بتمناها للعدو، سكر ودقيق، كسرة بس والله ما دايرين غيرهم، القريبة لي عليك الله لو قريتي كلامي دا ما تمشي تخليني ساعدني الله يرضى عليك الجوع كافر).

 

الجوع وموت الأطفال

أكدت عدد من الأسر السودانية التي ضاق بها الحال لـ(السوداني)، أنهم يريدون الطعام فقط وهم في مناطق الشدة في كل من نيالا والجنينة، بعد أن فقدوا كل ما يملكون وأصبحوا هائمين في العراء، مشيرين للمنظمات الإنسانية بأنها لا تفي حاجتهم وفي أحيان كثيرة لا أثر لها، مؤكدين أن عددا من الأسر فقدت أطفالها بسبب الجوع الذي جعل المرض يفتك بهم، مطالبين الخيِّرين بتوفير الدقيق والزيت والسكر بعد أن نهبت قوات الدعم السريع الأسواق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.