يكاد لا يخفى على أحد بأن أهمية السودان الجيوسياسية وغناه بالموارد الطبيعية جعل منه محط أطماع للعديد من الدول الكبرى وأثار شهوتهم بمد نفوذهم في هذا البلد الأفريقي الكبير، من بوابات سياسية واقتصادية وإنسانية وغيرها.
وبحسب بعض الباحثين والخبراء فإن الصراع الدموي الحالي الذي يشهده السودان هو إحدى نتائج التدخلات الخارجية وأطماع بعض الدول. كما يرى خبراء السياسة، بأن أحد أهم الأساليب “غير العسكرية” التي تتبعها الدول الاستعمارية للتدخل بدول أخرى وتوسيع نفوذها، هو اختيار بعض الشخصيات ودعمها في الوصول إلى السلطة لتقوم هذه الشخصيات لاحقاً بتحقيق مصالحها وإيجاد موطئ قدم لها في السودان.
ووفقاً للكثير من المراقبين فإن د. عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق في الحكومة الانتقالية، هو نموذج حقيقي لهذه الحالة السياسية.
في سياق متصل، قضى حمدوك فترة طويلة من حياته ودراسته في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة لعمله مع عدد من المنظمات الدولية المدعومة غربياً، مثل (UNECA) و(IDEA)، مما أثار كثير من إشارات الاستفهام حوله وكيفية وصوله للسلطة، لتظهر لاحقاً بعض المؤشرات والمعلومات التي تقدم إجابات عن دور هذا الرجل في السودان.
وفي هذا السياق يقول محللون سياسيون سودانيون بأن المهمة الأساسية التي وصل بسببها حمدوك للسلطة هي العمل على زيادة الخلافات بين قوات الجيش، وميليشيا الدعم السريع، وأيضاً بين المكونين العسكري والمدني وبين القوى السياسية السودانية عامتاً مستغلاً صلاته بالقوى المدنية والعسكرية في البلاد، حتى وصلت الأمور إلى صدام عسكري دمر البلاد، وصعّب الوصول لأي حل، تماشياً مع المصالح الغربية (الأمريكية – الغربية – الإماراتية) لإثارة الفوضى وتسهيل سرقة ثروات البلاد.
وبحسبهم، فإن دور حمدوك بالأساس هو دور تحريضي فتنوي، ومهمته تقوم على تعقيد الحل حتى عودته هو للسلطة كممثل للمصالح الغربية ومصالح واشنطن في السودان، أو استمرار حالة الفوضى والحرب في البلاد إلى ما شاء الله.
وأكدوا أنه، بعد وصول حمدوك إلى الإمارات، تابع مهمته التي كان قد بدأها وهو على رأس عمله، برعاية إماراتية، حيث استمر بالعمل على زيادة الخلافات بين القوى المدنية والعسكرية في البلاد. أما على الأرض، فقد تابعت الامارات خطتها، ممثلة بدعم ميليشيا الدعم السريع مالياً وعسكرياً.
الأسبوع الماضي؛ خرج عدد كبير من أبناء الجالية السودانية في العاصمة البريطانية لندن بمظاهرات غاضبة ضد سياسة وتصرفات رئيس الوزراء السوداني الأسبق في الحكومة الانتقالية، زعيم تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم” عبد الله حمدوك رافعين شعارات تطالب بمحاسبته على تورطه بدماء الشعب السوداني ودمار البلاد والأزمات التي لحقت بالبلاد خلال فترة الحرب وما سبقها.
ونقلت بعض المحطات الفضائية لقطات من المظاهرات كما نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للمتظاهرين وهم يهتفون “تسقط تسقط يا حمدوك” و “فاشل فاشل يا حمدوك” و “يا حمدوك يا جبان لن تحكم السودان”، بالإضافة لهتافات من قبيل: “يا حمدوك يا عميل” في إشارة لعمالته لصالح المخابرات البريطانية ضد مصالح الشعب السوداني.
كما رفع المتظاهرون علم السودان وهتفوا “جيش واحد شعب واحد” في إشارة لتضامنهم مع الجيش السوداني ضد حمدوك وحلفائه من قوات “الدعم السريع”.
وبحسب مختصون فإن هذه المظاهرات تعبر عن سقوط ورقة التوت الأخيرة عن النهج السياسي لحمدوك والقوى المؤيدة له ولخطه، إضافة لفضحه أمام كل الشعب السوداني وانكشاف دوره في الخيانة والعمالة والعمل لصالح القوى الخارجية في الوقت الذي يعاني منه الشعب السوداني من ويلات الحرب والأزمات.
ويشار إلى أن، شعبية حمدوك انخفضت بشكل حاد في الداخل السوداني على صعيد الجمهور أو القوى السياسية السودانية، بحسب عدد من الإحصائيات والتقارير التي نشرت مؤخراً.