القتل العام والموت

كتب: د. عمار حسن خميس

هنالك فرق كبير بين القتل والموت رغم ان النتيجة هي الوفاة، اي استيفاء الفرد ما كتب له من الحياة. لكن القتل دوماً يحدث بهدم البنية، اما الموت هو ما يكون بزهق الروح دون هدم للبنية. الآن يومياَ تسوق لنا الأسافير اخبار الموت والقتل، وعندما نمعن النظر نجد ان القتل عشوائي ويتم بصورة مفاجئة خاصة مع هذه الحرب الدائر رحاها فى بلدنا الحبيب. اما الموت فلم ينج منه الذين فروا من ويلات الحرب كلهم وجميعاَ استوفوا مدة حياتهم فزهقت أرواحهم إما موتاً أو قتلاً.

الشهادة فى الحالتين إذا توفرت شروطها جائزة من عند الله.

ألبرت أنشتاين عندما حاول أن يثبت نظرية الجاذبية الأرضية، ذهب إلى مذهب غير ذلك الذي ذهب اليه نيوتن، فهو ادخل الزمن كمحور رابع وادخل نظرية انحاء الزمن والمكان وهو ما يعرف بالزمكان “هو انحاء الزمن والمكان” spacetime وقال ليس الموت أو القتل الذى يأتي اليك بل نهاية عمرك موجودة في محور الزمن و انت التي تمشي لنقطة النهاية حتى تصلها.

 

الموت عموماً من الأسرار الخمسة التي لم يملِّكها الله لملاك منزل او رسول مرسل وهي ضمن الخمسة المذكورة فى نهاية سورة لقمان: “إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”.

الآية ذكرت الموت ولم تذكر القتل او الوفاة، والموت مترادف مع الكلمات الأخرى إلا انه شيء منتظم، انت يوميا في حركة متقدما فى محور الزمن حتى تصله وهو تماما ما نقرأ “لكل أجلٍ كتاب”.
الشاهد حالة الموت فى الحالة السودانية عبرة لمن يعتبر من استوفى عمره توفي كيفما قدرها الله قتلا عشوائيا او موتا حيثما تفادى حيز الموت العشوائي. الموت خفية وحقيقته المطلقة فى هذه الخفية فهو قريب بشكل لا يمكن تخيله انه اقرب من حبل الوريد تسمعه وتقرأه يومياً في حق غيرك ومحبيك وبعضك وتحزن لسماعه عند غيرك وأنت في نفس اللحظة فى الطريق اليه وربما تكون قريباً جداً منه.

 

الموت ليس له مكان ولا وقت ولا سبب ولا خيار هكذا شيء اقرب منك لك. مهما حاولت أن تجعل نفسك مستعداً له فهو المصيبة التي بين ظهرانينا. لا يستغرب ولا يؤلف ولا يستأنس أبداً. كثير من الناس يتحدث عن الموت في ايام طيبة والأيام كلها أيام الله يوم خلق السماوات والأرض.

الموت فقط جعل الله مآله الجيد بشيء حصرى (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أو فى الاستيفاء “إلا من أتى الله بقلبٍ سليم”، الأولى كل المسلمين داخلون فيها بفضل الله وهدايته، اما الثانية هي التحدي المنتظر ان تسلم هذا القلب. وهذا هو مربط الفرس، وهو ان تسلم كل شيء لله وإلا يكون بعد امر الله امر آخر واجعل قلبك دوماً في هذه الحالة من التسليم دون ظن أو اعتقاد غيرها.

رحم الله الذين يستوفوا آجالهم وذهبوا إلى رب رحيم. الموت يخاطب به الأحياء وليس الأموات. اما من مات فقد قامت قيامته. أسأل الله أن يرحم موتانا جميعاَ ويرزقنا حسن الخاتمة وهو الإسلام وسلامة القلب. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.