شهدت القارة الإفريقية انحسارًا كبيرًا للنفوذ الفرنسي في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك نفوذها في دول، لم يدر بخَلَد صُنّاع القرار الفرنسيين، خروجها من العباءة الفرنسية، مثل: “إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو والنيجر”، بعد أن كانت فرنسا واحدة من القوى الاستعمارية الرئيسية والأساسية في القارة.
لتعود وتظهر مؤشرات قوية على محاولة باريس إعادة بسط نفوذها عَبْر أدوات غير تقليدية، تؤمن لها الهيمنة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً، لإعادة وضع فرنسا في مكانة متقدمة في النظام الدولي، مُستغلة بذلك أزمات أمنية داخلية لدول معينة، وانقسامات سياسية في دول أخرى لتحقيق مآربها، كما تستغل الفوضى المستعرة في السودان بعد انقلاب ميليشيات الدعم السريع، على السلطة الرسمية بقيادة الجيش.
وبحسب ما نقلته صحف سودانية محلية، أفادت مصادر بأن ميليشيات الدعم السريع تؤمن في عدد من المناطق الحدودية الخاضعة لسيطرتها معسكرات تدريب لمتمردي تحالف الوطنيين من أجل التغيير، وهو ائتلاف من الجماعات المسلحة في جمهورية أفريقيا الوسطى تشكلت في عام 2020 لمنع إعادة انتخاب الرئيس فوستان آرشانج تواديرا، وذلك بالتعاون مع مستشارين عسكريين أوكرانيين، كانت قد تحدثت وكالة (سي إن إن) الأمريكية عن ضلوعهم في الحرب في السودان.
وأضافت المصادر بأن المستشارين الأوكرانيين يشرفون على تدريب قوة قتالية كبيرة في هذه المعسكرات لإرسالها في مهمات إلى جمهورية إفريقيا الوسطى ضد نظام فوستان آرشانج تواديرا، “المعادي” لفرنسا.
وأشارت المصادر إلى أن باريس تقف وراء تشكيل هذه المعسكرات وتوجيه المستشارين الأوكرانيين، كونها تحاول الانقلاب على نتائج الانتخابات في جمهورية إفريقيا الوسطى التي أطاحت بالرئيس الموالي لها آنذاك فرانسوا بوزيزيه.
يُشار أن المحكمة الدستورية العليا في إفريقيا الوسطى رفضت طلب بوزيزيه في 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، الترشح لانتخابات الرئاسة لاتهامه بارتكاب جرائم وإبادة جماعية ضد الإنسانية وإدراجه ضمن قائمة عقوبات الأمم المتحدة.
وكانت قد تحدثت عدة صحف عالمية عن حروب الوكالة التي اتخذتها الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، كوسيلة رئيسية لاستعادة الهيمنة في الدول الإفريقية التي ارتدت عنها، حيث تستغل فرنسا حجة النظام الأوكراني “لمحاربة الروس ومصالحهم في كل مكان” كذريعة لإرسال مختصين ومستشارين أوكرانيين إلى دول إفريقية وتنفيذ عمليات تخدم مصالح باريس الخاصة.
الجدير بالذكر أن الحرب في السودان التي اندلعت في 15 إبريل 2023، بعد خلافات عن مدة وكيفية دمج ميليشيات الدعم السريع في الجيش، بناء على الاتفاق الإطاري المدعوم من الأمم المتحدة، ومن القوى المدنية الباحثة عن الديمقراطية. وانتقلت الحرب التي بدأت في العاصمة الخرطوم إلى 14 ولاية سودانية، وفي بداية هذا الصراع قدمت القوات الأوكرانية دعماً للجيش السوداني، وساعدت القائد العام للجيش الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، في الخروج من الحصار الذي فرضته عليه ميليشيات الدعم السريع وسط العاصمة الخرطوم بحسب ما ذكرته وسائل إعلام آنذاك. ومع ذلك، أكدت بعض التقارير الصحفية في الأشهر الأخيرة أن القوات الأوكرانية تحالفت مع ميليشيات الدعم السريع وتقدم لهم الدعم في استخدام الطائرات المسيرة.