بثمارهم تعرفونهمالحركات الشبابية والثورة.. لاعب جديد في المشهد السياسي

الخرطوم: محمد عبد العزيز

 

في السابع من أبريل الماضي طرح خطاب إبراهيم وآخرون في اعتصام القيادة مبادرتهم لتكوين ما بات يعرف بتحالف الشباب الثوري، بعد أن اعتبروا أن قوى إعلان الحرية والتغيير التي تنظم وتقود الاحتجاجات أغلقت باب التوقيع على الإعلان المنظم لقوى الثورة. إبراهيم ذو الـ(44) عاما طالب دكتوراه في علم الإدارة والمنشغل بالعمل الحر، وكان من مؤسسي حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم التي حملت السلاح في وجه النظام المخلوع وقادت مواجهة عسكرية وصلت فيها لمدينة أم درمان في العام 2008م.. إلا أن إبراهيم خرج عنها لاحقا والتحق بمفاوضات الدوحة في العام 2010م ليعود للخرطوم مع حركة التحرير والعدالة التي انبنت على فصائل مسلحة وشخصيات مختلفة، بيد أن الخلافات التي ضربت الحركة وصراعها مع المؤتمر الوطني دفع إبراهيم للخروج منها والتفرغ للدراسة والعمل الخاص.

فصائل شبابية
منتصف مايو دشن تحالف الشباب الثوري نشاطه بفندق القراند هولدي فيلا، وكشف التحالف عن مكوناته التي تضم شبابا داخل ميدان الاعتصام وجزءا من ثوار بري، الكلاكلة، جبل أولياء، بالإضافة إلى ثوار من ولايات النيل الأبيض، شمال كردفان، والبحر الأحمر. وقال خطاب إبراهيم: “نحن موجودون في الميدان، وعندما ذهبنا إلى القيادة العامة لم نستأذن، وشاركنا في التظاهرات وفجرنا ثورة ولا نأخذ الأذن من أحد حتى يعطينا تفويضًا”، معلناً عن رغبتهم في التفاوض مع المجلس العسكري، مشددا على أن المشروع الثوري لم يكن حكرًا على أحد.

ما وراء قاعة المؤتمر
وطبقا لمتابعات (السوداني) تبلغ تكلفة إقامة مؤتمر صحفي في فندق القراند هوليداي فيلا لقاعة تسعمائة شخص نحو 50 ألف جنيه دون تقديم مشروبات أو وجبات خفيفة، مما طرح تساؤلا عن تمويل المؤتمر وقدرة حركة شبابية ناشئة على تمويله خاصة أن معظم الحركات اتجهت لمنبر وكالة السودان للأنباء الذي تتراوح تكلفته بين 8 آلاف جنيه و18 ألف جنيه، تبعا لطبيعة التغطية التلفزيونية والخدمات الإعلامية المقدمة.
وقلل إبراهيم من الانتقادات التي طالت التحالف لعدم عقده المؤتمر الصحفي بساحة الاعتصام وقال: “هذا مؤتمر صحفي ونحن موجودون في ساحة الاعتصام ولم نغادر حتى هذه اللحظة واخترنا مكانا هادئا لإقامة المؤتمر”؛ لافتا إلى أن تكلفة المؤتمر لم تتجاوز مبلغ 25 ألف جنيه، مضيفا: “لدينا أعمالنا الخاصة ومواردنا الذاتية التي نمول منها، وإذا لم نقدر على تمويل مثل هذا النشاط فلسنا مؤهلين في العمل العام”.
خطاب إبراهيم بات لاحقا رئيسا لـ(تحالف الشباب الثوري) الذي يعتبر من أوائل الفصائل الشبابية التي تخلقت وتدّعي تمثيل الشباب الثوري غير المنتمي لقوى الحرية والتغيير التي وصلت حاليا لنحو 20 حركة. يقول: “عدم وجود قيادات واعية جعل الشباب تائها خاصة بعد فض الاعتصام”، معتقدا أن الثورة لم تحقق أهدافها بسيطرة النادي السياسي القديم.
رئيس تحالف الشباب الثوري يدعو لمناصفة المجلس التشريعي بين قوى الحرية والقوى السياسية الأخرى باستثناء المؤتمر الوطني بواقع 30% للحركات الشبابية و15% للقوى السياسية الأخرى التي كان جزء كبير منها مشاركا في النظام المخلوع.

