وجهت الأمم المتحدة وشركاؤها أمس نداءً لتوفير مبلغ إجمالي قدره 4.1 مليار دولار، وذلك لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً للسكان المدنيين في السودان الذي تعصف به الحرب، وأولئك الذين فروا إلى البلدان المجاورة.
بعد مرور عشرة أشهر على اندلاع الصراع، أصبح نصف سكان السودان – أي حوالي 25 مليون شخص – بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية. وقد فر أكثر من 1.5 مليون شخص عبر حدود السودان إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
أدى اتساع نطاق القتال في السودان – بما في ذلك ولاية الجزيرة، والتي تمثل سلة الغذاء في البلاد – إلى نشوء واحدة من أكبر أزمات النزوح والحماية في العالم، فيما يتفشى الجوع، حيث يواجه ما يقرب من 18 مليون شخص حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد.
يستمر القتال الكثيف في إتلاف شبكات إمدادات المياه وغيرها من البنى التحتية المدنية الحيوية في السودان، حيث يعتبر ما يقرب من ثلاثة أرباع المرافق الصحية خارج الخدمة في الولايات المتضررة من النزاع. وتنتشر أمراض مثل الكوليرا والحصبة والملاريا في وقت يفتقر فيه ثلثا السكان إلى الرعاية الصحية. هناك حوالي 19 مليون طفل خارج المدرسة، وتنتشر انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع، مع استمرار ورود تقارير عن العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ويضطلع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بمهمة تنسيق جهود الاستجابة داخل السودان، حيث تدعو خطة الاستجابة والاحتياجات الإنسانية لهذا العام إلى توفير 2.7 مليار دولار من أجل الوصول إلى 14.7 مليون شخص. وتنسق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين، والتي تطالب بتوفير مبلغ 1.4 مليار دولار وتستهدف حوالي 2.7 مليون شخص في خمس دول مجاورة للسودان.
وتهدف الخطتان معاً إلى دعم حوالي 17.4 مليون شخص في السودان والمنطقة.
وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث: “لقد سلبت عشرة أشهر من الصراع من الشعب السوداني كل شيء تقريباً – سلامتهم ومنازلهم وسبل عيشهم”. وأضاف: “إن سخاء الجهات المانحة يساعدنا على توفير الغذاء والتغذية والمأوى والمياه النظيفة والتعليم للأطفال، وعلى مكافحة آفة العنف القائم على النوع الاجتماعي ورعاية الناجين. لكن نداء العام الماضي حصل على أقل من نصف مستوى التمويل. وهذا العام، يجب علينا أن نفعل ما هو أفضل وبشعور متزايد بالحاجة الملحة”.
أجبرت الحرب حتى الآن أكثر من 1.5 مليون شخص على الفرار إلى البلدان المجاورة التي تعاني أصلاً من استنزاف الموارد وتستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين، من بينهم لاجئون وأشخاص يضطرون للعودة إلى بلدانهم الأصلية قبل الأوان. ويصل معظمهم إلى مواقع نائية يصعب الوصول إليها وتفتقر إلى الخدمات الأساسية. ويعد دعم الاستجابة الإنسانية أمراً بالغ الأهمية، ولكن الاستثمارات الرامية إلى تعزيز الخدمات الوطنية وقدرة المجتمع على الصمود لها نفس القدر من الأهمية لدعم الحكومات المضيفة وتمكين السكان من العيش بكرامة.
من جانبه، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: “لقد التقيت للتو بلاجئين سودانيين في إثيوبيا ونازحين داخل السودان – وقد فقدوا الكثير. مرة تلو الأخرى، نسمع منهم نفس الرسالة: نريد السلام حتى نتمكن من العودة إلى ديارنا، ونحتاج إلى الدعم لإعادة بناء حياتنا”. وأضاف: “يبذل الأشخاص قصارى جهدهم للحصول على الدعم الأساسي الذي يمكن أن تقدمه لهم المجتمعات المضيفة والشركاء في المجال الإنساني. وأحث المجتمع الدولي على زيادة مستوى دعمه للشعب السوداني، فهم بحاجة ماسة إلى المساعدة، وهم بحاجة إليها الآن”.
***
تمكن عمال الإغاثة من 167 منظمة إنسانية من الوصول إلى حوالي 7 ملايين شخص في السودان في عام 2023، وذلك بدعم من الجهات المانحة الدولية. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه سبل الوصول لهؤلاء الأشخاص، فقد قدم المجتمع الإنساني مساعدات حيوية عبر خطوط النزاع في السودان، ويواصل دعم جهات الاستجابة المحلية السودانية في المناطق التي لا يستطيع الوصول إليها سوى عدد قليل من الشركاء الدوليين، بما في ذلك الخرطوم ودارفور. وقد كان الوصول عبر الحدود من تشاد بمثابة شريان للحياة، ويتم النظر في سبل أخرى.
في عام 2023، قدم 64 شريكاً الدعم للحكومات المضيفة في مجال تزويد أكثر من 1.5 مليون شخص بالدعم والحماية الضروريين في خمسة بلدان مجاورة، وهي: جمهورية إفريقيا الوسطى، وتشاد، ومصر، وإثيوبيا، وجنوب السودان. في عام 2024، تهدف خطة الاستجابة للاجئين إلى مواصلة 82 شريكاً في البلدان الخمسة جهودها الإغاثية، بالإضافة إلى دعم سبل بناء القدرة على الصمود لما يصل إلى 2.7 مليون شخص.
Comments are closed.