شرق النيل على شفا الكارثة!

كتبت: سوسن محجوب

يُواجِـه سكان مناطق واسعة من شرق النيل والحاج يوسف، أوضاعاً بالغة السُّـوء، في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي والمياه وشُح المواد الغذائية من المحال التجارية بعد سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة التي كانت توفر أسواقها كل احتياجات تُجّـار الخرطوم وشرق النيل، ولاحقاِ وبعد بدء العمليات العسكرية في أم درمان، انقطعت خطوط التواصل وأصبحت شرق النيل في عزلة كاملة.

اعتقالاتٌ
في أحدث وأسوأ تطور ــ اتهم مرصد شرق النيل لحقوق الإنسان، قوات الدعم السريع بشن حملة اعتقالات ضد المُتطوِّعين المُشرفين على تشغيل عددٍ من التكايا والمطابخ التكافلية في محلية شرق النيل بولاية الخرطوم. وقال المرصد، إنّ قوة تتبع للدعم السريع اعتقلت منسقي المطابخ بكل من (وحدة الحاج يوسف وسط، وحدة الفيحاء، وحدة الجريفات وأم دوم) واقتادتهم للتحقيق، منبهاً إلى إطلاق سراح بعضهم مع الاستمرار في اعتقال آخرين، وأكّـد أنّ تغييب المُشرفين على تلك المطابخ أدى إلى عدم تقديم الوجبات لآلاف الأسر في الأحياء المُختلفة.

مزيد من المعاناة
بدا أنّ معاناة ما تبقى من مواطنين في شرق النيل لم تتوقّف، إذ يدخل انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع المياه يومهما التاسع في شهر رمضان، مع استمرار انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت التي تجاوزت الشهر.
ويقول شاهد عيان لـ(السوداني): باتت الخيارات أمامنا واضحة وهو مغادرة منازلنا بعد أن قاومنا كل المشاكل السابقة، ولكن توقف إمدادات المياه والكهرباء وفي ظل عدم وجود أيِّ بصيص أمل لعودتهم، مع إغلاق بعض الأسواق التي كنا نعتمد عليها في توفير الاحتياجات.

عام الرماد
وفي وقتٍ سابقٍ، قال برنامج الغذاء العالمي، إنّ 95℅من السودانيين لا يستطيعون توفير وجبة كاملة، فيما نبهت الأمم المتحدة إلى أن 5 ملايين مواطن سوداني على شفا الكارثة.
وفي المقابل، أعلنت الولايات المتحدة، تقديم نحو 47 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للاستجابة الطارئة في السودان والدول المجاورة، بما في ذلك تشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان.

مزيد من التضييق
مرصد شرق النيل، اعتبر الاعتقالات التي طالت منسقي المطابخ تهدد بإيقاف عمل عشرات المطابخ التي يستفيد منها حوالي 150 ألف مواطن، مما يتسبب في تجويع المواطنين في أحياء شرق النيل، وحذّر من أن يؤدي ذلك إلى توقُّف تلك المطابخ عن العمل تماماً والدخول في مجاعةٍ لا يمكن تحمُّل تكلفتها الإنسانية، كما دعا لإيقاف هذه الممارسات بشكلٍ عاجل، وإطلاق سراح كل المُحتجزين من المسؤولين عن المطابخ لاستئناف عملهم، ونبّه المرصد إلى أن المطابخ الجماعية أصبحت الملجأ الوحيد للأسر التي لا تملك ما يسد رمقها، ولا تقوى على مُجابهة الارتفاع غير المسبوق لأسعار السلع الغذائية، فضلاً عن صعوبة الوصول إليها في ظل الظروف الأمنية الراهنة، مشيراً إلى تزايد المعاناة بعد انقطاع خدمات شبكة الإنترنت والاتصالات، حيث بات شبح المجاعة يلوح في الأفق.

الحكم بالجوع
المرصد لفت إلى أنّ هذه التكايا والمطابخ التكافلية تعمل في ظروفٍ بالغة التعقيد، وتُعاني من شُحٍ في التمويل الذي تسبب في توقف بعضها، وقلة عدد الوجبات المقدمة في البعض الآخر، وشدّد المرصد على أن الاستهداف المباشر للمشرفين والقائمين عليها يعني حكماً بالإعدام جوعاً على آلاف الأُسر المُعتمدة عليها تماماً، ويُعتبر ذلك إنتهاكاً للحق في الحياة، وتوجد بولاية الخرطوم أكثر من 300 مطبخ جماعي يعتمد عليها عشرات الآلاف من المواطنين في معاشهم بعد تردي أوضاعهم المعيشية في ظل الحرب الدائرة.