كلمة السر.. (ثورة)
الناظم المركزي لخطابات الحركات التي تنوعت أسماؤها بين كلمات “شباب، وثورة، وتغيير”، يتعلق باتهام قوى الحرية والتغيير بالإقصاء وقيادة خط لإقصاء وعزل الآخرين عن الحراك الثوري الذي شاركت فيه معظم مكونات ثورة الشباب التي أطاحت بالنظام السابق واستبدال نظام شمولي بآخر أشد شمولية، لافتين إلى أن من ضمن الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها المجلس العسكري الانتقالي اعتقاده أن قوى الحرية والتغيير تمثل الشعب السودان، بينما الأمر ليس كذلك، مشيرين إلى أن قوى الحرية خذلت الشباب الذي كان يعول عليها لقيادة التغيير.
الأمين العام لقوى تجمع الثوار المعروفة اختصاراً بـ(وتر) أحمد يس، يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أنهم كشباب خرجوا من أجل التغيير وثاروا على النظام السابق لكنهم فوجئوا بسرقة الثورة، مشيرا إلى أن اتصالاتهم بالقوى السياسية يهدف لضرورة التوافق على تشكيل حكومة انتقالية بمجلس مختلط وبأغلبية عسكرية وجهاز تشريعي قومي وجهاز تنفيذي من الكفاءات.
التشكيك في تمثيل قوى الحرية والتغيير للثورة أو حتى اتهامها بالخيانة ومحاولة بعض الفصائل الدعوة لتغليب رؤية المجلس العسكري في تشكيل السلطة المدنية على حساب القوى المدنية، أو حتى مساندة المجلس بشكل علني كما أشار أحد متحدثي “الحراك القومي السوداني” ممثل الحركات المسلحة خالد آدم في حديثه لـ(السوداني) إلى أنهم يأملون أن تخرج الثورة بتحقيق متطلبات الشعب السوداني، ونساند المجلس العسكري لتحقيق أهداف السودان، متمنياً من قوى إعلان “الحرية والتغيير” ضرورة تقبل الآخر.
الحراك القومي السوداني الذي أعلن عنه منتصف رمضان الماضي في مؤتمر صحفي بقاعة الصداقة بدعوة تحمل اسم قوات الدعم السريع حسبما أعلن الصحفي صابر حامد، وجد اهتماما وتغطية حتى من قنوات عالمية تنتمي لدول تدعم المجلس العسكري.

قرائن ودلائل
العديد من الحركات الشبابية التي ولدت أو ستولد ويعلن عنها لاحقا لم تضم على الأقل حتى الآن قيادات سياسية معروفة من قوى الحرية والتغيير أو إحدى فصائله المعروفة كتجمع المهنيين الأمر الذي أضعف من قيمة الحركات وإن لم يقلل من عددها مما يجعل وجودها بمثابة إظهار بأن الساحة مليئة بالقوى الثورية غير قوى الحرية والتغيير وهو ما قد يمثل إسنادا سياسيا للمجلس العسكري إلا أن الفيصل سيكون بالقوى الفعلية.
بعض التحليلات تشير إلى أن الأجسام التي تم إنشاؤها لا توجد بيانات واضحة تشير لوجود صلة بينها والمجلس العسكري أو بعض الجهات المرتبطة به ولكن توجد قرائن قد تصلح للربط، على رأسها فتح وإتاحة مساحة داخل أجهزة الإعلام الرسمية وتكثيف التسليط الإعلامي عليها سيما بعد التحول الكبير الذي تلا فض الاعتصام وتصاعد اللهجة العدائية والتراشق الإعلامي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير والسياسة الإعلامية الجديدة التي اتبعت في الأجهزة الإعلامية الرسمية التي تقوم بتغييب قوى الحرية وممارسة حجب على مواقفها وتصريحاتها وهو ما يشبه نهج النظام البائد مما يعني أن تغييب قوى الحرية والتغيير وتسليط الضوء على الحركات الأخرى أمر منهجي.
خطاب إبراهيم يقول: “لا أحد يريد أن يقصم ظهر قوى الحرية ولكن الخطأ خطأ ولا يمكن لها أن تزايد على الآخرين لتصادر السودان لصالحها، ولو مدوا أيديهم سيجدون الجميع مساندا لهم فالجميع مع الحكومة المدنية”.
المحلل السياسي ماهر محمد الأمين يقدم رؤية للمشهد ويقول في حديثه لـ(السوداني): “على الرغم من الاتفاق بين منهج التفريخ والإنتاج الحالي لمجموعة جديدة مع ما كان يمارسه الوطني إلا أن الفرق سيكون في النتائج باعتبار أن الوطني كان يتمتع بالسلطة المطلقة وهو ما مكنه من استيعاب المجموعات المفرخة في مستويات الحكم المختلفة أو عبر تقديم تسهيلات اقتصادية للاستفادة من موارد الدولة مما يضيق خيارات المجلس العسكري الذي لا يمكن له إشراك هذه المجموعات في المجلس السيادي أو مجلس الوزراء لضعف الكفاءة وغياب السند التاريخي ولا يبقى له سوى منازعة قوى الحرية لإشراكهم في البرلمان عبر نسبة 33% النسب المخصصة للحركات المسلحة غير الموقعة وهو ما يعني تناقص هذه الحصة في الأساس، ويمثل تضييق الفرص مشكلة كبيرة لمن صنعها وسيؤدي التنافس لتشظي الحركات وتولد صراع أعنف فيما بينها سيكون أقرب لنموذج الحركات المسلحة”.
أما في حال وصول الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية لطريق مسدود ولجؤ العسكري لخيار الانفراد بالسلطة وإلغاء الاتفاق فسيجد نفسه يثير حذو الحافر بالحافر على خطى النظام البائد المتمثلة في الغرق في دوامة المحاصصة على أساس الترضيات ويخلق أجهزة يتولى إدارتها أشخاص عديمو الكفاءة والقدرات وهو ما يقود لانسداد جديد.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.