أزمة المواصلات!!

لقطة معاذ جوهر

شارك الخبر

مَن المسؤول؟ والساعة تُشير إلى العاشرة مساءً، كان موقف بحري يكتظ بالمُواطنين، تبدو على ملامحهم آثار الإنهاك والإعياء من جرّاء يوم طويلٍ، طالت ساعات الانتظار والقلوب على وجلٍ، وبدأ التوتر يعتري الجميع، منهم من غادر راجلاً، ومنهم من جلس يستريح عسى ولعل يأتي الفرج لتختلط الأحاسيس ما بين السخط واللعن والإحباط.. وفي غمار كل ذلك تلوح عربة من بعيدٍ، وكلما تقترب أكثر تزداد ضربات القلب فيهرول الجميع نحوها كأنّهم في سباقٍ ماراثوني، الكل يُحاول أن يجد مقعداً، وقبل أن تَكتمل ملامح الفرح يتفاجأ الجميع بعبارة تخرج من السائق تقضي على كل الآمال والتّطلُّعات (أنا ما راجع)، ما أقسى تلك العبارة في ظرفٍ استثنائي لتعلو الأصوات، ويبدأ مسلسل من التّوسُّل والرجاء والسائق في غرورٍ وعنجهيةٍ يصر على موقفه، ثم يدنو على جنب مع أحد الأشخاص يتحدّثان همساً والعيون تُراقب المََوقف من بَعيد، ليعود إلى العربة ويصيح من كان معه، الكدرو على 15 جنيهاً، لا مكان للاحتجاج في تلك اللحظة، الكل مُرغمٌ بعد أن أعياهم الانتظار والتعب فيركب الجميع في صَمتٍ خاضعين لإرادة السائق، خَاصّةً وأنّ تعرفة الكدرو من موقف بحري لا تَعدو الخَمسة جنيهات فقط في الحَالات الحَرجة، نَاهيك عن الأيّام العادية التي لم تَشهد فيها المُواصَلات أزمات خريف أو وقود.. مشهد يتكرّر كل يومٍ في مواقف مواصلات الخرطوم، انتظار الكثير من المُواطنين وعودة آخرين إلى منازلهم سيراً على الأقدام بعد أن تقطّعت بهم وسائل الوصول، وليت مسؤولاً من السُّلطات رأي ذلك المَشهد وهو يتكرّر كل يومٍ، ويزداد في أوقاتٍ معلومةٍ تبدأ الساعة الرابعة وحتى الحادية عشرة ليلاً، وعشرات المُواطنين يصطفون في انتظار المركبات، والطريقة التي يتدافعون بها، حتى يرى بأم عينيه، ما يُعانيه المُواطن من ضياع وقته لهثاً وراء المُواصلات التي تكاد تنعدم، ففي كل المَواقف يبقى المَشهد واحداً، وهو اكتظاظ وازدحام اعتاد عليه المُواطن الذي يبقى تحت رحمة مزاج سائقي الحافلات. ورَغم كُل هَذا العَناء، لا تَجد المُشكلة آذاناً صاغيةً من الجِهَات المُختصة، ورغم توفير الولاية لعددٍ كَبيرٍ من البصات، إلا أنّ هنالك إجراءات أدّت إلى تفاقُم الأزمة، خَاصّةً أنّ مُعظم الحَافلات هجرت خُطُوطها بسبب ارتفاع أسعار قطع الغيار، وقرارات الحكومة السابقة بمنع استيراد الاسبيرات المُستعملة، وتصاعدت حِدّة الأزمة بتعطل العديد من بصات الولاية، وإضراب العاملين بها لعدم الإيفاء باستحقاقاتهم.. ومن أبرز أسباب أزمة النقل في الولاية، تزايُد الوافدين من الولايات بشَكلٍ كَبيرٍ، وأنّ التّنقُّل بالمُواصلات يمثل الوسيلة الوحيدة لشريحة كبيرة تتجاوز الـ (70%) من سُكّان الولاية البالغ (7) ملايين.. الازدياد السنوي لعدد الطلاب في الجامعات والمعاهد بالولاية، غالبيتهم يتنقّلون بالمُواصلات.. والازدياد السنوي للسُّكّان