أزمة المعابر
وفي مطلع مارس الجاري، وافقت الحكومة على تسلم مساعدات إنسانية عبر تشاد وجنوب السودان، وحدّد ثمانية مسارات برية وجوية لتسلمها، وهي معبر الطينة من تشاد إلى الفاشر ــ عاصمة ولاية شمال دارفور لدخول المساعدات الإنسانية المحددة، الخط الرابط بين بورتسودان وعطبرة، ومليط والفاشر، ومن مصر عبر طريق البحر الأحمر إلى بورتسودان، ومعبر وادي حلفا – دنقلا، ومن جنوب السودان بواسطة النقل النهري والطريق البري من الرنك إلى كوستي، ومطارات الفاشر بدارفور وكادُقلي والأبيِّض إلى كردفان، في حالة تعثر الوصول عبر الطرق البرية، بحسب ما ورد في بيان لوزارة الخارجية، وتعهّٓدت الحكومة السودانية مجدداً بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المُتضرِّرين والمحتاجين في جميع أنحاء البلاد عبر الموانئ والمعابر والمطارات داخل البلاد.

مزيد من الحرب
تقول إحدى الناشطة (فضلت حجب هويتها)، في أحد المطابخ التكافلية بمستشفى البان جديد بالحاج يوسف إنّ المطبخ ظل يعمل رغم الظروف البالغة التعقيد، منها انقطاع الاتصالات والإنترنت الذي يمثل الداعم الأكبر، حيث نستقبل من خلال التطبيقات البنكية مساهمة أبناء الحاج يوسف والخيِّرين، وأصبح الخيار أمامنا هو الاتصال عبر إستار لينك، حيث ترتفع تكلفته في الساعة إلى ثلاثة آلاف جنيه، طبعاً لا يعرف منا متى تصل المساعدات، لذلك يضطر الزملاء الذهاب عدة مرات في اليوم، ورغم ذلك لم يتوقف العمل، لكن ظهر لنا الآن واحد من أسوأ أوجه الحرب وهو قطع شبكة المياه والكهرباء، مما فاقم الأوضاع، وخاصّةً أننا في شهر رمضان.

إغلاق سوق الرواسي والطواحين
ويشير أحد أعضاء لجان مقاومة الحاج يوسف لـ(السوداني) إلى أنّ الأوضاع الأمنية مستقرة، باعتبار أنّ منطقة حطاب بعيدة عن الحاج يوسف، لكن على المستوى المعيشي أصبحت المنطقة طاردة جداً، وأصبحت شبه معزولة، مع المضايقات التى يتعرض لها الفاعلون من الشباب، ويضيف: “طبعاً لا توجد أي مساعدات تدخل إلى المواطنين عكس ما يتم في أم درمان، وأغلقت معظم الطرق التي كانت تدخل عبرها البضائع، وهناك شح في الكثير من المواد الغذائية حتى اللبن في كثير من الأحيان لا يصل إلى المنطقة، فضلاً عن ذلك تم إغلاق أحد أهم الأسواق وهو سوق (الرواسي) وهذا كان يوفر القليل من الاحتياجات، كما أغلقت الكثير من الطواحين مع تناقص القمح والذرة.

العودة إلى الآبار
وقالت غرفة طوارئ شرق النيل وفي ــ إطار محاولتها للمساهمة في إيجاد حلول لانقطاع الإمداد المائي المرتبط بانقطاع الكهرباء منذ ما يزيد عن عشرة أيام حتى الآن، إنها بدأت العمل لجمع بيانات وإحصائيات للآبار الموجودة في مختلف المناطق والوحدات الإدارية بمحلية شرق النيل، لمعرفة حجم احتياجاتها والعمل على تقديم الدعم المناسب لها، ودعت الغرفة في بيان تلقته (السوداني)، المواطنين مدها بالمعلومات عن الآبار الموجودة في مناطقهم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.