التخطيط الاستراتيجي وظاهرة الفريق/ فتح الرحمن محيي الدين
تمهيد:
لنستبين أمر التخطيط ولماذا إفرد له هذه الرسالة أقول:
أولاً: التخطيط وظيفة إدارية يجب على شخص يتبوأ منصباً إدارياً (من قمة الهرم الوظيفي إلى مستوى المشرف/ فورمان في قاعدة الهرم) ذلك لأن التخطيط يعني في أبسط تعريف؛ كيفية التعامل مع المستقبل الذي يبدأ من اللحظة/الدقيقة المقبلة. هذه الكيفية تستدعي قدراً كبيراً من إمكانيات التنبؤ واستقراء المستقبل، ليس بافتراض الوصول للحقيقة الكاملة عن المستقبل (إذ لا يعلم الغيب إلا الله)، بل للتعامل مع المستقبل بعلم وشيء من الهدي يستعان بهما لسبر غور وبث نور يُستضاء به ظلمات المستقبل.
ثانياً: تنبع أهميته كذلك من كونه يسبق الوظائف الإدارية الأخرى، إذ أنّ عملية التخطيط تستوجب تحديد أمرين أساسيين:
1.الغايات/ الأهداف المراد تحقيقها والتحقق من تحقيقها خلال فترة الخطة.
2.الفترة الزمنية/ المدى الزمني المطلوب ومحسوب بدقة لإنجاز وتحقيق أهداف الخطة.
هذا وقد عرفنا مقومات الخطة (الأهداف والمدى الزمني) نقول إن كل أنواع الخطط وبكل مسمياتها المختلفة (خطة/ مشروع/برنامج/ موازنة/استراتيجية….الخ) تلتقي في هذه المقومات التقاءً كاملاً لا لبس فيه.
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا كل هذا الصيت والتعظيم في شأن “التخطيط الاستراتيجي”؟ حقيقة الأمر وكل ما في الأمر يمكن في جاذبية كلمة “استراتيجية” بالنسبة لكل السياسيين والإعلاميين وكثير من الأكاديميين وغيرهم من الذين يحشرون هذه الكلمة في حديثهم ابتغاء تعظيم الذات!!! حقيقة الأمر أنّ “الاستراتيجية” مثلها مثل أي خطة لا تخلتف عنها سواء أن أهدافها أكثر عدداً وأوسع تنوعاً وأن مداها الزمني أطول (تجدر الإشارة هنا أنه من المتفق عليه أنّ المدى الزمني للاستراتيجية هو عشر سنوات).
ما جاء ذكره أعلاه هو تعريف للتخطيط كعلم وأهميته كوظيفة إدارية. تعقب هذه الخطوة خطوة تصميم الخطة/ الاستراتيجية وتعقبها خطوة التنفيذ، تعقبها خطوة المتابعة والتقييم، هذا_ دون شك من حيث التسلسل النظري _ أما من حيث الواقع المعاش فإنّ الخطوات الثلاث (تصميم/تنفيذ/ متابعة وتقييم) تأثر وتتأثر ببعضها البعض في حالة تغذية مرتدة/ feedback.
ما جاء ذكره أعلاه هو التخطيط بكل ما ينتج عنه من خطط مختلفة الأنواع والأهداف والمدى الزمني.
للنظر الآن إلى كيف تعامل/تناول الفريق/ فتح الرحمن محيي الدين أمر “التخطيط الاستراتيجي” وبما أني لم أجد للفريق كتاباً أو مقالة علمية أو وثيقة أو مستنداً، فقد اعتمدت على تعليقاته التي أدلى بها لبعض القنوات الفضائية خلال أكثر من سنتين. إن اهتمامي بتعليقات الفريق أتى من حيث أن الإدارة تخصصي وأدرس التخطيط الاستراتيجي في برامج الماجستير ودكتوراة إدارة الأعمال لعدة سنين. كما أن اهتمامي بتعليقات الفريق جاءت من أنه أصبح يستضاف في القنوات الفضائية، ليس لكونه خبيراً في “التخطيط الاستراتيجي” فحسب، بل لأنه يمثل المؤسسة العسكرية.
حقيقة لم أجد في تعليقات الفريق أي شيء يفهم منه أنه على دراية بأمر التخطيط الاستراتيجي أو ربما يعلم، ولكنه أخفق في القول. فيما أعتقد أنّ الفريق يعرف عن الإمبراطور الفرنسي/ نابليون بونابرت أول من استحدث كلمة “استراتيجية” واستعملها لتعني “أن تتعلم لمعرفة نقاط ضعف عدوك وتستغلها”. كنت أعتقد هكذا، ولكن تعليقات الفريق بأنه قدم لنا تحليلاً ولو أولياً عن نقاط الضعف التي تعرف عليها في عدوه، وعلى ضوئها وضع استراتيجية للإنفاذ منها لدحر عدوه، بل إنه وبمرور عمر الحرب اللعينة العبثية كلما ابتعدت المساحة والمسافة بين تعليقات الفريق و”التخطيط الاستراتيجي”. لهذا يمكننا القول بأن الفريق/ فتح الرحمن محيي الدين لم يقدم لنا في تعليقاته المختلفة ما يُفيد بعلاقته وصلته بالتخطيط الاستراتيجي.