القائم بأعمال السفارة الصينية بالسودان “تشانغ شيانغ هوا” لـ(السوداني): سوف نبذل الجهد من أجل المُشاركة في إعادة إعمار السودان
منذ اندلاع الحرب في السودان، بذلت الصين جهوداً كبيرةً لإيقافها .. والشعب السوداني يعاني في ظل هذه الظروف الاستثنائية، نقدر جهوده وصموده
تأثير كبير على الحركة التجارية والاقتصادية في السودان، ونرى الشعب السوداني يُعاني في ظل هذه الظروف الاستثنائية، نقدر جهوده وصموده تجاه هذه المعاناة
بورتسودان: سوسن محجوب
تُعد الصين دولة مهمة في توازن محاور القوى العالمية، ولطالما شكّلت حائطاً تستند عليه البلدان الفقيرة والمهمشة من سيطرة الغرب وبطشه، الصين لها رؤيتها في إدارة مصالحها في الدول التي توجد بها، فهي غير مُنشغلة بهندسة أنظمة الحكم في تلك الدول كما يفعل الغرب عادةً، الجميع صديقها، عند اندلاع حرب أبريل، غادرت معظم البعثات الغربية الأراضي السودانية، لكن الصين ظلت تدير نشاط بعثتها بالعاصمة المؤقتة بورتسودان من داخل شركة الموانئ السودانية ـ الصينية.
(السوداني) التقت القائم بأعمال السفارة الصينية بالسودان “تشانغ شيانغ هوا” وأدارت معه نقاشاً حول حرب السودان وأشياء أخرى.
*أين الصين من الحِراك الدولي لإنهاء الحرب في السودان؟
السودان بلدٌ مهمٌ، لكنه ومنذ فترة ليست قصيرة ظل يعاني، نحن نهتم بأمنه واستقراره، والصين عضوٌ دائمٌ في مجلس الأمن الدولي، وفي السنوات الأخيرة طرحنا مبادرات عالمية عديدة مهمة، منها مبادرة للأمن، وللتنمية وأخرى حول حوار الحضارات.
في مجال الأمن، الصين طرحت مبادرة في العام 2022، وبفضل هذه المبادرة تَمّ تحقيق المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، والصين تواصل جهوداً حثيثة من أجل قضايا الشرق الأوسط، حيث طرحت مبادرات عديدة فيما يتعلق بقطاع غزة، ومنذ اندلاع الحرب في السودان، بذلت الصين جهوداً كبيرةً لإيقافها؛ وإعادة الإعمار، إذ دعا مندوب الصين في الأمم المتحدة وعبر نداءات مُتكرِّرة لإيقاف الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار في السودان، فضلاً عن دعوته المجتمع الدولي لمضاعفة الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف، والصين تغتنم كل الفرص لبذل الجهود لتحقيق وقف الحرب؛ وتحرص على سيادة السودان ووحدة أراضيه وسلامة الوضع في البلاد، وسوف تُواصل كل الجهود لتنفيذ مُبادرة عالمية للأمن على أرض الواقع، وسوف نتواصل مع الجانب السوداني بهذا الخُصوص.
*يلاحظ غياب المنظمات غير الحكومية الصينية والدعم الصيني الرسمي في مجال المساعدات الإنسانية لضحايا الحرب؟
منذ بدء الأحداث المُؤسفة، الصين تُقدِّم الدعم، في أغسطس الماضي قدّمنا أجهزة طبية، وفي أكتوبر قدّمت الصين أكثر من “ألف طن أرز” إلى الشعب السوداني، وشاركنا في تدشين توزيعه عبر قوافل إلى الولايات المختلفة، ووجدت الخطوة إشادةً من والي الخرطوم على هذا الدعم، وفي هذا العام أيضاً قدّمنا دعماً مختلفاً، حيث أرسلت الصين “المبيدات”، والآن نحن نعمل على إيصال التبرع الصيني من الأرز، لكن بكميات أكبر، وسوف نواصل جهودنا من أجل المزيد من الدعم، كما أننا نتواصل مع المنظمات الدولية لتقديم التبرعات إلى السودان، كذلك نهتم بالدعم في مجالات أخرى مثل تدريب الكوادر البشرية.
*هل يُمكن أن تساهم مبادرة الحزام والطريق في إعادة إعمار السودان؟
السودان بلدٌ مهمٌ جداً، فهو دولة عربية أفريقية مسلمة، وله موقعٌ جغرافيٌّ مميزٌ في القارة الأفريقية ويلعب دورا مهما، وبلد شقيق، وهناك روابط وثيقة وعميقة بين السودان والصين ويرجع تاريخها منذ زمن قديم، هذا العام يصادف الذكرى السنوية لتلك العلاقات التي عمرها “65” عاماً لبدء العلاقات الدبلوماسية، وفي العام 2017، زار نائب رئيس مجلس الوزراء الصيني، السودان ووقّع مذكرة تفاهم بخصوص مشاركة السودان في مبادرة الحزام والطريق، منذ ذلك الوقت بدأت جهود مُشتركة في مبادرة الحزام، والتي تشمل مجالات التعاون في قطاعات عديدة، مثل قطاع النفط، التجارة، البنى التحتية، الثقافة والزراعة وتأهيل الكوادر البشرية، ومجالات التعاون مع السودان تتوسّع وتتعمّق، ونرى الشركات الصينية تشارك بكل فعالية في مسيرة تطوير السودان الذي يتمتّع بإمكانيات مُتميِّزة وموارد يمكن استغلالها بصور مختلفة مثل قطاع الثروة الحيوانية والمائية، نتمنى أن يعود الأمن والاستقرار ويحقق تنميته.
