مسلسل الأزمات في الشرق.. ماهو الجديد؟!

المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة أعلن مؤخراً، دعمه للجيش في معركته ضد تمرد الدعم السريع، وقال إنّ المعارك التي تدور في الخرطوم ودارفور، في ظل استتباب الأمن بولايات الشرق جعلته ملاذاً آمناً لكثير من أبناء الشعب السوداني بما في ذلك قادة الدولة من مجلسي السيادة والوزراء، ورؤساء الأحزاب السياسية والمجتمع، مما تشكل عنه حراكاً كبيراً “يستوجب الانتباه واليقظة”. وكان هناك ثمة اتفاق غير معلن أن لا يلتزم مجلس البجا الهدوء ولا يلهب المشهد السياسي ويحرك المظاهرات نسبةً لأوضاع البلاد؛ والتزموا بذاك الاتفاق، إلا أن مجلس نظارات البجا اتهم قيادات أمنية وسياسية بأنها تحمل أجندات آسنة، وقال إنها كانت سبباَ رئيسياً لما وصل إليه حال سودان اليوم، وحذروا من أن تجاوزهم كنظارات قد ينسف الأمن والاستقرار الذي يشهده الشرق حالياً.

تنبع أهمية وثقل البجا، كونهم السكان الأصليين والمكون القبلي الأكبر في شرق السودان ويسيطر عليه بالكامل، ويقطنون كذلك في المنطقة الحدودية المتاخمة لإثيوبيا وإريتريا ومصر، وجميع ساحل البحر الأحمر والموانئ داخل حدودهم القبلية، إلا أن البجا غير متوحدة تحت قيادة واحدة أو حزب واحد، فهناك انقسامات حادة داخلهم أنتجت أكثر من 7 أحزاب. وهذا المشهد لا يقتصر فقط على البجا، بل يعكس الوضع العام في السودان نتيجة للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية السودانية منذ عام 2019، حتى الانفجار الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويعد جزءاً من التدخل وتضارب المصالح بسبب التدخل الخارجي ودعم بعض الأحزاب المحلية.

 

وفي سياق متصل، نشرت مواقع التواصل الاجتماعي، ما يشير إلى وثيقة مسرّبة صادرة عن مجلس السيادة الانتقالي، وموقعة من البرهان تنص على تكليف قائد كتيبة البراء بن مالك، المصباح أبو زيد، باتخاذ الإجراءات المناسبة لحفظ الأمن في ولاية البحر الأحمر التي أصبحت حاضرتها بورتسودان العاصمة والمقر الجديد للحكومة بسبب الحرب.

 

وكان مجلس نظارات البجا قال لمنسوبيه إنه تجرى تحركات مريبة، تحت غطاء توحيد مكونات شرق السودان، وإنّ هناك مبادرة إقصائية مبتورة تسعى لاجترار وإعادة توطين الفتنة بشكل أقبح، وإن المبادرة خلفها مجموعة من قادة الإسلاميين، مسنودة بغطاء بعض قيادات في الأجهزة الأمنية لإقصاء مكونات شرق السودان سعياً منهم لصناعة حاضنة سياسية تعيد أمجادهم، وأوضح المجلس أن التبشير بالمبادرة بدأ باتفاق في كسلا – داخل أروقة المكاتب الحكومية، معلنين توصلهم لتوافق سياسي يتبنى إقامة مؤتمر تشاوري نص عليه في مسار شرق السودان.

وأضاف: “يستوجب علينا التأكيد بأنّ هذه الطريقة الانتقائية لكوادرها المشوهة لا تنطلي علينا، وهي مُحاولة لتمييع وتشويه قضية الشرق المصيرية، وعليه نعلن الرفض القاطع لهذه المبادرة المشوهة والمختزلة القاصرة على أشخاص بعينهم دون مراعاة للمواثيق والأعراف والتقاليد التي كانت سنداً وعهداً يعيش عليها إنسان شرق السودان. وندعو قيادة الدولة متمثلة في مجلس السيادة بالإيقاف الفوري لتدخلات وتجاوزات قادة النظام المباد وأذرعهم في الأجهزة الأمنية ومنع تصنيف وتفتيت مجتمع الشرق، على أساس جهوي وإقصاء رجال الإدارة الأهلية والطرق الصوفية والقيادات. ونؤكد بأن هذا السلوك لن يكون مدخلاً للأمن والاستقرار أبداً”.

 

يُذكر أنّ المجلس الأعلى لنظارات البجا أعلن رفضه لمسار الشرق في اتفاق جوبا للسلام بشكله الحالي. وقال إنّ المبادرات الانتقائية والإقصائية الأخيرة تبنّتها جهات معروفة تحيك المؤمرات والدسائس وتعمل في الخفاء بما في ذلك إعادة مسار الشرق – مسار الفتنة عبر بوابة مفوضية السلام التي تعلن تمسكها بتنفيذ مسار الشرق.

وأظهرت أيضاً وثيقة مسربة من نظارات البجا، أن الأخير اتفق مع المجلس السيادي على إعادة النظر في بنود اتفاق السلام الموقع في جوبا، وخصوصاً ما يخص مسار الشرق. وتم تقديم مسودة تفصيلية لمطالب إقليم شرق السودان من تاريخه، ولكن لم يتم تنفيذ أي بند من البنود المتفق عليها – بحسب الوثيقة – وقال مجلس البجا إنّه “بعد مرور ما يقارب العام على الاتفاق بالتعاون المشترك، يؤسفنا إبلاغكم أن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة لن ينحاز إلّا لمطالب الشعب في إقليم شرق السودان، وعليه سيعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا بشكل منفرد تشكيل حكومة شرق السودان – منتصف أبريل – وستعمل حكومة شرق السودان والتي سيترأسها محمد محمد نور محمد همدويا فور تشكيلها على أداء مهامها”.

 

وفي ظل انتشار الأزمات والخلافات والصراعات السياسية في السودان، والحرب التي أدت إلى مقتل آلاف السودانيين ونزوح الملايين داخل السودان واللجوء إلى دول الجوار في إطار أكبر عملية نزوح منذ الحرب العالمية الثانية، يظل المواطن البسيط هو مَن يدفع فاتورة تلك الصراعات، إذ يتعرض الآن الكثير من السودانيين إلى النقص الحاد في الغذاء والدواء، ويموت الأطفال بسبب الجوع، وتهدد المجاعة البلد الغني بموارده الطبيعية، ويطلق عليه في ذات الوقت (سلة غذاء العالم).

شارك الخبر

Comments are closed.