كتب: عطاف محمد مختار
حطّت طائرة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مطار بورتسودان، صباح اليوم، مُعلنةً زيارة أول رئيس وزراء وقائد أجنبي إلى السودان منذ اندلاع حرب 15 أبريل 2023.
بدا العناق بين البرهان وآبي أحمد حميماً؛ كأنهما أصدقاء لم ينزغ بينهما الشيطان من قبل.. حرص آبي على أن يكون ممسكاً بيد البرهان أثناء السير في السجادة الحمراء.
كذلك رد البرهان التحية، فكان هو قائد السيارة التي تقل آبي أحمد من المطار حتى قصر الضيافة القابع على كورنيش البحر الأحمر.
تقول المصادر، إنّ رئيس الوزراء الإثيوبي لم يحل رحاله على بحر القلْزُم، لمجرد زيارة روتينية عابرة، بل كان يحمل في حقيبته (3) ملفات مهمة، أولها:
*ملف الحدود والفانو: الشهر الماضي توغلت مليشيات الفانو الإثيوبية داخل منطقة الفشقة السودانية، يريد آبي أحمد أن يتبرّأ من هذا الأمر – وهو مُحِقٌ هنا – فالتمرد الذي شنته الفانو على النظام الإثيوبي مؤخراً، بات يُشكل صداعاً دائماً في رأسه، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تُمسك بتلابيب أديس أبابا. وأصبح الإطاحة بكرسي حكم آبي أحمد مطلباً ملحاً لقومية الأمهرا. فعقب اتفاق بريتوريا لسلام إثيوبيا، صار الأمهرا مغبونين من آبي أحمد، ويعتقدون أن الأخير باعهم بثمنٍ بخسٍ، عقب قتالهم الضاري معه لكسر شوكة التيغراي. فلا يريد آبي أحمد أي توترات مع السودان تأتي من خلال تفسيرات خاطئة، أو تصبح الفشقة منطقة ومنصة خلفية ينطلقون منها لضرب قواته. ويُقرأ هذا الأمر مع نشر أسمرا للقوات الإريترية على طول حدودها مع إثيوبيا، حيث لا يريد أن يتم الإطباق عليه، كما أطبقت القوات الإريترية على التيغراي عندما كانت متحالفة حينها مع آبي أحمد.
ملف التيغراي: يتخوف نظام آبي أحمد من أن ترد له الخرطوم الصاع صاعين، عقب تصريحاته في 10 يوليو العام الماضي، بضرورة فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة من السودان، كما وجه اتهامات للخرطوم فُسِّرت بضرورة عزل البرهان وأركان حربه. مخاوف آبي مردها ان مئات الآلاف من لاجئي التيغراي الإثيوبيين موجودون في شرق السودان، إثر حربه التي شنها عليهم في السابق. ويتخوف أن يصبحوا نواة لحرب قادمة تقتلعه من الكرسي، فلولا التدخل الدولي، لكان نظامه أثر بعد عين، إذ كان جحافل التيغراي تقترب بضع كيلومترات من بوابات أديس أبابا.
إضافةً لذلك، توغل مليشيا الدعم السريع واقترابها من حدوده؛ عقب اجتياحها لسنجة والدندر، وباتت على مقربة من القضارق، إذ يخشى آبي أحمد من تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين، في ظل فقره الاقتصادي الذي لم يستطع من خلاله أن يلبي احتياجات بضع آلاف من السودانيين الذي فروا إلى إثيوبيا عقب اندلاع الحرب، وما معاناة السودانيين الحالية في غابات إثيوبيا ببعيد.
مع الأخذ بعين الاعتبار، أن للخرطوم يداً عليا في دعم حركة التحرير في إثيوبيا، عندما دعمت الرئيس الإثيوبي الراحل ملس زيناوي، في دك نظام منقستو هيلا مريام الشيوعي، حيث كان يدير غرفة التحكم والسيطرة من الخرطوم، وغادر منها إلى إثيوبيا بطائرة يقودها الجنرال الفاتح عروة.
ملف الوساطة: أوردرت وكالة رويترز اليوم تقريراً، قالت فيه، إنّ آبي أحمد الذي يُعد حليفاً لأبوظبي، التي يتهمها السودان رسمياً في مجلس الأمن بدعم تمرد مليشيا الدعم السريع، وهي مزاعم تنفيها الإمارات، لكن خبراء الأمم المتحدة يقولون إنها ذات مصداقية.
في وقت قال آلان بوسويل مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية: “السؤال الكبير الذي يطرحه الكثيرون هو ما إذا كان آبي يستطيع أن يضع نفسه وسيطاً بين البرهان والإمارات، أو يحمل رسائل بينهما”.
هنا تقول المصادر، إنّ آبي أحمد، بالفعل قد قرأ هذا الملف على مسامع البرهان، موضحاً له أن أبوظبي فعلاً طورت مقدرات الدعم السريع عسكرياً – قبل الحرب، وذلك من خلال بروتوكول عسكري موقع بين الخرطوم وأبوظبي، لكن بعد الحرب لم تقدم المزيد لها.
ونصحه بضرورة أن يترك الباب مُوَارَبَاً، أمام الإمارات، وقال إنها يمكنها لعب دور كبير في وقف الحرب عبر علاقاتها الوطيدة دولياً وإقليمياً وداخلياً في السودان.. بل ذهب أبعد من ذلك وقال إنها مستعدة للإسهام بنسبة كبيرة في الإعمار بعد توقف الحرب في السودان.
*البرهان طمأن آبي أحمد، بأن السودان لن يطعن إثيوبيا في خاصرتها عبر ملف الحدود، ولن يدعم أي فصيل إثيوبي للتمرد على أديس أبابا.
*كذلك طالبه بإيجاد حلول عاجلة لأزمة اللاجئين السودانيين في إثيوبيا.
*وفيما يتعلق بملف الوساطة مع أبوظبي، قال البرهان إن الملف رهينٌ بما ستبديه أبوظبي من حُسن نوايا – دولياً وإقليمياً على الصعيد السياسي والأمني تجاه السودان في الفترة القادمة.
*عطاف محمد مختار
Comments are closed.