*ما هو حجم تأثير الحرب على الاستثمارات الصينية؟
بالنسبة للأضرار، حتى الآن لا يوجد رقمٌ معينٌ، ولكن نحن نرى بأن هناك تأثيراً كبيراً على الحركة التجارية والاقتصادية في السودان، ونرى الشعب السوداني يعاني في ظل هذه الظروف الاستثنائية، نُقدِّر جهوده وصموده تجاه هذه المعاناة وسوف نبذل الجهود من أجل المشاركة في إعادة الإعمار.
*بعد سقوط نظام البشير تراجعت العلاقات السودانية الصينية؟
حقيقةً، العلاقات السودانية الصينية مستمرة ومتواصلة، وفي السنوات الأخيرة، هناك بعض الأسباب، منها جائحة كورونا التي عرقلت التنقل والتواصل بين الدول المختلفة وكلنا خسرنا منها.
*عفواً أتحدّث عن الجانب السياسي، هل كان التقارب بين السودان والغرب بعد سقوط البشير خصماً على العلاقة معكم؟
على كلِّ حالٍ، نحن نرى أن السودان لديه سياسة ثابتة، وكما قلت هو من الدول العربية والإسلامية والأفريقية والدول النامية المُهمّـة لنا، ولها مواقفَ بنّاءة، كما أننا نرى السودان من الدول النامية المُهمّـة، ونحن نُقدِّر موقف السودان إزاء سياساته الخارجية، كما نرى فيه الرغبة والطموح في لعب دور حيوي في الشؤون الإقليمية وحتى الدولية ونُقدِّر هذه المواقف.
*أين مشروعات مبادرة الحزام والطريق في السودان؟
هذه المبادرة عالمية طرحتها الصين، لكن هي مِلْك الجميع ونُرحِّب بمشاركة السودان، ونحن نتواصل مع السودان وكل الشركاء، ونعمل على إعداد الخُطة لتنفيذ هذه المُبادرة.
*هل توقّفت بسبب الحرب؟
بعد الأحداث المُؤسفة، غادرت معظم الشركات الصينية السودان، الآن هناك بعض الشركات تعمل في المشاريع الحيوية، والكثير يفكر في العودة إلى السودان بعد توقُّف الحرب وعودة الأمن والاستقرار، والكثير من الشركات الصينية لديها اهتمامٌ بالسودان.
*دور السفارة في تقديم العون للنازحين داخل ولاية البحر الأحمر؟
في الفترة الأخيرة، قدّمنا مواد الإيواء، الخيام، والآن لدينا مستلزماتٌ في الجمارك بعد تخليصها سيتم توزيعها، والشركة الصينية تتعامل مع الجهات المُختصة لتنفيذ، مشاريع الطاقة الشمسية في العديد من ولايات السودان ــ بينها البحر الأحمر، هو مشروعٌ مُهمٌ، خاصةً أنّ السودان غنيٌّ بالطاقة الشمسية.
*برأيك هل هناك معايير مُتّفق عليها لتقيم حالة حقوق الإنسان في أيِّ بلد، خاصةً وبلدكم تواجه نقداً من الغرب؟
أولاً حقوق الإنسان هي حقوق أساسية لشعوب دول العالم أجمع للعيش بصورة كريمة، ولكن لكلِّ بلد ظروفٌ وخصائص تُميِّزها يجب احترامها، مع التأكيد على وجود قواعد واللوائح يجب الالتزام بها، والمهم التعاون والتنسيق بين حكومات الدول في مجال تحقيق عادل لحقوق الإنسان، والمهم أيضاً احترام جهود حكومات الدول لتحقيق العدالة لحقوق الإنسان.
*كيف تقيم الصين خطوات إعادة إصلاح مجلس الأمن الدولي؟
نحن نرى ان العالم يتغير بسرعة، وموضوع الحوكمة العالمية مهم جداً، كل دول العالم طرحت أفكاراً واقتراحات، ومبادرات عديدة حول إعادة الإصلاح، وكلها مبادرات قيّمة، نحن نرى أنه يجب أن يكون الحل جذرياً ويتم عبر حزمة واحدة متكاملة وليست بمعالجة الموضوعات بصورة منفردة، بمعنى معالجة (موضوع ومن ثم الموضوع الآخر)، هذا لا ينفع، يجب أن تكون المعالجة بصورة جذرية وفق حزمة واحدة وليست بتجزئة الحلول التي تؤدي إلى تفاقم الآراء، المختلفة وتعمق الانقسامات، والقوة في الوحدة، الصلح فوق كل اعتبار، هناك فعلاً آراء متعددة واتجاهات متعددة ولكن المهم أن نتشارك القيم والمصالح المشتركة.