والوافدين من الولايات الأخرى بصُورةٍ مُتسارعةٍ.. مُعظم الوافدين من محدودي الدخل ويعتمدون في تنقُّلهم على المُواصلات.. كما أنّ مُعظم الحافلات قديمة ومُتهالكة وتحتاج إلى صيانةٍ مُستمرةٍ وأحدث موديل موجود حالياً 1996م، ما أدى إلى تساقُط وخُرُوج أعداد كبيرة من الخدمة. قبل الثورة أكّدت مَصَادِر أنّ فريقاً من وزارة البنية التحتية يتفاوض مع الوالي السابق الفريق أول هاشم عثمان لإعلان التّعرفة الجديدة رسمياً.. مُشيراً إلى أنّه يُوجَــد تذمُّرٌ وسط أصحاب الحافلات بزيادة قيمة التّعرفة دُون صُدور مَنشورٍ رسمي بهذه الزيادات.. فهل سَتتم زيادة التعرفة رغم الزيادة بدون منشور رسمي؟ حيث بلغت قيمة الرحلة لخط الإستاد – كوبري الحلفايا، خط الكدرو سابقاً “10” جنيهات مُقارنة بـ”4″ جنيهات لقيمة التذكرة بالمنشور، فيما ارتفعت تعرفة الهايس لذات الخط إلى “20” جنيهاً مُقارنة بـ”10″ جنيهات في السابق، وبلغ تعرفة خط الصينية – الكدرو “10” جنيهات مُقارنة بـ “6” جنيهات سابقاً.. وارتفعت تعرفة الميناء البرِّي – بحري إلى “5” جنيهات.. كما اشتكى عددٌ من مُواطني ولاية الخرطوم من وجود أشخاص يسيطرون على المَواقف بطريقة غير رسميةٍ أو قانونيةٍ يُعرفون بـ”الطرّاحين” ويعملون على رفع التّعرفة.. الجميع يَعرف بأنّ “الطرّاحين” هم من يُحَدِّدون قيمة التذكرة التي يجب أن يدفعها الركاب بدلاً من قيمة التذكرة الثابتة أو المَعروفة، وهُـم من يُحَدِّدون الوجهة التي يجب أن تذهب إليها المركبة.. وهناك بعض أصحاب الحافلات يتحايلون على المُواطن بتقسيم خط المواصلات إلى جزءين، ففي منطقة الثورة بالنص، خُضع المُواطنون لما يفرضه عليهم أصحاب الحافلات، حيث اخترعوا خطاً جديداً «الثورة بالنص – مهداوي» وهذا الخط لا وجود له أصلاً، وإنّما هي وسيلةٌ لاستغلال حاجة المُواطنين، وفي الأصل الخط هو «الثورة بالنص – خليفة»، إضافةً إلى أنّ أصحاب الهايس يرفعون سعر التذكرة المُرتفع أصلاً من “4” جنيهات إلى “5” جنيهات، ويضطر الراكب الذي أنهكه الانتظار لوقتٍ طويلٍ أن يقبل ويدفع دُون إبداء أيِّ اعتراض!!
فووكس
السؤال الذي يطرح نفسه، أين المسؤولون بالهيئة الفرعية لمُواصلات ولاية الخرطوم؟ هل يعلمون بما يَدور دَاخل المَواقف؟ وأين الضوابط التي ذَكروها؟ وهل هُنالك منشورٌ صادرٌ من الهيئة بزيادة التّعرفة؟ نتمنّى أن نجد إجابة لكل هذه التّساؤلات! هي أزمة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ ولم تنحج كل الجُهُود المبذولة في حلها، وباتت تمسك بخناق المُواطن دُون إبداء مُبرِّرات منطقيةٍ لها، لماذا لا يستفيد السودان من تجارب الدول المُجاورة؟ ولماذا لا تتعامل الجهات المُختصة معها بالحسم المَطلوب؟ وإلى متى سيظل المُواطن السُّوداني يدفع ثمن هذه الأزمات المُتكرِّرة؟!
أوت فووكس
هُنا أتساءل هل هُناك جُهُودٌ مبذولةٌ حقيقيةٌ للحل..؟

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.